كشفت وزارة التعليم السعودية عن إصدارها دليلًا تنظيميًا جديدًا يتضمن ضوابط دقيقة تحكم عملية تكليف شاغلي الوظائف التعليمية من المعلمين والمعلمات مؤقتًا خلال العام الدراسي الجديد، وذلك بهدف سد العجز الطارئ في الميدان التعليمي ورفع نسبة التخصصية في المدارس بشكل يواكب الاحتياجات المتغيرة في مختلف المراحل الدراسية.
ويأتي هذا القرار في إطار سعي الوزارة إلى إرساء معايير واضحة تسهم في تحقيق التوازن بين متطلبات الميدان واستقرار المعلمين، إذ حددت الوزارة أن يكون هذا التكليف لفصل دراسي واحد كحد أقصى، ولا يُمدد إلا في أضيق الظروف، بما يضمن استدامة العملية التعليمية وعدم إرهاق الكوادر التعليمية دون مبررات نظامية.
إقرأ ايضاً:
لتحديث لوائح الأراضي البيضاء.. هيئة العقار السعودية تفتح الباب أمام المشاركات عبر منصة استطلاعبالشراكة مع وزارة السياحة.. جامعة جدة تطلق دبلوم السفر والسياحةوأوضحت الوزارة أن التكليف يتم وفق مقتضيات المصلحة التعليمية فقط، في حال وجود عجز فعلي لا يمكن سدّه من داخل المدرسة، كما شددت على ضرورة تحديد تاريخ بداية ونهاية التكليف في القرار الرسمي الصادر عن الإدارة، على أن يُلغى فور انتهاء الحاجة أو إذا ثبت عدم جدواه للمصلحة التعليمية.
وبيّنت الوزارة من خلال الدليل الجديد أن الحد الأعلى للنصاب التعليمي يختلف حسب رتبة المعلم، حيث لا يجب أن يتجاوز 20 حصة صفية في الأسبوع للمعلم والمعلم الممارس، و18 حصة للمعلم المتقدم، بينما يقل النصاب إلى 14 حصة فقط للمعلم الخبير، ما يعكس حرص الوزارة على التوازن بين مستوى الرتبة وعدد المهام المسندة إليها.
وفيما يخص معلمي التربية الخاصة، أوضحت الوزارة أن النصاب التعليمي يجب ألا يتجاوز 16 حصة للمعلم والمعلم الممارس، و14 حصة للمعلم المتقدم، و12 حصة فقط للمعلم الخبير، وذلك مراعاة لطبيعة العمل المكثف والتعامل اليومي مع الطلبة ذوي الإعاقة، وما يتطلبه ذلك من جهود مضاعفة.
وشددت الوزارة على أن تنفيذ التكليف يتم فقط عبر الأنظمة الإلكترونية الرسمية المعتمدة، وبآلية تضمن الشفافية وتدوير فرص التكليف بين معلمي التخصص في المدرسة ذاتها، بما يضمن توزيع الأعباء بعدالة ويمنع تكرار التكليف على نفس الأسماء بشكل متواصل دون مبرر واضح.
ومن بين الحالات التي تجيز إعادة تكليف المعلم لسد الاحتياج، أن يكون نصابه أقل من 50% من الحد النظامي حسب رتبته التعليمية، أو في حال تم نقله داخليًا أو خارجيًا إلى مدرسة أخرى، أو إذا رغب المعلم في إعادة تكليفه مجددًا ولم يوجد من يتفوق عليه في عناصر المفاضلة.
وأشارت الضوابط إلى أحقية الإدارة في إعادة التكليف في حالات استثنائية، مثل إذا لم يتوافر معلم آخر لم يتم تكليفه سابقًا أو لم يستكمل المعلم مدة تكليفه لأي ظرف، مع التأكيد على أن الأولوية دومًا تكون للمصلحة التعليمية العليا واستمرارية تقديم الخدمة التربوية دون انقطاع.
