الجيش السوداني

دارفور تنزف: قصف عشوائي يقتل مدنيين في قلب النزاع

كتب بواسطة: بدور حمادي |

في ظل استمرار النزاع المسلح الذي يمزق السودان منذ أكثر من عام، اشتدت حدة المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في إقليم دارفور، وسط تصاعد مأساوي في أعداد الضحايا المدنيين وتدهور الأوضاع الإنسانية.

وفي تطور ميداني لافت، أعلن مصدر عسكري، اليوم السبت، أن القوات المسلحة السودانية نفذت هجومًا دقيقًا استهدف مخازن أسلحة ومعدات عسكرية تابعة لقوات الدعم السريع في مناطق متعددة من دارفور، وذلك في محاولة لتقويض القدرات القتالية لهذه القوات التي تتهمها الحكومة باستهداف المدنيين.
إقرأ ايضاً:"ثورة" في كرة القدم.. كيف سيغير "الذكاء الاصطناعي" طريقة مشاهدتك للدوري الإنجليزي؟الأرصاد السعودية تحذر .. سحب رعدية ممطرة ورياح نشطة تضرب هذه المناطق

وفي الوقت ذاته، أعلن الجيش السوداني مقتل ثلاثة مواطنين وإصابة عشرة نساء، من بينهن امرأة حامل في شهرها السادس، بالإضافة إلى ستة أطفال، إثر قصف مدفعي شنته قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، التي تعد آخر معقل رئيسي للجيش في الإقليم الغربي الشاسع، ويأتي هذا الهجوم ضمن سلسلة من القصف العشوائي والممنهج، بحسب ما أكده بيان صادر عن الجيش السوداني نُشر عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك"، والذي اتهم قوات الدعم السريع بمواصلة استهداف المدنيين العزّل وتدمير المرافق الحيوية والممتلكات الخاصة.

وفي سياق متصل، أفادت منظمة إنقاذ، وهي منظمة تضم متطوعين في مجال الإغاثة، أن 14 شخصاً من عائلة واحدة لقوا حتفهم في غارة جوية طالت مخيم أبو شوك للنازحين، الواقع بالقرب من مدينة الفاشر، واتهمت المنظمة قوات الدعم السريع بتنفيذ القصف الذي وصفته بالمكثف والكارثي، مساء أمس الجمعة، مؤكدة أن الهجوم تسبب في دمار واسع النطاق داخل المخيم المكتظ بالنازحين الفارين من مناطق القتال.

وأضافت القوات المسلحة السودانية في تقريرها الميداني أنها نفذت عمليات تمشيط وتأمين في محيط المدينة لمنع محاولات التسلل من قبل عناصر الدعم السريع، كما كثفت من إجراءات حماية الممتلكات العامة والخاصة بعد تسجيل حالات نهب وسرقة واسعة في الأيام الماضية، وأكدت القيادة العسكرية أن الأوضاع الأمنية داخل مدينة الفاشر لا تزال تحت السيطرة الكاملة، رغم محاولات قوات الدعم السريع المتكررة لاقتحام المدينة الاستراتيجية.

تكتسب مدينة الفاشر أهمية خاصة في سياق المعارك الجارية، حيث أنها المدينة الرئيسية الوحيدة في إقليم دارفور التي لا تزال خارج سيطرة قوات الدعم السريع، مما يجعلها هدفاً مركزياً في استراتيجية الأخيرة للسيطرة على كامل الإقليم، وبالتالي توسيع رقعة نفوذها الجغرافي والعسكري، وتعد دارفور بحد ذاتها منطقة بالغة التعقيد، نظراً لتضاريسها ومساحتها الشاسعة وتشابك النزاعات القبلية والتاريخية فيها.

ويشهد السودان منذ أبريل 2023 صراعًا دمويًا على السلطة بين الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش، والفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائد قوات الدعم السريع، وقد أدى هذا الصراع إلى مقتل عشرات الآلاف من المدنيين والعسكريين، وتشريد أكثر من 13 مليون شخص داخل وخارج البلاد، ما أسفر عن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في القارة الإفريقية خلال العقود الأخيرة، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.

ومع استمرار الاشتباكات وانعدام أي بوادر فعلية للتسوية السياسية، يبقى مستقبل السودان غامضاً ومفتوحاً على كل الاحتمالات، في ظل الانقسام العميق بين القوى المتصارعة والانهيار شبه الكامل لمؤسسات الدولة والخدمات الأساسية.