أكد مدير الغذاء الصحي في الهيئة العامة للغذاء والدواء، فيصل بن سنيد، أن السياسات الجديدة التي تعتمدها المملكة في مجال تنظيم الغذاء، تستهدف بشكل مباشر تقليل معدلات الوفيات الناتجة عن الأمراض المزمنة، من خلال دعم الخيارات الصحية للمستهلكين، وتوفير بيئة غذائية آمنة وأكثر وعيًا.
وأوضح في مداخلة تلفزيونية مع قناة "الإخبارية" أن هذه السياسات تأتي ضمن مجموعة من التشريعات المتكاملة التي تبنتها الهيئة العامة للغذاء والدواء مؤخرًا، والهادفة إلى الوقاية من المخاطر الصحية عبر تنظيم الغذاء والحد من المكونات الضارة التي تساهم في ظهور الأمراض المزمنة.
إقرأ ايضاً:برنامج سدايا الجديد.. كيف يُمكن للذكاء الاصطناعي أن يغير شكل الإدارة الحكومية في السعودية؟هبّات غبار وتهديد الرؤية الأفقية.. أجواء المملكة بين مطر ورياح نشطة
وأشار بن سنيد إلى أن هذه الخطوات التشريعية لا تُعد جديدة تمامًا، بل تمثل امتدادًا لمبادرات سابقة أطلقتها الهيئة ضمن إطار استراتيجيتها الشاملة، التي تركز على تحسين النمط الغذائي لدى أفراد المجتمع، وتشجيع المصانع والمنشآت على تطوير منتجات أكثر توازنًا.
واعتبر أن أحد الأهداف الرئيسة لهذه السياسات هو تعزيز مفهوم "الوقاية قبل العلاج"، بما ينعكس بشكل إيجابي على صحة المواطنين والمقيمين، من خلال تقليل الاعتماد على الأغذية الغنية بالصوديوم والدهون والسكر، وهي المكونات التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بأمراض القلب والسكري وارتفاع الضغط.
وأوضح أن العمل على تنظيم الغذاء الصحي لا يعني تقييد حرية المستهلك أو تقليل خياراته، بل تمكينه بالمعلومات الضرورية لاتخاذ قرارات غذائية أفضل، بما في ذلك الإعلانات التوعوية، ووضوح القوائم الغذائية في المطاعم، ووسم المنتجات بمعلومات دقيقة عن محتواها الغذائي.
وأكد أن هذه السياسات تسير بشكل متكامل مع رؤية المملكة 2030، التي تضع جودة الحياة والصحة العامة في صدارة أولوياتها، وتركز على بناء مجتمع صحي منتج، يمتلك الوعي الكافي لإدارة نمطه الغذائي والنشاطي.
وكانت الهيئة العامة للغذاء والدواء قد أعلنت مؤخرًا عن قرب تطبيق لوائح فنية جديدة تتعلق بالغذاء الصحي، تشمل توضيح نسب الكافيين والملح في الوجبات، وإضافة رموز إرشادية، وتقديم معلومات حول عدد السعرات الحرارية والوقت اللازم لحرقها.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تتزايد فيه معدلات الإصابة بالأمراض المزمنة حول العالم، نتيجة أنماط الحياة الحديثة التي تعتمد بشكل كبير على الأغذية الجاهزة والمصنعة، والتي غالبًا ما تفتقر إلى التوازن الغذائي الضروري للحفاظ على الصحة.
وبحسب بن سنيد، فإن تطبيق هذه اللوائح يفتح المجال أمام المستهلك لفهم ما يتناوله بدقة، والمقارنة بين الخيارات الغذائية بطريقة مبنية على بيانات واضحة، وليس على تفضيلات ذوقية أو دعايات تجارية قد تكون مضللة في بعض الأحيان.
وبيّن أن أحد عناصر هذه اللوائح يشمل أيضًا تشجيع المنشآت الغذائية على تعديل وصفاتها وتقليل نسب العناصر الضارة، مما يخلق سوقًا أكثر التزامًا بالصحة، ويدفع قطاع الأغذية نحو تحسين الجودة وتطوير بدائل صحية منافسة.
وفي سياق متصل، تُعد هذه السياسات أيضًا دعوة غير مباشرة لتغيير الثقافة المجتمعية حول مفهوم الغذاء، من مجرد مصدر للشبع إلى وسيلة لحماية الجسم، والحفاظ على الطاقة والنشاط، والوقاية من الأمراض التي تستنزف موارد الفرد والدولة معًا.
ولفت إلى أن الاستراتيجية تركّز كذلك على دعم البحوث والدراسات الغذائية، وبناء شراكات مع الجهات الصحية والتعليمية والإعلامية لنشر التوعية، وتحفيز المجتمع على تغيير عاداته الغذائية بشكل تدريجي ومستدام.
وأكد أن الهيئة تتيح للمستهلكين أدوات تقنية مثل "حاسبة الكافيين" والمنصات الإلكترونية التي توفّر قواعد بيانات محدثة عن المنتجات الغذائية ومحتوياتها، مما يسهل عملية الاختيار والمقارنة بشكل فوري وسلس.
وفي ختام حديثه، شدد بن سنيد على أن النجاح في خفض نسب الإصابة بالأمراض المزمنة لا يتحقق بقرارات حكومية فقط، بل يتطلب تعاونًا مجتمعيًا واسعًا، ووعيًا متزايدًا بأن الصحة تبدأ من الطبق الذي نختاره كل يوم، مشيرًا إلى أن التغيير قد يكون تدريجيًا .