أعلنت منصة المساعدات السعودية عن قائمة الدول الأعلى استفادة من الدعم والمساعدات التي قدمتها المملكة على مدى العقود الماضية، حيث كشفت البيانات المنشورة عبر موقعها الإلكتروني أن إجمالي ما قدمته السعودية من مساعدات حتى الآن بلغ أكثر من 528.40 مليار ريال سعودي، مما يعادل نحو 140.90 مليار دولار أمريكي، وهو رقم ضخم يعكس الدور المحوري للمملكة في مجال العمل الإنساني والتنموي عالميًا، ويؤكد مكانتها كأحد أبرز المانحين الدوليين.
وتصدرت مصر قائمة الدول الأكثر استفادة من المساعدات السعودية بمبلغ يتجاوز 32.49 مليار دولار أمريكي، وهو ما يشير إلى عمق العلاقات التاريخية التي تربط البلدين، والتعاون الاستراتيجي المستمر في مختلف المجالات، سواء على الصعيد الاقتصادي أو التنموي، حيث تنوعت المشاريع بين دعم البنية التحتية وتمويل قطاعات حيوية كالكهرباء والإسكان والتعليم والصحة، ضمن رؤية تكاملية شاملة.
إقرأ ايضاً:
بين المخالفة والتصحيح: شركة المياه تطلق مبادرة لتصحيح التوصيلات المنزلية المخالفة.. فترة الإعفاءبلاغ واحد قد يُنقذ قطاعًا صناعيًا كاملًا من الخسائر.. احمِ منتجك الوطني الآنوجاءت اليمن في المرتبة الثانية بعد مصر، بمساعدات وصلت إلى نحو 27.69 مليار دولار، وذلك في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يشهدها اليمن منذ سنوات، حيث حرصت السعودية على تقديم الدعم الإغاثي والطبي والغذائي بشكل منتظم، فضلًا عن دعم المشاريع التنموية بهدف إعادة إعمار المناطق المتضررة وتخفيف معاناة السكان، وذلك من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذي كثف جهوده في مختلف المحافظات اليمنية.
أما باكستان، فقد جاءت في المرتبة الثالثة بمساعدات بلغت 13.19 مليار دولار، حيث تربط البلدين علاقات وثيقة في الجوانب السياسية والاقتصادية والدينية، وقد شملت المساعدات السعودية لباكستان مشاريع تنموية ضخمة، إلى جانب الدعم المالي المباشر والمساهمة في استقرار الاقتصاد الباكستاني في فترات التحديات، مما يعكس التزام المملكة بدعم حلفائها التاريخيين وتعزيز استقرارهم.
وتلت سوريا في المرتبة الرابعة، بمساعدات تجاوزت 7.53 مليار دولار، قدمتها السعودية استجابة للأزمة الإنسانية التي خلفتها الحرب المستمرة في البلاد، وتركزت هذه المساعدات على دعم اللاجئين والنازحين، وتمويل برامج الإغاثة العاجلة، إضافة إلى المساهمة في علاج المصابين ورعاية الأيتام، فضلًا عن تقديم الدعم للمنظمات الدولية العاملة في الشأن السوري.
وتلقى العراق بدوره مساعدات تقدر بنحو 7.33 مليار دولار، حيث ساهمت السعودية في دعم الشعب العراقي في فترات ما بعد الحروب والصراعات، عبر تمويل مشروعات إعادة الإعمار وتحسين الخدمات العامة والبنى التحتية، كما شملت المساعدات أيضًا تمويل مبادرات إنسانية تهدف إلى مساعدة العائلات المتضررة من النزاعات وتعزيز الاستقرار في المناطق المحررة.
أما فلسطين، فقد حصلت على ما يزيد عن 5.37 مليار دولار من المملكة، في إطار الدعم المتواصل للقضية الفلسطينية، حيث تشمل هذه المساعدات تمويل مشاريع في الضفة الغربية وقطاع غزة، ودعم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، إلى جانب تنفيذ مشاريع إسكانية وتعليمية وصحية لصالح الفلسطينيين في الداخل والخارج، تأكيدًا على موقف المملكة الثابت تجاه دعم الشعب الفلسطيني.
