صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، وزير الخارجية.

باتصالين هاتفيين مع خارجية الهند وباكستان: المملكة تسعى للتهدئة وتؤكد دعمها لاستقرار المنطقة

كتب بواسطة: احمد قحطان |

في خطوة دبلوماسية تعكس حرص المملكة العربية السعودية على حفظ الأمن والاستقرار في جنوب آسيا، أجرى صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، وزير الخارجية، اتصالين هاتفيين منفصلين، اليوم، بكل من معالي وزير الشؤون الخارجية في جمهورية الهند الدكتور سوبراهمانيام جايشانكار، ومعالي نائب رئيس الوزراء وزير الشؤون الخارجية في جمهورية باكستان الإسلامية السيد إسحاق دار، في إطار مساعٍ سعودية تهدف إلى تهدئة التوترات الإقليمية بين البلدين النوويين الجارين.

وتم خلال الاتصالين بحث آخر التطورات المتسارعة في المنطقة، خاصة في ظل تصاعد التوترات العسكرية بين البلدين، والتي أثارت قلقاً إقليمياً ودولياً واسعاً، وسط مخاوف من تفاقم الوضع إلى مواجهات أكبر، وناقش الجانبان الجهود الرامية إلى وقف التصعيد، ومنع أي انزلاق نحو مزيد من العنف، مع التأكيد على ضرورة تغليب لغة الحوار والتهدئة، وأكد سمو وزير الخارجية خلال الاتصالين، على حرص المملكة العربية السعودية على أمن واستقرار المنطقة، ودورها المتوازن في الحفاظ على علاقات طيبة ومتوازنة مع كل من الهند وباكستان، وهما دولتان تربطهما بالمملكة علاقات تاريخية، وشراكات استراتيجية في عدة مجالات.
إقرأ ايضاً:وزارة الحج والعمرة توقف 4 شركات عمرة وتغرم أخرى بسبب مخالفات التسكينهل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون "وزيراً"؟.. الإمارات تجيب.. والقرار يدخل حيز التنفيذ في 2026

وشدد سموه على أهمية احتواء التوترات بالطرق الدبلوماسية، وتجنب الانزلاق نحو مزيد من المواجهات العسكرية التي لن تخدم مصالح أي طرف، بل ستلقي بظلالها على الأمن الإقليمي والدولي، كما دعا سموه الجانبين إلى العمل من خلال القنوات السياسية والدبلوماسية لتجاوز الخلافات، وتعزيز أجواء الاستقرار.

وتأتي هذه التحركات السعودية في وقت تشهد فيه العلاقة بين الهند وباكستان توتراً متجدداً، إثر حوادث أمنية وتصعيد عسكري على حدود إقليم كشمير المتنازع عليه، ما أعاد المخاوف من تجدد الصدامات المسلحة بين البلدين، اللذين خاضا ثلاث حروب منذ استقلالهما عام 1947، اثنتان منها بسبب كشمير.

وقد توالت التحذيرات الإقليمية والدولية في الأيام الأخيرة بشأن خطورة التصعيد، مع دعوات إلى ضبط النفس والحوار، وتُعد السعودية من أبرز الدول التي تحتفظ بعلاقات وثيقة ومتوازنة مع الجانبين، ما يمنحها موقعًا فريدًا يسمح لها بلعب دور وسيط بناء في مثل هذه الأزمات.

 وتربط المملكة العربية السعودية بجمهورية الهند علاقات استراتيجية واقتصادية قوية، حيث تُعد الهند من أكبر شركاء المملكة التجاريين، بالإضافة إلى روابط ثقافية وإنسانية تتمثل في وجود جالية هندية كبيرة داخل المملكة، تساهم في العديد من القطاعات.

كما تتمتع العلاقات السعودية الباكستانية بعمق خاص، مدعوم بالتاريخ والدين والجغرافيا، وتعاون في مجالات الدفاع والطاقة والاقتصاد، وغالبًا ما تتشارك الدولتان مواقف متقاربة في العديد من القضايا الإسلامية والإقليمية.

وهذا التوازن الدبلوماسي الفريد يضع المملكة في موقع يؤهلها للعب دور الوسيط النزيه، ويدعم جهودها في نزع فتيل الأزمات قبل انفجارها، وهو ما يظهر جليًا في تحركها الأخير عبر الاتصالين المباشرين مع الطرفين.

ويُعَد هذا التحرك الدبلوماسي امتدادًا لدور المملكة المتنامي في معالجة النزاعات الإقليمية والدولية، وتأكيدًا على التزامها بسياسات التهدئة والحوار، بعيدًا عن التصعيد والعنف، وقد سبق للمملكة أن لعبت أدوارًا محورية في تهدئة أزمات متعددة، سواء في منطقة الخليج أو على الساحة الإسلامية الأوسع.

ويعكس هذا الموقف السعودي أيضًا التزامها بمبادئ السياسة الخارجية القائمة على الحياد الإيجابي، والسعي إلى بناء الجسور وتذليل العقبات أمام التسويات السلمية، من دون الانحياز لأي طرف على حساب الآخر، وهي سياسة لطالما كانت محور تقدير دولي واسع.

ومن المتوقع أن تحظى المبادرة السعودية بإشادات إقليمية ودولية، خاصة في ظل غياب جهود واضحة من قوى كبرى لتحريك عجلة التهدئة بين البلدين، ويرى مراقبون أن المملكة، بما تملكه من علاقات راسخة ومصالح مشتركة مع الطرفين، قادرة على إعادة ضبط الإيقاع بين الهند وباكستان، لا سيما إذا تم توسيع الحوار إلى لقاءات مباشرة برعاية إقليمية، ويُنتظر أن يتبع هذا التحرك الدبلوماسي السعودي خطوات أخرى، قد تشمل دعوات لاجتماعات ثلاثية، أو تواصل مع منظمات دولية لحشد الدعم لجهود التهدئة.

وفي وقت تتكاثف فيه الأزمات على الساحة الدولية، تبرز المملكة العربية السعودية كلاعب محوري يدفع باتجاه الاستقرار، ويُسخّر أدواته الدبلوماسية لمواجهة التوترات قبل أن تتحول إلى نزاعات، ويُعد الاتصالان الهاتفيان اللذان أجراهما وزير الخارجية مع نظيريه في الهند وباكستان، رسالة واضحة بأن المملكة تضع أمن المنطقة واستقرارها فوق كل اعتبار، وتؤمن بأن الحوار هو الطريق الأقصر نحو السلام.