ذكاء اصطناعي

الإنترنت لن يكون "مجانياً" للذكاء الاصطناعي بعد اليوم.. خطوة "غير مسبوقة" قد تغير كل شيء

كتب بواسطة: سوسن شرف |

في خطوة مفصلية من شأنها أن تغيّر وجه الإنترنت كما نعرفه، أعلنت شركة Cloudflare عن تفعيل سياسة جديدة تقوم على حظر زواحف الذكاء الاصطناعي بشكل افتراضي، وهي الزواحف التي كانت تقوم بجمع محتوى المواقع بلا إذن.

ما يفتح الباب أمام نظام جديد يضمن للناشرين سيطرة أكبر على بياناتهم ويعزز من فرص تعويضهم مادياً مقابل استخدامها.

إقرأ ايضاً:

استثمر الآن.. منطقة رابغ تتحول لوجهة استثمارية بعد إعلان 13 مشروعًا جديدًاأابتداءً من 1 أغسطس.. "طيران ناس" يربط المملكة بهذه "الوجهة الدولية" الهامة

السياسة الجديدة التي بدأت الشركة بتنفيذها فعلياً، تتطلب من كل موقع جديد يسجّل ضمن خدمات Cloudflare أن يحدد مسبقاً إن كان يرغب بالسماح لزواحف الذكاء الاصطناعي بالدخول إلى محتواه أم لا، ما يمنح الناشرين أدوات غير مسبوقة لتحديد نوعية البيانات التي يمكن استخراجها من مواقعهم وكيفية استخدامها.

الشركة أتاحت أيضاً للناشرين القدرة على تقييد استخدام البيانات حسب الغرض، حيث تستطيع شركات الذكاء الاصطناعي توضيح إن كانت ستستخدم البيانات للتدريب أم للاستدلال أم لأغراض بحثية، ما يتيح للمواقع فلترة الزواحف حسب نواياها وليس فقط هويتها التقنية.

في عام 2024 كانت Cloudflare قد أطلقت أداة مجانية لحظر هذه الزواحف، لكن التغيير الجديد يجعل الحظر تلقائياً ولا يتطلب أي تدخل من صاحب الموقع، وهو ما اعتبره كثير من الناشرين نقلة نوعية في معركة حماية المحتوى الأصلي من النهب الرقمي.

وقد أعربت مؤسسات إعلامية كبرى مثل TIME وCondé Nast ووكالة Associated Press عن دعمها الكامل لهذا التوجه الجديد، بل إن أكثر من مليون موقع اختار تفعيل خيار الحظر الافتراضي خلال فترة وجيزة من الإعلان عنه، ما يشير إلى تعطّش السوق لمثل هذه المبادرات.

ورغم هذا التوجه نحو الحظر، فإن Cloudflare لم تغلق الباب أمام التعاون، إذ تعمل حالياً مع مجموعة مختارة من الناشرين على اختبار ميزة "الدفع مقابل الكشط"، والتي تسمح للزواحف بالدخول إلى المواقع مقابل مقابل مادي يحدده صاحب المحتوى بنفسه.

هذا النموذج يتيح لصانعي المحتوى تحديد الأسعار التي يرونها عادلة، ويُلزم شركات الذكاء الاصطناعي الراغبة بالوصول إلى البيانات بالاشتراك في البرنامج والموافقة على الشروط، ما يفتح المجال أمام سوق بيانات منظم يراعي حقوق الطرفين.

وتُعد خوادم Cloudflare من البنية التحتية الأساسية للإنترنت الحديث، حيث يمر عبرها ما يقارب 16% من حركة الإنترنت العالمية، وتزداد النسبة بشكل كبير في حالة المواقع الإعلامية والمنصات الإخبارية التي تعتمد على شبكات التوزيع السحابي في حماية وتسريع محتواها.

الرئيس التنفيذي للشركة، ماثيو برينس، عبّر في تصريح له عن أن الإنترنت قائم في جوهره على المحتوى الأصلي، وأن اجتياح الزواحف دون ضوابط يهدد هذا التوازن، مؤكداً أن الهدف من القرار هو إعادة القوة إلى يد المبدعين دون عرقلة الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي.

وأشار برينس إلى أن الزواحف كانت تستنزف المحتوى بشكل مستمر دون تقديم عائد يذكر، بل إن بعض منصات الذكاء الاصطناعي كانت تستغل عشرات الآلاف من عمليات الكشط لتوليد إجابات ومحتوى دون أن تعيد أي فائدة للمصدر الأصلي.

وأضاف أن النموذج الجديد الذي يدمج الحظر الافتراضي مع آلية الدفع عند الكشط يمكن أن يُسهم في إعادة التوازن المفقود، ويمنح الإنترنت فرصة ليبقى حراً وحياً، بدل أن يتحوّل إلى مستودع بيانات مجاني تتغذى عليه الخوارزميات دون حساب.

وكان برينس قد حذّر قبل أسابيع قليلة من أن الزحف العشوائي للذكاء الاصطناعي يشكل تهديداً لنموذج أعمال الإنترنت بالكامل، خصوصاً مع ظهور ما يسمى بـ"الإنترنت صفر النقرات" الذي يقلل من زيارات المستخدمين الفعلية ويقتل الإعلانات والعوائد المالية.

وبحسب تقارير، فإن المعدلات الحالية للزيارات مقابل عمليات الزحف قد أصبحت كارثية بالنسبة للناشرين، حيث توفّر Google زائراً واحداً مقابل كل 18 زحف، بينما تقدم OpenAI زائراً مقابل كل 250 عملية، في حين أن Anthropic وصلت إلى زائر واحد مقابل كل 60 ألف كشط.

ويُخشى أن هذا الاتجاه إذا استمر دون ضوابط، سيقود إلى موت بطيء للمحتوى الأصلي، فمع انخفاض العوائد وتراجع الزيارات، ستفقد المنصات رغبتها في الإنتاج، وسيتحوّل الإنترنت إلى صدى باهت لمحتوى قديم ومكرر يغذيه الذكاء الاصطناعي بلا مساهمة بشرية حقيقية.

لكن Cloudflare تعتقد أن الحل موجود، وأن النموذج الجديد الذي يُلزم الزواحف بدفع مقابل ويُعطي الناشرين القرار الأخير في مشاركة بياناتهم، يمكن أن يُعيد إحياء منظومة الإنترنت بشكل متوازن يخدم المبدعين والمبتكرين معاً.

الأكثر قراءة
آخر الاخبار