سيارات ذكية

بـ"خدعة بسيطة" تبدأ من "البلوتوث".. الكشف عن ثغرة تسمح بالتحكم في "مكابح وتوجيه" سيارتك

كتب بواسطة: حسن بكري |

في عرض صادم خلال مؤتمر Black Hat الأمني في آسيا، كشف باحثون متخصصون عن ثغرة خطيرة في طراز شهير من السيارات الكهربائية، تمكن المهاجمون من خلالها من السيطرة على السيارة بالكامل.

في سيناريو أقرب إلى أفلام التجسس من واقع السيارات المتصلة اليوم، سيارة "نيسان ليف" موديل 2020 كانت محور هذه التجربة، حيث أظهر المخترقون كيف يمكن استغلال الثغرة ليس فقط في التحكم بالمركبة، بل في التنصت على الركاب وتتبع تحركاتهم لحظة بلحظة.
إقرأ ايضاً:لحظات مؤلمة تعيشها بعثة الهلال .. نيفيز يتأثر برحيل صديق العمر قبل مواجهة نارية!بشرى للمعلمين والمعلمات .. صرف الفروقات يقترب وثلاث دفعات تستعد للاستلام

الثغرة الأمنية لم تكن بسيطة أو محدودة التأثير، بل شملت إمكانية التحكم بأنظمة التوجيه، والفرامل، والمرايا، والمساحات، وحتى تشغيل أو تعطيل وظائف القيادة الأساسية، وبمجرد اختراق النظام، يستطيع المتسللون تسجيل الأصوات داخل المقصورة، ما يعني أن الخصوصية داخل السيارة باتت موضع شك، وهو أمر لم يكن يُؤخذ بعين الاعتبار من قبل معظم المستخدمين.

الاختراق لا يتم تلقائياً، بل يتطلب خطوات بسيطة من قبل المهاجم لتحفيز التفاعل من الضحية، تبدأ العملية بتشويش إشارات الاتصال بتردد 2،4 جيجاهرتز، مما يؤدي إلى انقطاع البلوتوث في السيارة، حينها يتلقى السائق إشعارًا بأن النظام يواجه مشاكل في الاتصال، ما يدفعه لإعادة ضبط الإعدادات، وهي اللحظة المثالية للمهاجم ليقتحم النظام.

رغم أن نطاق تأثير الثغرة يبدو محدوداً – كونه متعلقاً بموديل معين من سيارات نيسان ونسخة محددة من النظام البرمجي – إلا أن الأثر المحتمل واسع ومقلق، خصوصاً إذا ما نُظر إلى الحوسبة المتزايدة في السيارات الحديثة، التي أصبحت تعتمد على البرمجيات في كل تفاصيلها التشغيلية.

شركة نيسان تم إخطارها بالثغرة من قِبل الباحثين قبل الكشف عنها علنًا، ما أتاح لها إصدار تحديث أمني عاجل لمعالجة المشكلة، ومع ذلك، فإن الحادثة فتحت باباً كبيراً للنقاش حول أمن المركبات الذكية، وقدرة الشركات على مجاراة مستوى التهديدات الذي بات يواكب التطور التقني المتسارع.

وفقاً لشركة PCAutomotive، فإن هذا النوع من الهجمات قد يصبح أكثر شيوعًا في المستقبل، نظراً لتزايد اعتماد المستخدمين على الاتصال اللاسلكي في سياراتهم، ولأن معظمهم لا يدرك مدى خطورة التلاعب بهذه القنوات عند غياب الحماية الكافية.

السيارات لم تعد مجرد وسيلة نقل، بل أصبحت بيئة تقنية متكاملة تجمع بين الاتصالات، الحوسبة، والذكاء الاصطناعي، وكلما زاد تعقيد أنظمتها، زادت معها فرص استغلال الثغرات الكامنة، ما يجعل تأمينها تحديًا حقيقياً أمام الشركات والمطورين.

القلق يتزايد عندما توضع السيارات ذاتية القيادة في الاعتبار، ففي هذه المركبات، يعتمد كل شيء على الأوامر الرقمية، بدءًا من التوجيه وحتى اتخاذ القرارات الطارئة، وفي حال تمكن مخترق من تجاوز الطبقات الأمنية، فإن نتائج الهجوم قد تكون كارثية.

السيناريوهات المحتملة تتراوح بين استخدام الاختراق لأغراض تجسسية محددة، مثل تتبع أفراد أو سرقة بيانات، إلى هجمات عشوائية تستهدف فوضى مرورية أو حوادث مدبرة، عبر التحكم بمركبات دون علم أصحابها أو تحريكها عن بُعد.

الحاجة لتطوير بروتوكولات أمنية أكثر صرامة باتت ملحة، ولا يكفي أن تُترك هذه الأنظمة لمصنّعي السيارات وحدهم، بل يجب أن يكون هناك تعاون أوسع يشمل خبراء الأمن السيبراني، ومشرعين، وهيئات رقابة، لضمان حماية المستخدمين في هذا العالم المتشابك تقنياً.

الاختراقات المستقبلية قد لا تقتصر على السيارة وحدها، بل تمتد إلى الربط بين السيارة والهاتف، أو المنزل الذكي، أو حسابات المستخدم الأخرى، مما يجعل كل الثغرات المحتملة بمثابة مداخل إلى حياة رقمية بأكملها.

وبينما يتسابق العالم نحو تحويل السيارات إلى مراكز بيانات متنقلة، لا تزال الهواجس الأمنية تكبر، والاختبارات الفعلية تكشف يومًا بعد آخر أن ما بدا آمناً قد يخفي ما هو أعقد وأكثر تهديداً مما تصورنا.

فهل سيكون المستقبل أكثر راحة أم أشد قلقاً؟ ذلك يتوقف على ما إذا كان صانعو التكنولوجيا سينجحون في سد الثغرات قبل أن يسبقهم إليها من يهوى الاختراقات لا الابتكارات.

الأكثر قراءة
آخر الاخبار