قمر الفراولة

قمر الفراولة يزين سماء الحدود الشمالية.. ولن تراه مجددًا قبل 2043!

كتب بواسطة: حسن بكري |

شهدت منطقة الحدود الشمالية مساء أمس، ظاهرة فلكية نادرة جذبت أنظار المهتمين بعلم الفلك والمصورين، تمثلت في شروق بدر شهر ذي الحجة، المعروف فلكيًا باسم "قمر الفراولة"، والذي يُعد البدر الأخير لهذا العام الهجري 1446هـ.

هذا الحدث النادر يتميز بكونه جزءًا من ظاهرة تحدث كل 18.6 سنة، ومن المنتظر ألا تتكرر قبل عام 2043م، ما جعله موضع اهتمام واسع في الأوساط الفلكية والإعلامية.
إقرأ ايضاً:كانسيلو: الهلال مستعد لمقارعة الكبار في كأس العالم للأنديةصيف ساخن في الرياض.. ورونالدو يشعل السوق بطلب مفاجئ

وقد أشرق القمر من أقصى نقطة في الأفق الجنوبي الشرقي، في وضعية تُعد الأبعد ضمن الدورة القمرية الكبرى، وهو ما يُعرف بظاهرة "أقصى انحدار جنوبي" لمسار القمر، ويعود هذا التغير في زاوية شروق القمر إلى ما يعرف علميًا بالدورة الميتونية، وهي دورة تمتد لنحو 19 عامًا، تعود خلالها مواقع البدر والقمر الجديد إلى ذات المواقع النجمية والزوايا المدارية التي كانت عليها في بداية الدورة.

ويعد هذا الوضع المداري استثنائيًا من حيث ميل مسار القمر نحو الجنوب، ما يجعل القمر عند شروقه أقرب إلى الأفق من المعتاد، ويظهر بحجم أكبر نسبيًا ولمعان أكثر بروزًا، خاصة في مناطق مثل عرعر، وطريف، والعويقيلة، التي تُعد من أفضل المواقع لرصده بفضل موقعها الجغرافي وخصائصها البيئية.

وفي هذا السياق، أوضح مختصون في الفلك أن اللون الذهبي المائل إلى الوردي الذي بدا عليه القمر عند شروقه يرجع إلى مرور أشعته عبر طبقات كثيفة من الغلاف الجوي، ما يؤدي إلى تشتت الأطوال الموجية القصيرة للضوء واحتفاظ اللون الأحمر والبرتقالي بمكانته البصرية، وهو ما يكسب القمر مظهرًا فريدًا ومميزًا.

و"قمر الفراولة" هو اسم اصطلاحي شاع في بعض الثقافات الغربية، ويُستخدم للدلالة على آخر بدر يظهر مع نهاية فصل الربيع، وله جذور تقليدية في تقاويم المزارعين الأمريكيين الأصليين، الذين ربطوا ظهوره بموسم حصاد الفراولة.

وقد شهدت هذه الظاهرة إقبالًا ملحوظًا من عدد من هواة الفلك والمصورين المحليين، الذين استغلوا صفاء الأجواء واتساع الأفق في توثيق المشهد، مستخدمين عدساتهم لالتقاط لحظات شروق القمر بلونه الاستثنائي وزاويته النادرة.

وامتلأت منصات التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية بصور ومقاطع توثق هذه اللحظة، والتي وصفها البعض بأنها واحدة من أروع المشاهد القمرية التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الأخيرة.

وتُعد منطقة الحدود الشمالية، بما تمتاز به من انخفاض نسبي في التلوث الضوئي واتساع المساحات المفتوحة، واحدة من المواقع المثالية في المملكة لرصد الظواهر الفلكية، حيث تتيح البيئة الطبيعية في هذه المناطق فرصة مثالية لمراقبة حركة الأجرام السماوية دون عوائق حضرية أو مناخية كبيرة.

ويأمل الفلكيون أن تسهم مثل هذه الظواهر النادرة في رفع الوعي العام بعلم الفلك وتحفيز الأجيال الجديدة على الاهتمام بهذا المجال العلمي الحيوي، الذي يجمع بين الدقة العلمية وروعة المشهد الطبيعي.