الاتحاد السعودي لكرة القدم، برئاسة ياسر المسحل.

قرار مرتقب يشعل الجدل .. الاتحاد السعودي يدرس خطوة تاريخية في دوري روشن

كتب بواسطة: تميم بدر |

في خطوة قد تغير ملامح كرة القدم السعودية وتثير موجة من الجدل على الساحة الرياضية، يدرس الاتحاد السعودي لكرة القدم، برئاسة ياسر المسحل، مقترحًا جديدًا يهدف إلى زيادة عدد اللاعبين الأجانب المسموح بمشاركتهم في مباريات دوري روشن، وذلك ضمن رؤية استراتيجية تستهدف تطوير المسابقة المحلية ورفع مستواها الفني، استعدادًا لانطلاق الموسم الرياضي الجديد 2025-2026.

والموسم الكروي الجديد سيشهد تطورات متسارعة في المشهد المحلي، إذ من المقرر أن تبدأ منافسات كأس السوبر السعودي في هونج كونج خلال الفترة الممتدة بين 19 و23 أغسطس، قبل أن تنطلق بطولة دوري روشن في 28 من الشهر ذاته، لتستمر حتى 21 مايو من العام التالي، وسط توقعات بأن يكون الموسم من أكثر المواسم إثارة على صعيد المنافسة والتنظيم.

إقرأ ايضاً:

احجز مقعدك الآن.. التسجيل في القدرة المعرفية 2025 يبدأ رسميًادوري روشن يُربك حسابات الريال .... أزمة في ريال مدريد بسبب راتب فينيسيوس!

ويأتي هذا التوجه المحتمل في إطار سعي الاتحاد السعودي لمواكبة المعايير الدولية وتقديم منتج كروي أكثر جاذبية فنيًا وتسويقيًا، إذ كشفت مصادر إعلامية، من بينها الإعلامي عبد الرحمن العامر، عن مناقشات جارية داخل أروقة الاتحاد لبحث إمكانية السماح بمشاركة 10 لاعبين أجانب في قائمة كل فريق خلال المباراة الواحدة، مع السماح بوجود ثمانية منهم داخل الملعب، وإثنين على دكة البدلاء.

وبحسب ما تم تداوله، فإن الآلية المقترحة تنص على أنه يمكن استبدال لاعب أجنبي بآخر أجنبي أثناء المباراة، دون السماح بإدخال لاعب أجنبي مكان لاعب سعودي خرج من الملعب، إذا كان عدد الأجانب على أرضية الميدان قد بلغ الحد الأعلى المسموح به، أي ثمانية لاعبين، وهو ما يعكس دقة التنظيم الذي يتم التفكير فيه لتفادي أي ارتباك فني أو قانوني.

وتعد هذه الخطوة امتدادًا للقرار السابق الذي أقره الاتحاد، والذي سمح للأندية بقيد 10 لاعبين أجانب ضمن قوائمها، مع تحديد إمكانية إشراك ثمانية فقط في كل مباراة، الأمر الذي واجه في حينه انتقادات وتحفظات من البعض، بينما رحب به آخرون رأوا فيه نقلة نوعية نحو تحسين جودة المنافسات.

ولكن ما يميز الوضع الحالي هو أن القرار الجديد لا يزال في طور الدراسة، ولم يصدر بشكل رسمي، حيث نفى الإعلامي منير آل خاتم أن يكون الاتحاد قد أرسل أي تعميم رسمي إلى الأندية بهذا الخصوص، مشيرًا إلى أن كل ما تم تداوله لا يتعدى كونه نقاشات داخلية بين اللجان المختصة، وهو ما أكده لاحقًا العامر ذاته، موضحًا أن الأمر لا يزال قيد التشاور.

ورغم أن القرار لم يُفعّل بعد، إلا أن التفاعل الإعلامي معه جاء سريعًا وقويًا، إذ أبدى عدد من المعلقين ترحيبهم بالفكرة، معتبرين أنها تعطي الأندية مرونة أكبر في إدارة التشكيلات، خاصة في ظل التعاقدات المكلفة مع لاعبين أجانب لم يجدوا فرصًا كافية للظهور في الموسم الماضي، كحال اللاعب أنجيلو جابرييل الذي انضم إلى نادي النصر مقابل 20 مليون يورو تقريبًا، دون أن يحقق المشاركة المنتظرة.

