في خطوة أثارت جدلاً واسعاً بين محبي الموسيقى والتكنولوجيا، أطلقت المغنية النيوزيلندية لورد ألبوماً جديداً بعنوان "Virgin" مستخدمة تصميماً غير معتاد للقرص الضوئي الخاص به.
حيث جاء شفافاً تماماً دون أي طبقة عاكسة كما هو معتاد في الأقراص التقليدية، مما تسبب بمشكلة تقنية حقيقية لعدد كبير من المستخدمين.
إقرأ ايضاً:
صندوق التنمية السياحي يطلق النسخة الرابعة من "علوّ السياحة" للخريجين"خدعة الذكاء الاصطناعي" الكبرى.. كيف تمكنت "فرقة وهمية" من خداع آلاف المستمعين على المنصات العالمية؟التصميم اللافت للقرص كان هدفه التميز وجذب الأنظار، لكن النتيجة جاءت على عكس المتوقع، إذ عجزت معظم مشغلات الأقراص الضوئية عن قراءة القرص بسبب عدم تمكنها من التعرف عليه أصلاً، وهو ما فتح باباً واسعاً للنقاش حول التصميم والتكنولوجيا وقابلية التشغيل.
عادة ما تعتمد الأقراص الضوئية على طبقة عاكسة تسمح لأشعة الليزر بالانعكاس والعودة إلى القارئ، وهو ما يتيح تفسير البيانات وتحوّلها إلى صوت أو صورة، لكن في حالة قرص لورد الشفاف لم تجد المشغلات ما ينعكس عنه الضوء، ففشلت ببساطة في تحديد وجود القرص.
رغم أن الأقراص الضوئية لم تعد سائدة كما في السابق، ولاقت تراجعاً كبيراً في مبيعاتها، إلا أنها لا تزال تحتفظ بمكانة خاصة لدى جمهور المقتنين ومحبي الإصدارات الفيزيائية، وهو ما يجعل أي خلل في التشغيل يؤثر بشدة على تجربة المستخدمين المهتمين بهذا الشكل من الوسائط.
أفاد عدد كبير من المستخدمين على الإنترنت أنهم جربوا تشغيل القرص الجديد على مشغلات متعددة، وتنوعت النتائج ما بين فشل تام بالتشغيل أو عمل جزئي لأجزاء من الألبوم، فيما عجزت بعض الأجهزة عن التعرف على وجود قرص أصلاً داخل القارئ، وكأنه لم يُوضع هناك.
الأمر لم يكن شاملاً بنسبة مئة بالمئة، فبحسب التجارب المتداولة، فإن بعض المشغلات الحديثة استطاعت تشغيل القرص بنجاح، وهو ما يرجعه البعض إلى تحسينات على مستوى الحساسات وتقنيات القراءة الليزرية التي أصبحت أكثر تطوراً في الأجهزة الأحدث.
هذا التفاوت في الأداء أعاد تسليط الضوء على الفجوة التقنية بين الأجهزة القديمة والحديثة، وأثار تساؤلات حول مدى مراعاة الشركات المصنّعة لمشغلات الأقراص لمثل هذه التطورات في تصميم وسائط التشغيل، خصوصاً مع التوجه نحو التصميمات الفنية الملفتة التي قد تتجاهل المعايير التقنية الأساسية.
في المقابل، رأى بعض المتابعين أن الفكرة رغم إخفاقها الفني إلا أنها حققت نجاحاً دعائياً واضحاً، إذ لفتت الأنظار إلى الألبوم بطريقة لم تكن لتحدث لولا التصميم المختلف، وهو ما جعل مبيعات الألبوم ترتفع بشكل غير مسبوق، مع تسجيل طلبات مسبقة لكل النسخ المطروحة.
الاهتمام المتزايد بالنسخ الفيزيائية في السنوات الأخيرة جاء كرد فعل على الانتشار الكامل للموسيقى الرقمية، حيث يرى البعض أن النسخة الفيزيائية تعطي العمل الموسيقي قيمة ملموسة وذكريات أعمق، وهو ما يدفع بعض الفنانين للاهتمام بتفاصيل تصميم القرص والغلاف ومواد الطباعة.
رغم أن أقراص الفينيل القديمة تجاوزت مبيعات الأقراص الضوئية في الأسواق العالمية، إلا أن الأخيرة لا تزال تستخدم على نطاق ضيق، خاصة في الدول التي لم تنتقل بالكامل للبث الرقمي، أو بين فئات من المستخدمين الذين يفضلون حفظ أعمالهم الموسيقية بشكل تقليدي.
ويعتقد البعض أن هذه التجربة قد تدفع الشركات المصنعة للأقراص إلى إعادة التفكير في صياغة تصميماتها بحيث تجمع بين الجاذبية البصرية والامتثال لمتطلبات التشغيل التقنية، حتى لا تتكرر هذه المشكلات مع جمهور ألبومات الفيزيكال مستقبلاً.
في السياق نفسه، أشار بعض الخبراء إلى أن الخطوة مثيرة للاهتمام من زاوية تسويقية لكنها غير مسؤولة من الناحية التقنية، إذ كان من الممكن تحقيق التفرد في التصميم مع الحفاظ على الحد الأدنى من المواصفات اللازمة لعمل القرص على المشغلات التقليدية.
يبدو أن هذا النوع من الابتكار قد يفتح الباب لمحاولات مشابهة مستقبلاً، خاصة مع سعي الفنانين للتميز وسط سوق مزدحم بالمحتوى، لكن التحدي الأكبر سيبقى دائماً في كيفية التوفيق بين الجرأة الفنية ومتطلبات التكنولوجيا.
ورغم الانتقادات، فإن ما حدث كشف عن حالة حنين متزايدة لوسائط التخزين الملموسة، وربما يدفع بعض الشركات لإعادة الاستثمار في تطوير مشغلات أقراص أكثر توافقاً مع التصاميم المستقبلية، بدل الاكتفاء بالتوجه الكامل نحو الخدمات الرقمية.
القرص الشفاف ربما لم يعمل كما يجب، لكنه بالتأكيد عمل كمنبه جماعي لعصر لم ينتهِ بعد بالكامل، وأعاد نقاشاً واسعاً حول قيمة الموسيقى عندما تكون شيئاً يُمسك باليد لا يُضغط عليه فقط في تطبيق هاتف.