غرفة الرياض.

تحذير رسمي من غرفة الرياض .. ظاهرة خطيرة تهدد المشاريع وسلامة البنية التحتية في المملكة

كتب بواسطة: تميم بدر |

أطلقت غرفة الرياض تحذيرًا شديد اللهجة من تفاقم ظاهرة التستر التجاري في القطاع الهندسي، مشيرة إلى ما تمثله هذه الظاهرة من تهديد مباشر لجودة مخرجات العمل وسلامة المشاريع، بالإضافة إلى تأثيرها السلبي على منظومة الاقتصاد الوطني، واستقرار سوق العمل السعودي الذي يعول كثيرًا على التخصصات المهنية المنظمة.

وأوضحت الغرفة في بيان رسمي أن التستر في القطاع الهندسي لا يقتصر ضرره على الإطار القانوني أو التنظيمي فحسب، بل يمتد ليؤثر بشكل ملموس على نوعية الخدمات المقدمة، من خلال فتح المجال لغير المؤهلين لممارسة المهنة بشكل غير نظامي، ما قد يؤدي إلى نتائج كارثية في مشاريع حيوية تتطلب أعلى درجات الدقة والكفاءة والاعتماد الفني.

إقرأ ايضاً:

لمساعدة الطلاب في فهم نتائج التقديم.. تحديث جديد في منصة قبول يكشف أسباب عدم قبول الرغباتلتحديث لوائح الأراضي البيضاء.. هيئة العقار السعودية تفتح الباب أمام المشاركات عبر منصة استطلاع

وأشارت الغرفة إلى أن استمرار التستر يهدد الثقة في القطاع الهندسي، ويضعف القدرة التنافسية للمكاتب والشركات الوطنية التي تلتزم بالأنظمة واللوائح، مما يسبب خللًا في بيئة العمل ويؤدي إلى تدني مستويات الجودة في تنفيذ المشاريع، وهو ما ينعكس سلبًا على السلامة العامة، ويزيد من احتمالات فشل المشاريع أو تعثرها على المدى البعيد.

وأكدت غرفة الرياض أن بعض الممارسات غير النظامية في المكاتب الهندسية المتسترة تشمل تشغيل عمالة غير مؤهلة، وتقديم خدمات من قبل أفراد لا يحملون تراخيص أو اعتمادات مهنية، وهو ما يتنافى مع اللوائح التنظيمية المعتمدة في المملكة، ويضر بسمعة المهنة التي تمثل إحدى دعائم التنمية في مختلف القطاعات.

وتأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه المملكة طفرة في المشاريع الكبرى ضمن رؤية السعودية 2030، ما يستدعي بيئة هندسية تتسم بالمهنية العالية والانضباط المؤسسي، خاصة في ظل تزايد الاعتماد على القطاعات الهندسية لتخطيط وتصميم وتنفيذ مشروعات البنية التحتية العملاقة، والمرافق الخدمية، والمجمعات السكنية والتجارية.

ويعد القطاع الهندسي من الركائز الأساسية في الاقتصاد الوطني، إذ يشكل حلقة وصل بين التخطيط التنموي والتنفيذ الفعلي على أرض الواقع، وبالتالي فإن أي اختلال في هذا القطاع يؤثر بشكل مباشر على جودة حياة المواطنين وكفاءة استثمار الموارد العامة والخاصة في المشاريع المختلفة.

وطالبت غرفة الرياض الجهات المعنية بتشديد الرقابة على هذا القطاع، وتفعيل آليات التنسيق بين الجهات التنفيذية والرقابية، لتطبيق الأنظمة بكل صرامة وعدالة، بما يضمن الحد من الممارسات الضارة التي تخل بالمعايير المهنية، وتحمي سوق العمل من المنافسة غير الشريفة التي يفرضها التستر.

