في ساعات الفجر الأولى من يوم غدٍ الأحد، يترقب هواة الفلك والعاشقون لروائع السماء واحدة من أندر وأجمل الظواهر الكونية التي يمكن مشاهدتها بالعين المجردة، حيث يقترب هلال القمر المتناقص من كوكب الزهرة في مشهد بديع يزين الأفق الشرقي قبل شروق الشمس.
هذا الاقتران السماوي الذي يوصف بأنه من أرقى لوحات الكون، يُعد فرصة ثمينة لكل من يتأمل في جماليات الفضاء، ويوفر لحظة تأمل نادرة بين ظلمة الليل ونور الصباح.
إقرأ ايضاً:هل يتجاوز الذهب حاجز 360 ريالًا قريبًا في السوق السعودي؟الأهلي في مرحلة بناء جديدة.. رحيل أليوسكي يُفتح الباب أمام صفقات أجنبية جديدة!
ويصف رئيس الجمعية الفلكية بجدة، المهندس ماجد أبو زاهرة، هذه الظاهرة بأنها "اقتران"، وهي لحظة يظهر فيها جرمان سماويان قريبين من بعضهما في السماء كما نراهم من الأرض، على الرغم من أن المسافة بينهما في الواقع شاسعة.
وفي هذا التوقيت بالتحديد، تتدرج السماء في الألوان ما بين الزرقة الداكنة إلى إشراقة الصباح، ويظهر كوكب الزهرة كجوهرة بيضاء لامعة بجوار الهلال الرقيق، ليشكلا معًا مشهدًا شاعريًا فريدًا.
وتُعد الفترة الممتدة من الساعة 3:45 فجرًا وحتى قرابة الخامسة صباحًا، الأفضل لرؤية هذا المشهد النادر، وفق ما أوضح أبو زاهرة، الذي دعا إلى التوجه إلى أماكن ذات أفق مفتوح في الجهة الشرقية من السماء للاستمتاع بالظاهرة.
وأضاف أن من يملك منظارًا أو تلسكوبًا سيكون على موعد مع تفاصيل أدق، حيث يمكنه مشاهدة معالم الهلال وتفاصيل سطحه، في حين يظهر الزهرة كقرص متوهج جزئيًا يعكس ضوء الشمس من خلال طبقاته السحابية الكثيفة.
وأشار رئيس الجمعية إلى أن كوكب الزهرة، رغم أنه ليس الكوكب الأقرب إلى الشمس، يُعد ثاني أقرب الكواكب إلى الأرض بعد عطارد، ولهذا يمكن رؤيته بوضوح عند الفجر أو الغروب، مما أكسبه لقب "نجمة الصباح" و"نجمة المساء".
وأضاف أن وجوده في السماء إلى جانب الهلال الرقيق يمنح المشهد جاذبية استثنائية، خاصة عند ملاحظتهما في أفق نظيف بعيد عن التلوث الضوئي.
وأوضح أبو زاهرة أن مثل هذه الاقترانات بين القمر والزهرة ليست نادرة في علم الفلك، لكنها تختلف في طابعها الجمالي والزمني من مرة إلى أخرى، بحسب موقع القمر والزهرة في مداريهما، وزاوية المشاهدة من الأرض.
وأضاف أن هذا الاقتران يأتي بطابع خاص لكونه يسبق حدثًا فلكيًا آخر، وهو "الاقتران المركزي"، الذي يُعلن بداية شهر محرم 1447 هـ، ما يمنح الظاهرة بُعدًا رمزيًا يعكس بداية زمنية جديدة في التقويم الهجري.
ودعا أبو زاهرة المهتمين بالتصوير الفلكي إلى اغتنام هذه الفرصة المثالية، التي تُمكّنهم من التقاط صور تجمع بين رونق الهلال وسطوع الزهرة، مشيرًا إلى أن السماء نفسها تقدم لنا هدية مجانية تستحق التأمل والتوثيق، ولفت إلى أن هذه الظاهرة ستكون أيضًا فرصة ممتازة لنشر الوعي الفلكي وتشجيع الشباب على الاهتمام بعلم الفلك والاستكشاف العلمي.
ويُتوقع أن تشهد مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلًا واسعًا مع صور هذه الظاهرة، خاصة من مناطق مثل الرياض وجدة والدمام، حيث تكون الرؤية أوضح بسبب الظروف الجوية المناسبة.
وتُعد مثل هذه الظواهر بمثابة جسر يصل بين العلم والجمال، بين الفلك والمنظر الطبيعي، ويُذكّر الإنسان دومًا بعظمة الكون واتساعه، وبأن السماء لا تزال تحمل لنا مشاهد تبهر الأبصار وتبعث في النفس دهشة الطفولة الأولى.
في وقت تتسارع فيه التكنولوجيا وتزدحم الحياة اليومية، يُعيد هذا الاقتران السماوي التوازن إلى المشهد، ويدعو البشر إلى رفع أعينهم للسماء، حيث يهمس الكون برسالة جمال أبدية، تقول ببساطة: لا تنس أن تنظر إلى الأعلى.