القطاع السكني

السعودية تُشرق بنور التنظيم.. دليل جديد للكهرباء يوضح حقوق المستهلك ويحدد تعرفة الاستهلاك!

كتب بواسطة: سوسن شرف |

اعتمدت الهيئة السعودية لتنظيم الكهرباء وثيقة "دليل تقديم الخدمة الكهربائية" التي نُشرت رسميًا في صحيفة "أم القرى"، معلنة بذلك دخول مرحلة تنظيمية جديدة في تقديم الكهرباء، تقوم على أسس محدثة لتعرفة الاستهلاك وآليات الفصل والإعادة والإلغاء, الوثيقة جاءت لتكون مرجعًا واضحًا للحقوق والواجبات بين مزودي الخدمة والمشتركين في جميع القطاعات.

الدليل الصادر يحدد لأول مرة بشكل واضح تعرفة الاستهلاك المحدثة للقطاع السكني، والتي تبدأ من 18 هللة لكل كيلوواط في الساعة، وتصل إلى 30 هللة، ما يعني أن التكلفة ستكون متغيرة حسب شريحة الاستهلاك، بما يعكس نمط استخدام الطاقة في المنازل السعودية.
إقرأ ايضاً:هل يتجاوز الذهب حاجز 360 ريالًا قريبًا في السوق السعودي؟الأهلي في مرحلة بناء جديدة.. رحيل أليوسكي يُفتح الباب أمام صفقات أجنبية جديدة!

أما القطاع التجاري، فقد حُدد له نطاق سعري يتراوح بين 22 إلى 32 هللة لكل كيلوواط في الساعة، وهو ما يمثل تباينًا يستهدف تحقيق العدالة بين القطاعات من جهة، وتحفيز الاستخدام الرشيد للطاقة من جهة أخرى، وسط توجه عام نحو الكفاءة والاستدامة.

الوثيقة لم تقتصر على التعرفة، بل تناولت أيضًا الأسباب التي قد تؤدي إلى فصل الخدمة الكهربائية، سواء لعدم السداد أو لأسباب أخرى تنظيمية أو فنية، حيث تم التأكيد على أهمية وضوح الإجراءات ونشر الضوابط على المواقع الرسمية للهيئة ومقدمي الخدمة.

من حق المستهلك، كما أوضح الدليل، أن يحصل على نسخة من هذه الضوابط في أي وقت، وهو ما يعزز من مستوى الشفافية ويضمن أن لا يُفاجأ المواطن أو المقيم بأي إجراء دون فهم مسبق لطبيعته وأسبابه.

كما أشار الدليل إلى أن فصل الخدمة لا يتم بشكل عشوائي، بل وفق آليات محددة تنظم توقيته وآلية إبلاغ المستهلك، مع تحديد الإجراءات اللازمة لإعادة الخدمة فور زوال السبب، وهي خطوات تضمن عدم تعطل الحياة اليومية للمواطنين دون مبرر.

في المقابل، تلتزم الجهة المزودة بتسجيل الاستهلاك بدقة، من خلال دورات قراءة لا تتجاوز 30 يومًا، ما يعني أن الفواتير يجب أن تعكس الاستهلاك الفعلي بدقة زمنية شهرية دون تراكم أو تأخير قد يؤدي إلى إرباك المشترك.

وتلتزم الشركة كذلك بتصفية حساب الاستهلاك فور إنهاء الاتفاقية، سواء كان ذلك بناءً على رغبة المشترك أو لظروف خارجة عن الإرادة، مع ضمان إلغاء الخدمة بناءً على طلب المشترك، دون تعقيد إداري أو تأخير غير مبرر.

كما أضاف الدليل بندًا لافتًا يتعلق بإبقاء عداد الكهرباء في مواقع تخضع للترميم أو إعادة البناء، وهو ما يعكس رؤية تنظيمية دقيقة تأخذ بعين الاعتبار الاحتياج المستقبلي للموقع وعدم الحاجة لإجراءات طويلة عند إعادة التوصيل.

وفيما يخص المواقع ذات الطبيعة الحساسة، شدد الدليل على ضرورة التعامل معها بحذر واحترافية، بما يتوافق مع الأنظمة الفنية ويقلل من مخاطر أي انقطاعات قد تؤثر سلبًا على بيئات حيوية أو حيوية آمنة، كالمنشآت الصحية أو الأمنية.

هذا التحديث في دليل الخدمة يأتي في ظل تحولات كبيرة تشهدها المملكة في إطار رؤية 2030، حيث تسعى الجهات المنظمة إلى تحسين الخدمات الحيوية ورفع كفاءتها وضمان وصولها للمواطن بجودة عالية ووضوح في المعايير.

الوثيقة الجديدة تهدف إلى تعزيز العلاقة التعاقدية بين مقدم الخدمة والمستهلك، ووضع إطار واضح يحكم تفاصيل التشغيل والفصل والمحاسبة، ما يمنع الاجتهادات الشخصية ويوفر الحماية القانونية للمستخدم النهائي.

خطوة الهيئة تأتي أيضًا في توقيت بالغ الأهمية، حيث يتزايد الطلب على الطاقة الكهربائية بفعل التوسع العمراني والصناعي، مما يستدعي تحديثات مستمرة في السياسات والتعريفات، تواكب التحديات الجديدة وتضمن العدالة والاستدامة.

المشتركون باتوا الآن أمام دليل مُفصّل يمكنهم الرجوع إليه في كل ما يتعلق بعلاقتهم بمزودي الكهرباء، من التوصيل وحتى الإلغاء، ما يضع نهاية لعشوائية القرارات المفاجئة ويمنح الجميع أرضية قانونية ثابتة ومعلومة مسبقًا.

الوثيقة إذن ليست مجرد تحديث إداري، بل إطار تنظيمي شامل يعكس مرحلة نضج مؤسسي وتحوّل نوعي في كيفية تقديم الخدمات، ويعزز من الثقة بين المواطن والجهة المنظمة، في خطوة تبدو بداية لسلسلة تنظيمات أكثر دقة وصرامة قادمة في قطاعات أخرى.