في إطار الجهود الحكومية الرامية إلى تعزيز مكانة المملكة العربية السعودية كمركز لوجستي عالمي، تتجه وزارتي الاستثمار والنقل، بالتعاون مع عدد من الهيئات الحكومية منها هيئة النقل العام وهيئة تطوير منطقة حائل، إلى تأسيس ميناء بضائع حديث في منطقة حائل، في خطوة استراتيجية تهدف إلى ربط شمال المملكة بجنوبها وشرقها بغربها ويُعد المشروع إحدى المبادرات الطموحة التي تنسجم مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، حيث يستهدف تطوير البنية التحتية وتحفيز الاستثمار، وخلق بيئة جاذبة لنمو القطاعات الحيوية في الاقتصاد الوطني.
وكشف مدير عام قطاع النقل والخدمات اللوجستية بوزارة الاستثمار، سامر بكر جزّار، أن هناك تنسيقاً شاملاً يجري بين مختلف الجهات المعنية لتنفيذ هذا المشروع وفق رؤية تكاملية، تتخذ من موقع حائل الجغرافي نقطة انطلاق رئيسية وأضاف أن العمل على دراسة المشروع يتم بالتعاون الكامل مع هيئة تطوير حائل، وذلك لضمان تحقيق أقصى استفادة من الموقع الاستراتيجي الذي تتقاطع فيه شبكة الطرق الإقليمية والخطوط الحديدية الوطنية، ما يجعل من المشروع نواة لتحوّل تنموي شامل في شمال المملكة.
وخلال جلسة حوارية بعنوان «الفرص الاستثمارية في قطاع النقل والخدمات اللوجستية» ضمن فعاليات منتدى حائل، أوضح جزّار أن الميناء المرتقب لا يمثل مجرد منشأة لوجستية، بل هو مشروع متعدد الأبعاد يهدف إلى خلق فرص اقتصادية واستثمارية جديدة في المنطقة، إلى جانب إرساء بنية تحتية مرنة تخدم القطاعات الحيوية في المملكة وأكد أن حائل ستكون على موعد مع تحوّل نوعي يجعلها منصة لوجستية تنافسية قادرة على جذب المستثمرين المحليين والدوليين.
ولا يتوقف المشروع عند حدود البنية التحتية، بل يتجاوزها إلى إعادة تعريف دور حائل الاقتصادي ضمن الخريطة الوطنية، إذ أكد جزّار أن هناك سعياً جاداً لتوظيف مزايا الموقع الجغرافي الفريد للمنطقة، لتكون مركزاً محورياً لحركة التجارة الداخلية والخارجية، وهو ما يعزز من تكامل سلاسل الإمداد، ويضمن توزيعاً أكثر كفاءة للبضائع على مستوى المملكة.
وفي تعليق للمستشار الاقتصادي عيد العيد، شدد على أن المشروع لا يُمثل فقط ركيزة في تطوير سلاسل الإمداد، بل يشكّل محركاً اقتصادياً شاملاً يمتد تأثيره إلى قطاعات النقل والتخزين والخدمات اللوجستية، ويُتوقع أن يسهم في خلق آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة وأوضح أن كل مشروع ميناء بضائع حديث يُعزز من النشاط الاقتصادي في المناطق المحيطة به، ويعطي دفعة قوية للتنمية المحلية والإقليمية.
وأشار العيد إلى أن ما يميز منطقة حائل هو موقعها الفريد في قلب المملكة، حيث تربط شمال البلاد بوسطها عبر العاصمة الرياض، كما تتصل بالمشاعر المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة عبر شبكة طرق سريعة، وهو ما يمنحها دوراً محورياً في تسهيل حركة البضائع وخدمة الحجاج والمعتمرين، ما يُضفي على المشروع بُعداً إضافياً في التكامل الوطني.
وتُعتبر شبكة الطرق في حائل من بين الأكبر على مستوى مناطق المملكة، حيث تتجاوز أطوالها 5,550 كيلومتراً، وتتضمن طرقاً سريعة ومزدوجة ومفردة وتمتاز هذه الشبكة بقدرتها على ربط المنطقة بمختلف جهات المملكة، ما يجعل من مشروع الميناء نقطة ارتكاز استراتيجية في منظومة النقل المستقبلية، ومكملاً رئيسياً للبنية التحتية الوطنية التي تعتمد عليها التجارة والنقل والخدمات اللوجستية.
ومن المتوقع أن يفتح الميناء آفاقاً جديدة للتنمية الاقتصادية الإقليمية، وأن يُعيد رسم خارطة النشاط التجاري في شمال المملكة، معززاً مكانة حائل كمركز اقتصادي صاعد، ويُرجح أن يكون المشروع بداية لسلسلة من الاستثمارات النوعية في مجالات النقل، والخدمات المساندة، والتخزين، ما يعزز من تنويع الاقتصاد السعودي ويرسّخ من قدرته على المنافسة إقليمياً وعالمياً.