موسم الغبرة

"لمدة 45 يومًا".. الحصيني يكشف تفاصيل "موسم الغبرة" والمناطق المتأثرة به

كتب بواسطة: بدور حمادي |

كشف الباحث في الطقس والمناخ، عبدالعزيز الحصيني، عن تفاصيل "موسم الغبرة" الذي بدأ يؤثر فعليًا على أجزاء من المملكة، موضحًا أن هذا الموسم المناخي السنوي يعد ظاهرة معروفة لدى سكان السواحل الجنوبية الغربية، وله خصائصه التي تميزه عن غيره من الظواهر الجوية.

وأوضح الحصيني أن هذا المسمى المحلي، "الغبرة"، يطلقه السكان على الرياح الموسمية التي تنشط بشكل سنوي خلال فصل الصيف، حيث تبدأ عادة في نهاية شهر يونيو وتستمر في تأثيرها حتى منتصف شهر أغسطس، في فترة زمنية قد تصل إلى خمسة وأربعين يومًا تقريبًا.

إقرأ ايضاً:

"خدعة الذكاء الاصطناعي" الكبرى.. كيف تمكنت "فرقة وهمية" من خداع آلاف المستمعين على المنصات العالمية؟الهلال يفاوض قاهر رونالدو والنجم السابق للنصر ... حقيقة أم شائعة!

وتنشأ هذه الظاهرة المناخية نتيجة لنشاط ملحوظ للرياح الشمالية الغربية، التي تهب من جهة البحر الأحمر، وتكتسب خصائصها من خلال مسارها فوق المناطق الساحلية والصحراوية، مما يؤدي إلى حمل كميات كبيرة من الأتربة والرمال الدقيقة.

وبالاستناد إلى الأرشيف المناخي وسجلات الطقس التاريخية، فإن تأثير موسم الغبرة يمتد على نطاق جغرافي واسع، يبدأ من أجزاء من منطقة مكة المكرمة، ويواصل مساره جنوبًا ليؤثر بشكل مباشر على سواحل مناطق الباحة وعسير وجازان.

وفي بعض الحالات، ومع قوة التيار الهوائي، يمكن أن ترتفع موجات الغبار لتصل إلى مرتفعات الباحة وعسير، وإن كان تأثيرها على المرتفعات أقل حدة مقارنة بالمناطق الساحلية المنخفضة التي تستقبل التأثير المباشر لهذه الرياح القوية.

وتتراوح سرعة الرياح المتوقعة خلال هذا الموسم بين عشرين إلى سبعين كيلومترًا في الساعة، وهو نطاق واسع يعني أن تأثيرها قد يكون خفيفًا في بعض الأيام، بينما قد يتحول إلى عواصف ترابية حقيقية في أيام أخرى، خاصة عند وصول سرعة الرياح إلى ذروتها.

إن الطبيعة الموسمية لهذه الرياح تجعلها حدثًا متوقعًا ومنتظمًا وليس ظاهرة مفاجئة، حيث اعتاد سكان هذه المناطق على قدومها في نفس الفترة من كل عام، وتكيفوا مع تأثيراتها على مختلف جوانب حياتهم اليومية خلال فصل الصيف.

ويتمثل التأثير الأبرز لموسم الغبرة في التدني الملحوظ لمدى الرؤية الأفقية، والذي قد يستمر في بعض الأيام لعدة ساعات متواصلة، مما يؤثر بشكل مباشر على حركة النقل البري، ويتطلب من السائقين أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر.

كما يشكل الغبار المتطاير تحديًا صحيًا، خاصة لمرضى الربو والجهاز التنفسي، الذين ينصحون دائمًا باتخاذ الاحتياطات اللازمة، وتجنب التعرض المباشر للغبار خلال فترات نشاط الرياح الشديدة، والبقاء في أماكن مغلقة قدر الإمكان.

ويعد فهم هذه الظاهرة المناخية أمرًا ضروريًا ليس فقط للسكان، بل وأيضًا لمختلف القطاعات مثل الطيران والملاحة البحرية والإنشاءات، حيث إن معرفة توقيت وشدة هذه الرياح يساعد في التخطيط المسبق واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لتجنب أي أضرار.

ويعتمد الباحثون مثل الحصيني على دراسة البيانات المناخية طويلة الأمد، والنماذج العددية المتقدمة، لتوفير توقعات دقيقة حول سلوك هذه الظواهر الموسمية، مما يسهم في رفع مستوى الوعي المجتمعي وتقديم المعلومة الصحيحة في وقتها المناسب.

إن تسمية السكان المحليين لهذه الظاهرة بـ "موسم الغبرة" يعكس المعرفة العميقة والمتوارثة التي يمتلكونها عن بيئتهم المحلية، وقدرتهم على تمييز الظواهر المناخية المختلفة وتسميتها بناءً على تأثيرها المباشر عليهم.

وتستمر هذه الفترة من نشاط الرياح والغبار حتى يصرفها الله، لتعود الأجواء بعدها إلى الاستقرار تدريجيًا مع قرب انتهاء فصل الصيف، في دورة مناخية سنوية تتكرر بانتظام، وتشكل جزءًا من هوية الطقس في جنوب غرب المملكة.

في المحصلة النهائية، يمثل موسم الغبرة تحديًا وفرصة في آن واحد، فهو تحدٍ يتطلب الصبر والتكيف، وفرصة لدراسة هذه الظواهر المناخية الفريدة وفهمها بشكل أعمق، والاستعداد لها بشكل أفضل عامًا بعد عام.

الأكثر قراءة
آخر الاخبار