ويرى الإعلامي بسام الدخيل أن تطبيق القرار سيخفف الضغط على الأجهزة الفنية، التي اضطرت خلال الموسم الماضي إلى استبعاد أسماء بارزة من قوائم المباريات بسبب محدودية عدد المقاعد الأجنبية، مضيفًا أن الاستفادة من اللاعبين الأجانب ستكون أكبر إذا أتيحت فرصة إدخالهم بشكل تدريجي خلال المباراة، وليس فقط ضمن التشكيلة الأساسية.

ويضيف الدخيل أن الأندية الكبرى مثل الهلال والاتحاد والنصر، التي تمتلك كوكبة من اللاعبين الأجانب، ستكون المستفيد الأكبر من هذا القرار، خصوصًا في ظل خوضها منافسات محلية وقارية مرهقة، ما يتطلب تنوعًا أكبر في الخيارات الفنية والبدائل طوال الموسم.

ولكن في المقابل، لا تخلو الفكرة من الأصوات المعارضة، إذ أبدى الإعلامي هاني البشر قلقه من تبعات القرار على مستوى الكرة السعودية ككل، معتبرًا أن زيادة عدد الأجانب قد تُضعف فرص اللاعبين المحليين في الحصول على دقائق لعب كافية، مما ينعكس سلبًا على جاهزية المنتخب الوطني في الاستحقاقات المقبلة.

ويؤكد البشر أن المدرب الفرنسي هيرفي رينارد، مدرب المنتخب السابق، كان قد اشتكى من قلة الخيارات المتاحة أمامه من اللاعبين المحليين بسبب هيمنة العناصر الأجنبية على معظم مراكز اللعب، ما دفعه إلى النظر إلى دوري يلو للعثور على عناصر قادرة على تمثيل الأخضر، في ظل غياب المواهب السعودية عن المشهد الأساسي.

وتعيد هذه التطورات الجدل القديم الجديد حول الأولويات في تطوير كرة القدم السعودية، فبين من يرى في استقطاب الأجانب وسيلة لتسويق الدوري ورفع مستواه الفني، ومن يعتبر أن الاعتماد على اللاعبين المحليين هو السبيل الحقيقي لصناعة منتخب قوي ومستدام، تبقى المسألة رهينة الموازنة الدقيقة بين الأهداف الفنية والتجارية.

ومن جهة أخرى، يعتبر متابعون أن الاتجاه نحو السماح بمشاركة أكبر عدد من اللاعبين الأجانب يتماشى مع طموحات السعودية في جعل دوري روشن ضمن الدوريات الخمسة أو العشرة الأقوى عالميًا، وهي الرؤية التي يقودها صندوق الاستثمارات العامة عبر دعم الأندية وتسهيل التعاقدات مع أبرز الأسماء الدولية.

ويخشى البعض من أن يتسبب القرار حال اعتماده في تفاوت كبير بين الأندية من حيث القوة التنافسية، خصوصًا وأن الأندية ذات الميزانيات الأكبر ستكون الأقدر على استقطاب عدد أكبر من اللاعبين المؤثرين، مما قد يعمق الفجوة مع الفرق المتوسطة والصغيرة.

ورغم هذه التخوفات، لا تزال هناك أصوات تطالب بإعطاء الفرصة للتجربة، على اعتبار أن إحداث التطوير يتطلب قرارات جريئة قد لا تكون شعبية في البداية، لكن تأثيرها يظهر على المدى الطويل، شرط أن ترافقها سياسات تكميلية لتطوير المواهب المحلية والارتقاء ببرامج الأكاديميات.

وفي نهاية المطاف، يبدو أن الاتحاد السعودي لكرة القدم يقف أمام خيار استراتيجي لا يخلو من المخاطرة، فإما أن يسهم في تسريع نقل الدوري إلى مصاف الدوريات العالمية، أو يؤدي إلى نتائج عكسية تعيق تطوير الكرة الوطنية، وهو ما يجعل المرحلة المقبلة حاسمة في تقييم هذا القرار ومردوده الشامل.

ومع اقتراب انطلاق الموسم الجديد، تترقب الجماهير الكروية والمحللون والمختصون القرار النهائي من الاتحاد، الذي سيتحدد بناءً على مداولات موسعة داخل اللجان الفنية والتنظيمية، لتحديد ما إذا كانت الخطوة التالية ستحمل تحولًا تاريخيًا أم أزمة جديدة في طريق الكرة السعودية.