ويُظهر هذا الترتيب حجم التوزيع الجغرافي للمساعدات السعودية، والذي يعكس سياسة خارجية إنسانية تستند إلى مبادئ التضامن الإسلامي والعربي، والانخراط الفاعل في معالجة أزمات الدول النامية والنازحين والمتضررين من الكوارث والحروب، حيث تنوعت أشكال الدعم بين مساعدات إنسانية عاجلة، ومساهمات مالية، وتمويل مشاريع إنمائية طويلة الأمد.
كما تؤكد هذه الأرقام تصاعد الدور السعودي في الهيئات والمنظمات الدولية المعنية بالمساعدات، إذ أصبحت المملكة شريكًا رئيسيًا في تمويل العمليات الإنسانية على مستوى العالم، سواء من خلال المنح المباشرة أو عبر صندوق التنمية السعودي، أو عبر مساهمات متعددة في برامج الأمم المتحدة والصناديق الإقليمية والدولية.
وتأتي هذه البيانات في وقت تسعى فيه المملكة إلى تعزيز دورها الإنساني العالمي، ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030، التي تسعى إلى جعل المملكة مركزًا عالميًا للعمل الإنساني، وتأكيد التزامها بقيم العطاء والتكافل على الصعيد الدولي، وهو ما يتجلى في ارتفاع عدد الدول المستفيدة من المساعدات السعودية إلى أكثر من 165 دولة حول العالم.
وتُعد منصة المساعدات السعودية إحدى أبرز المبادرات التي أطلقتها المملكة لتعزيز الشفافية في تقديم المساعدات وتوثيق أثرها، حيث تعمل المنصة على توحيد البيانات وتقديم معلومات محدثة عن حجم المساعدات وطبيعتها والدول المستفيدة منها، وذلك ضمن توجهات الحوكمة الرشيدة ومتابعة الأداء والنتائج الميدانية.
ويُلاحظ أن المساعدات السعودية شملت قطاعات متعددة، منها الصحة، والتعليم، والمياه، والطاقة، والإسكان، والغذاء، إضافة إلى دعم اللاجئين وتمويل مشروعات بناء القدرات والتنمية المستدامة، ما يعكس اتساع نطاق التأثير الإيجابي لهذه المساعدات، وتنوع أدوات وآليات الدعم بما يتناسب مع احتياجات كل دولة.
وفي ظل تزايد التحديات الإنسانية في المنطقة والعالم، تبرز المملكة كقوة مانحة لا تقتصر مساهماتها على الإغاثة المؤقتة، بل تمتد إلى توفير حلول مستدامة تعزز الاستقرار والتعافي، وتقلل من آثار الأزمات على الشعوب، بما يعزز من الأمن الإقليمي والدولي ويدعم أهداف التنمية المستدامة.
ويأتي إعلان منصة المساعدات في وقت تشهد فيه بعض الدول المستفيدة أوضاعًا متقلبة اقتصاديًا أو سياسيًا، مما يبرز أهمية هذه المساعدات كأداة دعم أساسية للحفاظ على التوازن الاجتماعي والاقتصادي في تلك الدول، إلى جانب تعزيز العلاقات الثنائية مع المملكة وفتح آفاق جديدة للتعاون.
ومن جهة أخرى، تؤكد هذه الأرقام أن السياسة السعودية في مجال المساعدات تعتمد على اعتبارات إنسانية وتنموية، بعيدًا عن أي حسابات سياسية ضيقة، مما يجعل منها نموذجًا يحتذى في تقديم العون بلا مقابل، وتحقيق تأثير ملموس في تحسين ظروف ملايين البشر حول العالم.
ويُتوقع أن تستمر السعودية في تعزيز هذا الدور خلال المرحلة المقبلة، خصوصًا في ظل الأزمات المتزايدة الناتجة عن النزاعات المسلحة وتغير المناخ والكوارث الطبيعية، مما يجعل من استمرارية الدعم الدولي ضرورة ملحة تتطلب تضافر جهود الدول المانحة والمؤسسات الدولية لتحقيق الأمن الإنساني العالمي.