وشددت الغرفة على أن مهنة الهندسة يجب أن تكون محمية بالقانون ومصانة من الاستغلال والتلاعب، لكونها من المهن التي ترتبط بالسلامة العامة والمصلحة الاقتصادية للدولة، موضحة أن السماح باستمرار التستر يضعف مسيرة التوطين ويحد من فرص الكفاءات الوطنية في إيجاد بيئة عمل عادلة ومحفزة.

وأكدت الغرفة أن دعم المكاتب الوطنية وتمكينها من التوسع والنمو في بيئة تنافسية نزيهة يمثل ركيزة أساسية لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، حيث تتطلب هذه الرؤية مشاركة فعالة من المهندسين السعوديين في تنفيذ المشاريع التنموية الطموحة، خاصة تلك التي ترتبط بالبنية التحتية والتخطيط الحضري والاستدامة.

ولفتت إلى أن وجود ما يزيد عن 4300 مكتب وشركة هندسية في المملكة يعكس حجم النشاط في هذا القطاع الحيوي، ويشير إلى أهمية تعزيز الثقة في قدرات هذه الكيانات، من خلال ضمان التزامها باللوائح والتنظيمات، وإبعاد العناصر المخالفة التي تضر بسمعة المهنة وتضعف جودة خدماتها.

كما يبلغ عدد المهندسين في المملكة أكثر من 256 ألف مهندس، مما يشكل طاقة بشرية هائلة يمكن توظيفها لخدمة مسارات التنمية، بشرط توفير بيئة مهنية نظيفة من التستر، ومبنية على التنافس العادل، مما يتيح للمهندس الوطني فرصة التطور والمساهمة الفاعلة في المشاريع الكبرى.

ويرى مختصون في الشأن الهندسي أن التستر التجاري يؤدي إلى اختلال في سوق الخدمات، حيث يقدم بعض المتسترين خدمات بأسعار غير منطقية، مستغلين غياب التنظيم الصارم في بعض المناطق، وهو ما يؤثر سلبًا على جودة التصاميم والتنفيذ، ويزيد من احتمالات ظهور عيوب إنشائية أو هندسية لاحقًا.

وتدعو غرفة الرياض إلى تكثيف حملات التوعية للمكاتب والشركات والمستهلكين، حول مخاطر التعامل مع كيانات غير مرخصة، وضرورة التأكد من نظامية الجهة المقدمة للخدمة، مؤكدة أن تعزيز ثقافة الوعي المهني لدى أصحاب المشاريع يسهم في تحصين السوق من هذه الممارسات.

وتشير الغرفة إلى أن بعض المكاتب الوطنية باتت تعاني من فقدان الفرص لصالح جهات غير نظامية، الأمر الذي يضعف من قدرتها على التوسع وتوظيف الكفاءات الوطنية، ما يتناقض مع الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للرؤية الوطنية، ويقلل من فرص التوطين النوعي في مهن الهندسة.

وفي هذا السياق، دعت الغرفة إلى تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتقديم حوافز للمكاتب الوطنية الملتزمة بالأنظمة، بما في ذلك تيسير حصولها على المشاريع الحكومية وشبه الحكومية، وتوفير برامج تدريب وتأهيل لرفع كفاءة الكوادر الوطنية، حتى تصبح قادرة على قيادة القطاع الهندسي بكل كفاءة.

وكررت الغرفة تأكيدها أن ضمان جودة المشاريع لا يتحقق فقط عبر التشريعات، بل من خلال منظومة متكاملة تبدأ من منع التستر، وتمر بتأهيل الكوادر، وتنتهي بالتطبيق الصارم للأنظمة، ما يضمن تنفيذ مشاريع وطنية بمستوى عالمي، ويعزز مكانة المملكة في مجال الهندسة والبنية التحتية.

واختتمت غرفة الرياض بيانها بدعوة المهندسين والمكاتب والشركات إلى الالتزام بالممارسات المهنية السليمة، والإبلاغ عن أي مخالفات أو حالات تستر، مؤكدة أن التصدي لهذه الظاهرة مسؤولية جماعية لحماية المهنة وضمان سلامة المشروعات التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر.