أبقى بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة دون تغيير في اجتماعه الأخير، حيث تواصل الأسعار بين 4.25% و 4.5% للمرة الثالثة على التوالي، متحديًا الضغوط التي مارسها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، جاءت هذه الخطوة في وقت حساس، حيث طالب ترامب في عدة مناسبات بتخفيض سعر الفائدة باعتبار أنه أكثر دراية بالتضخم من مسؤولي البنك المركزي.
في المؤتمر الصحفي الذي أعقب الاجتماع أكد جيروم باول رئيس مجلس المحافظين للنظام الاحتياطي الفيدرالي، أن البنك يعكف على دراسة تبعات الرسوم الجمركية الأمريكية على الواردات من 185 دولة، والتي كان من المفترض أن تؤثر على الأسعار والتضخم، ورغم أن باول اعترف بتأثير هذه الرسوم على ثقة المستهلكين والشركات، إلا أنه شدد على أنها لم تُلحِق ضررًا كبيرًا بالاقتصاد الأمريكي بشكل عام.
أشار باول إلى أن التحديات الاقتصادية الحالية تتطلب الكثير من الحذر والتريث في اتخاذ أي قرارات بشأن السياسة النقدية، فزيادة الرسوم الجمركية بشكل أكبر كما أوضح قد تؤدي إلى زيادة التضخم، مع تباطؤ في النمو الاقتصادي وارتفاع محتمل في معدلات البطالة، وأضاف أن هذه التأثيرات قد تكون مؤقتة في بعض الأحيان، لكنها قد تصبح مستدامة إذا استمرت الإجراءات الجمركية الحالية.
يُظهر موقف بنك الاحتياطي الفيدرالي تمسكًا بالحذر في اتخاذ أي إجراءات قد تؤدي إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية الحالية، في ظل حالة عدم اليقين التي تشهدها الأسواق العالمية وبينما تركز إدارة ترامب على ضرورة تحفيز الاقتصاد من خلال خفض سعر الفائدة، يواصل البنك الفيدرالي التأكيد على ضرورة مراعاة الوضع الاقتصادي بشكل شامل، بما في ذلك التأثيرات المترتبة على الرسوم الجمركية والسياسات الاقتصادية الأخرى.
تبقى الأسئلة مفتوحة حول كيفية سير الأمور في الفترة القادمة، خاصة مع التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وعدد من الشركاء التجاريين الرئيسيين، في ظل ذلك يبدو أن البنك الفيدرالي يتبنى استراتيجية ثابتة لاحتواء التضخم وعدم التسرع في تعديل السياسة النقدية إلا بعد التأكد من استقرار الظروف الاقتصادية.
يبدو أن البنك الاحتياطي الفيدرالي يعتمد نهجًا حذرًا تجاه المخاطر المحتملة التي قد تترتب على استمرار الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، بالإضافة إلى تأثير الرسوم الجمركية على الدول الأخرى، في الوقت الذي يطالب فيه الرئيس ترامب بخفض الفائدة لتحفيز النمو الاقتصادي فإن الفيدرالي يرى أن مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى نتائج عكسية، مثل تسريع التضخم وزيادة الضغوط على الفئات ذات الدخل المحدود، وبالرغم من تصريحات ترامب المبالغ فيها حول تأثيره على سياسة الفيدرالي فإن الأخير لا يزال يصر على ضرورة الحفاظ على استقرار الأسعار قبل اتخاذ أي خطوات غير مدروسة.
على الرغم من عدم اتخاذ قرارات بتغيير السياسة النقدية في هذه الفترة، إلا أن استمرار الضغوط الاقتصادية قد يدفع الفيدرالي إلى اتخاذ إجراءات مستقبلية تعتمد على الوضع الاقتصادي في الأشهر المقبلة، فالتضخم وزيادة الأسعار التي يشهدها العديد من القطاعات تمثل تهديدًا حقيقيًا للاقتصاد الأمريكي، وفي حالة تفاقم الوضع قد يلجأ الفيدرالي إلى زيادة أسعار الفائدة مجددًا لاحتواء التضخم وهو ما سيؤدي إلى تأثيرات مباشرة على الشركات والمستهلكين على حد سواء إذ سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض والتأثير على الاستثمارات.
من جانب آخر يراقب المستثمرون بعناية سياسات الفيدرالي الأمريكي إذ أن أي قرار يتخذ بشأن الفائدة قد يكون له تأثيرات واسعة على الأسواق المالية العالمية، في ظل الوضع الراهن يبقى السؤال عن مدى قدرة الاقتصاد الأمريكي على التحمل في ظل الضغوط المتزايدة من الرسوم الجمركية والعوامل الخارجية الأخرى، وفي حال استمر الاقتصاد في إظهار إشارات من التباطؤ، قد يتغير موقف الفيدرالي، إلا أن أي تحرك سيعتمد على التحليل الدقيق للبيانات الاقتصادية المتوافرة في تلك اللحظة.