تتجه أنظار عالم كرة القدم نحو المملكة العربية السعودية، بعد أن كشفت تقارير صحفية عن اقترابها من استضافة النسخة المقبلة من بطولة كأس العالم للأندية، والمقررة إقامتها في عام 2029، في خطوة تعزز الحضور المتنامي للمملكة على الساحة الرياضية العالمية، وتضعها في موقع ريادي ضمن الدول التي تنظم كبرى البطولات.
ووفقًا لما نقله موقع "وان فوتبول" الألماني، فإن السعودية تلقت تأكيدات غير رسمية من الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" حول إمكانية منحها تنظيم نسخة 2029 من مونديال الأندية، لتكون بذلك الدولة الثانية التي تستضيف النسخة الموسعة بعد الولايات المتحدة، والتي ستنظم البطولة عام 2025 بمشاركة 32 فريقًا للمرة الأولى في تاريخ البطولة.
إقرأ ايضاً:
غربلة قوية في الاتحاد..... محترف الاتحاد يُغادر والسبب يٌثير الجدل!مزارع العلا تروي عطش الأسواق..... 50 ألف شجرة مانجو تنتج أكثر من ألف طن سنويًا!وتأتي هذه الأنباء في وقت تتزايد فيه جهود السعودية لتعزيز موقعها كوجهة دولية للفعاليات الرياضية الكبرى، خاصة بعد استضافتها الناجحة للعديد من البطولات الإقليمية والدولية خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها كأس السوبر الإسباني، وسباقات الفورمولا 1، ومنافسات المصارعة العالمية، إضافة إلى استقطابها لأسماء كروية لامعة ضمن الدوري السعودي.
وبحسب التقرير، فإن الفيفا يرى في السعودية شريكًا موثوقًا قادرًا على تنظيم بطولات كبرى بكفاءة عالية، لا سيما وأنها لعبت دورًا مهمًا في استضافة النسخة الأخيرة من البطولة بشكلها القديم، مما منحها أسبقية في التفكير بها كخيار مثالي للنسخة الجديدة من البطولة التي تطمح الفيفا لأن تكون واحدة من أبرز الأحداث الكروية العالمية.
وتسعى السعودية من خلال هذه الخطوة إلى تعزيز تحضيراتها الطويلة الأمد لاستضافة كأس العالم للمنتخبات في نسخة عام 2034، وهي النسخة التي سيشارك فيها 48 منتخبًا للمرة الأولى، وهو ما يتطلب بنية تحتية هائلة وتنظيمًا دقيقًا بمواصفات عالمية، وتعد استضافة كأس العالم للأندية في 2029 بمثابة بروفة مصغرة للحدث الأهم بعد خمس سنوات.
ورغم وجود منافسة من عدة دول أخرى لاستضافة مونديال الأندية، من بينها قطر والبرازيل والبرتغال وإسبانيا وإندونيسيا، إلا أن التقارير تشير إلى أن السعودية تتمتع بأفضلية واضحة بسبب استقرارها السياسي، وتوافر التمويل، وتقدمها السريع في تجهيز المنشآت الرياضية الحديثة، إلى جانب الدعم الحكومي الكامل لمشروع تطوير الرياضة.
ويُنتظر أن تحظى البطولة المقبلة بمشاركة أبرز الأندية في العالم، إذ تشهد النسخة المقبلة عام 2025 قفزة نوعية من حيث عدد الفرق المشاركة ونظام البطولة، حيث ستلعب بنظام المجموعات على غرار كأس العالم للمنتخبات، وهو ما يرفع من سقف التحديات التنظيمية، ويضع السعودية أمام اختبار عالمي إذا ما تم تأكيد استضافتها للنسخة التالية.
ومن المتوقع أن تشكل البطولة منصة كبرى للأندية العالمية للتنافس على مستوى قاري ودولي، حيث يتوقع أن تشمل المشاركة أندية بارزة مثل ريال مدريد، مانشستر سيتي، وبايرن ميونيخ، بالإضافة إلى أندية أخرى مرشحة مثل ليفربول وأرسنال وميلان وبرشلونة، خاصة إذا تم الاستجابة للمطالب الأوروبية بزيادة عدد الأندية إلى 64 فريقًا مستقبلاً.
ويعزز هذا التوجه طموح الأندية الأوروبية في الاستفادة من العوائد المالية الضخمة التي تقدمها البطولة، في ظل النمو الكبير في قيمة الجوائز المالية التي تقدمها الفيفا، والتي أصبحت حافزًا إضافيًا للأندية للمشاركة، إضافة إلى الفرصة التسويقية الواسعة التي توفرها البطولة للأندية واللاعبين على حد سواء.
وكان نادي الهلال السعودي قد مثل المملكة في النسخة الأخيرة من مونديال الأندية، وقدم أداءً لافتًا جذب الأنظار العالمية، حيث تعادل مع ريال مدريد بنتيجة 1-1، وحقق فوزًا مثيرًا على مانشستر سيتي 4-3، قبل أن يخرج بخسارة مشرفة 1-2 أمام نادي فلومينينسي البرازيلي في ربع النهائي، مما عزز صورة الأندية السعودية في المحافل الدولية.
ويأتي هذا الأداء ليؤكد تطور مستوى كرة القدم السعودية، وقدرتها على مجاراة الكبار، وهو ما يتماشى مع الاستراتيجية العامة لتطوير اللعبة في المملكة، والتي شهدت استثمارات ضخمة في الأندية والبنية التحتية، وجذب عدد من أبرز نجوم الكرة العالمية إلى الدوري المحلي، مما رفع من قيمة الدوري وأعاد صياغة صورته إقليميًا ودوليًا.
وتعكس هذه التحركات حرص السعودية على الاستفادة من الزخم الرياضي لتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، التي تضع ضمن أولوياتها تطوير قطاع الرياضة والسياحة، وتحويل البلاد إلى مركز عالمي للترفيه والفعاليات الكبرى، وهو ما يجعل من استضافة بطولة بحجم كأس العالم للأندية محطة استراتيجية في هذا السياق.
كما يُتوقع أن تسهم البطولة، في حال تنظيمها، في تسريع تطوير المدن الرياضية الجديدة والبنى التحتية المواكبة لمتطلبات الفيفا، مثل الملاعب والمرافق الفندقية والنقل الذكي، إلى جانب توفير آلاف فرص العمل المرتبطة بالتحضير والتنظيم، مما يجعل من الحدث فرصة اقتصادية كبرى إلى جانب أهميته الرياضية.
ويبقى الإعلان الرسمي من الفيفا هو الفيصل في تأكيد الاستضافة، لكن كل المؤشرات الحالية تشير إلى أن المملكة تقترب بخطى ثابتة من تحقيق هذا الهدف، وسط دعم جماهيري ورسمي واسع، وثقة متزايدة من المؤسسات الرياضية الدولية في قدراتها التنظيمية.
ويبدو أن السعودية تواصل إعادة رسم ملامح خريطة كرة القدم العالمية، بخطط واضحة وطموحات لا حدود لها، تمضي نحو صناعة مستقبل رياضي جديد، تكون فيه المملكة مركزًا لأهم الأحداث والبطولات على مستوى العالم، وتفتح الباب أمام حقبة جديدة من التنافس والاحتراف في المنطقة.