وأفادت الوزارة أن المعلم المكلف بشكل جزئي في أكثر من مدرسة يُعفى من المهام الإدارية الإضافية مثل الإشراف اليومي وحصص الانتظار والنشاط في المدارس التي يُكلف بها، وذلك إذا بلغ نصابه من الحصص الصفية 50% أو أكثر، في خطوة تهدف لتخفيف العبء الإداري عن المعلم وتفرغه للتدريس الفعلي.
وفيما يتعلق بتحديد المدارس التي يبدأ بها تسديد الاحتياج، أوضحت الوزارة أن الأولوية تبدأ من المرحلة الثانوية، تليها المتوسطة، ثم الابتدائية، وذلك استنادًا إلى أهمية المواد التخصصية في المراحل الأعلى وتأثيرها المباشر على مستقبل الطلبة الجامعي والمهني.
كما أتاحت الضوابط الجديدة للإدارات التعليمية إمكانية تكليف المعلمين بتدريس مواد خارج تخصصاتهم، بشرط عدم وجود معلم متخصص، وأن يكون المكلف يمتلك المؤهلات الكافية والاستعداد الشخصي لذلك، ويتم ذلك بعد الحصول على موافقة المعلم خطيًا وفق اللوائح والأنظمة المعتمدة.
وتُمنح الأولوية في التكليف للمعلمين الذين يمتلكون مؤهلات إضافية معتمدة من الجهات الرسمية، وهو ما يعكس توجه الوزارة للاستفادة من الكفاءات المتاحة بطريقة مرنة وفعالة، تضمن توفير تعليم نوعي دون الإضرار بجودة المحتوى العلمي الذي يُقدم للطلبة.
ويُعد هذا التنظيم خطوة مهمة من الوزارة نحو ضبط عمليات التكليف التي كانت تُدار في بعض الإدارات بأساليب اجتهادية وغير موحدة، إذ تسعى الوزارة من خلال هذا الدليل إلى توحيد الممارسات بين الإدارات التعليمية كافة وتعزيز الإنصاف والوضوح في التعامل مع شاغلي الوظائف التعليمية.
ويأتي صدور هذه الضوابط الجديدة قبيل انطلاق العام الدراسي الجديد، في وقت تعمل فيه الوزارة على مراجعة جاهزية المدارس واستكمال التعيينات وضبط حركة النقل، بما يضمن استقرار الميدان التربوي منذ اليوم الأول للدوام وتفادي أي نقص محتمل في الكوادر التدريسية.
وتحرص الوزارة في كل عام دراسي على سد الاحتياج دون الإضرار بمصالح المعلمين، عبر اعتماد أدوات تخطيط مرنة وآليات تكليف مدروسة، تراعي التخصصات المتوفرة، والمفاضلات النظامية، والاحتياجات الفعلية على مستوى الفصول الدراسية في مختلف المناطق.
ويُتوقع أن تسهم هذه الضوابط في الحد من العشوائية في التكليف، وتحقيق توازن دقيق بين مصلحة المدرسة وحقوق المعلم، خاصة مع ما رافق بعض عمليات التكليف السابقة من شكاوى تتعلق بالإجهاد أو عدم الوضوح في المهام والمدة الزمنية.
كما تعكس هذه الإجراءات التزام الوزارة برفع كفاءة العملية التعليمية وتحقيق استدامة التعليم بكوادر مؤهلة ومدربة، عبر تنظيم آليات التعامل مع النقص المؤقت بطرق تحفظ جودة التعليم من جهة، ولا تُثقل كاهل المعلمين من جهة أخرى.
ومع هذا التنظيم الجديد، تتجه الوزارة إلى تقنين عملية التكليف بشكل يحقق عدالة توزيع الجهود بين المعلمين داخل المدرسة الواحدة، مع تعزيز الاستخدام الذكي للموارد البشرية المتوفرة في كل منطقة تعليمية.