ذكاء اصطناعي

توقعات "صادمة" من "جارتنر".. لماذا سيتم "إلغاء" 40% من مشاريع الذكاء الاصطناعي هذه بحلول 2027؟

كتب بواسطة: سالي حسنين |

في الوقت الذي تتسابق فيه الشركات نحو تبني أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، تكشف دراسة جديدة من مؤسسة جارتنر عن جانب مظلم في هذا السباق، إذ تشير التقديرات إلى أن أكثر من 40% من مشاريع وكلاء الذكاء الاصطناعي ستُلغى بحلول عام 2027 بسبب تحديات هيكلية وتمويلية وتقنية عميقة.

رغم التصورات الوردية حول دور الوكلاء الذكيين في دعم استقلالية الموظفين والأنظمة على حد سواء، إلا أن الواقع يُظهر تعقيدات أكبر بكثير مما كان متوقعاً، فهذه المشاريع التي تُروّج كخطوة نحو مستقبل أكثر مرونة تواجه عقبات قد تُفرغها من مضمونها قبل أن ترى النور.

إقرأ ايضاً:

قد لا تكون الدولة التي تتوقعها.. من هي الدولة التي تلقت 32 مليار دولار من المساعدات السعودية؟بعد التقديم عبر "قبول".. "الجامعة الإسلامية" تعلن عن "إجراء حاسم" للمتقدمين لهذه الكلية

المصطلح ذاته بات شائعاً في أوساط التكنولوجيا خلال 2025، لكنه لا يعكس دائماً ما يجري فعلياً خلف الكواليس، فبدلاً من بناء أنظمة جديدة مستقلة، تعيد الكثير من الشركات ببساطة تسمية تقنيات تقليدية مثل الأتمتة أو روبوتات الدردشة لتبدو وكأنها وكلاء ذكاء اصطناعي دون تطوير حقيقي.

وتُشير أنوشري فيرما، المحللة البارزة في جارتنر، إلى أن ما يتم الترويج له على أنه ثورة تقنية ليس سوى تجارب أولية تنقصها الرؤية الواضحة، كما أن تطبيقات هذه المشاريع كثيراً ما تُقحم في بيئات لا تستوعبها، مما يخلق فجوة بين التوقعات والواقع العملي.

في استبيان أجرته جارتنر بداية هذا العام، أقر 19% فقط من المشاركين بأنهم استثمروا بشكل جاد في هذا المجال، بينما تبنته 42% من المؤسسات بحذر، وبقي ثلثهم تقريباً بلا توجه واضح، ما يدل على ارتباك ملحوظ يحيط بهذه التقنية رغم الضجيج الإعلامي حولها.

ويزيد الطين بلة أن السوق نفسه بات مشبعاً بمزودي خدمات يفتقرون للحلول الحقيقية، فبحسب جارتنر، من بين آلاف الشركات التي تدّعي تقديم وكلاء ذكاء اصطناعي، هناك فقط 130 شركة تفي بالمعايير الأساسية التي تُعرف الوكيل الذكي حقاً.

وفي قلب هذه الإشكالية تكمن معضلة التمويل، فإلى جانب تكاليف التطوير والتكامل، تواجه المؤسسات أعباء إضافية مثل تحديث البنية التحتية، تدريب الموظفين، والامتثال للمعايير التنظيمية، ما يجعل مسار التبني أكثر تكلفة وتعقيداً مما توقعه كثيرون.

كما أن الأنظمة القديمة داخل المؤسسات ليست مجهزة للتعامل مع الوكلاء الذكيين، حيث تتطلب غالباً إعادة هيكلة كاملة قبل أن تتمكن من استيعاب هذه التقنية، وهو ما يؤدي إلى توقف العديد من المشاريع عند مراحل مبكرة دون إحراز تقدم ملموس.

وتؤكد فيرما أن عدداً كبيراً من حالات الاستخدام المزعومة لا يحتاج فعلاً إلى وكلاء ذكاء اصطناعي، بل يمكن التعامل معها بأدوات أبسط وأكثر استقراراً، ما يثير تساؤلات حول واقعية ما يتم تسويقه للمؤسسات كحلول لا غنى عنها.

تلك الفجوة بين الترويج والحقيقة تخلق نوعاً من الإحباط لدى فرق العمل، حيث تضعهم المشاريع المؤجلة في دوامة فقدان الثقة وإعادة توزيع الموارد، فيتحول الأمل بتحول رقمي كبير إلى خيبة تطفئ الحماس وتقضي على الطموحات.

ومع أن الأرقام تبدو صادمة، إلا أن التوقعات المستقبلية من جارتنر تحتفظ بجانب من التفاؤل، إذ تتنبأ المؤسسة بأنه بحلول عام 2028 سيتولى وكلاء الذكاء الاصطناعي اتخاذ 15% من القرارات الروتينية داخل المؤسسات، مقارنة بنسبة شبه معدومة في عام 2024.

كما تتوقع أن تحتوي ثلث برمجيات المؤسسات خلال الأعوام القادمة على وكلاء ذكاء اصطناعي مدمجين، ما يشير إلى أن التقنية قد تجد موطئ قدم فعلي لها حينما تتوفر البنية المناسبة والدعم المؤسسي المطلوب.

الفرص الأكبر للنجاح ستكمن في استخدام الوكلاء في القرارات المعقدة وسير العمل المتشابك، حيث يمكن لهذه الأنظمة أن تعزز الإنتاجية وتتجاوز دورها كمجرد أدوات مساعدة إلى أدوات قادرة على قيادة أجزاء من العمليات التشغيلية.

لكن هذا النجاح لن يتحقق دون إعادة نظر شاملة في سير العمل التقليدي، حيث سيتطلب الأمر بناء نماذج جديدة تعتمد على تفويض المهام، وتوازن دقيق بين تدخل الإنسان واستقلالية الآلة، وهو أمر يتطلب جهداً ثقافياً وتكنولوجياً كبيراً.

وفي نهاية المطاف، يبدو أن وكلاء الذكاء الاصطناعي سيظلون موضع شد وجذب بين الآمال المعلقة عليهم والتحديات التي تقف في طريقهم، حيث تعتمد النتيجة النهائية على جرأة المؤسسات في إعادة ابتكار نفسها لتواكب ما هو قادم.

الأكثر قراءة
آخر الاخبار