تستعد المملكة العربية السعودية لتطبيق خطوة تنظيمية جديدة تستهدف رفع مستوى الوعي الغذائي لدى المواطنين والمقيمين، من خلال إلزام المطاعم والمقاهي بكشف مكونات الوجبات والمشروبات التي تقدمها.
وذلك ابتداءً من الأول من يوليو 2025، وفق ما أعلنته الهيئة العامة للغذاء والدواء، هذا التوجه يهدف إلى تعزيز الشفافية وتحفيز المستهلكين لاتخاذ خيارات صحية عند تناول الطعام خارج المنزل.
إقرأ ايضاً:شروط ومعايير دقيقة: دليلك للقبول في دورة تأهيل الضباط الجامعيين 55حياة صحية بوعي كامل: السعودية تعلن عن خطة شاملة لتقليل وفيات الأمراض المزمنة عبر الغذاء
اللوائح الفنية الجديدة ستفرض على المنشآت الغذائية عرض معلومات تغذوية دقيقة ضمن قوائم الطعام، وهو ما يشمل وسم الوجبات عالية الملوحة، والإفصاح عن نسبة الكافيين في المشروبات.
بالإضافة إلى توضيح عدد السعرات الحرارية المستهلكة والمدة اللازمة لحرقها، مما يمنح رواد المطاعم والمقاهي أدوات تساعدهم في تقييم اختياراتهم الغذائية بشكل عملي ومدروس.
وأكدت الهيئة أن هذه المبادرات تأتي في إطار سعيها لبناء مجتمع صحي يتبنى نمط حياة متوازناً، ويستند في اختياراته الغذائية إلى معلومات دقيقة وموثوقة، تتيح له التحكم بكميات المواد ذات التأثير الصحي مثل الملح والكافيين، والتي تشكل عنصرًا مشتركًا في العديد من الأمراض المزمنة.
ووفقًا لتوصيات منظمة الصحة العالمية، فإن الاستهلاك اليومي الموصى به للملح لا ينبغي أن يتجاوز 5 غرامات للبالغين، أي ما يعادل ملعقة شاي صغيرة، بينما يُنصح بألا يزيد استهلاك الكافيين عن 400 ملغ يوميًا للبالغين.
وتنخفض هذه النسبة إلى 200 ملغ للنساء الحوامل، وهي معايير تستند إليها اللوائح السعودية الجديدة وسيتم استخدام وسم خاص بعنوان "الملوحة" إلى جانب الوجبات التي تحتوي على نسبة مرتفعة من الصوديوم، كإشارة تحذيرية تساعد المستهلك على تقليل تناوله لها، مما يسهم في الحد من مشكلات صحية مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب التي ترتبط بزيادة تناول الملح.
كما ستُلزم اللوائح الجديدة بالإفصاح عن نسبة الكافيين في كل مشروب، وهو ما يمكّن الأفراد من معرفة كمية الكافيين التي يتناولونها خلال اليوم، خاصة أولئك الذين يعانون من مشكلات في النوم أو اضطرابات في القلب أو من هم في فئات عمرية حساسة مثل الأطفال والمراهقين وتتيح الهيئة العامة للغذاء والدواء للمستهلكين.
وأصحاب المنشآت الاستفادة من "حاسبة الكافيين الإلكترونية" عبر موقعها الرسمي، وهي أداة ذكية تمكّن المستخدم من إدخال نوع المشروب وكمية الكافيين المتوقعة، لتحصل على حساب دقيق فوري يساعد على ضبط الاستهلاك.
كما يمكن للراغبين في التعرف على تفاصيل اللوائح الفنية الجديدة زيارة المتجر الإلكتروني "مواصفة"، حيث تتوفر نسخة كاملة من التشريعات التي تغطي البنود الخاصة بوسم الملوحة، والكافيين، والسعرات الحرارية، إضافة إلى النشاط البدني المرتبط باستهلاك الوجبات.
ويأتي هذا التحديث التنظيمي ضمن حزمة من السياسات التي تتبعها المملكة لتعزيز جودة الحياة، حيث سبق للهيئة العامة للغذاء والدواء أن أطلقت مبادرات مشابهة خلال مواسم الحج والعمرة، تهدف لضمان سلامة الغذاء والشراب المقدم للحجاج والمعتمرين،
المواطنون والمقيمون سيصبحون أمام تجربة طعام أكثر وعيًا، حيث يمكنهم مقارنة الوجبات بناءً على نسب الأملاح والسعرات والكافيين، واختيار البدائل المناسبة التي تتماشى مع نمطهم الصحي أو حالتهم الطبية، في خطوة تواكب التوجه العالمي نحو نمط غذائي مسؤول.
ومن المتوقع أن تسهم هذه التغييرات في تحفيز المطاعم والمقاهي على إعادة النظر في مكونات وجباتها ومشروباتها، سعيًا لتقليل المحتوى العالي من الصوديوم والكافيين واستحداث وصفات جديدة تراعي التوازن الغذائي وتتماشى مع التوجيهات الصحية.
اللوائح الجديدة لا تقتصر فقط على الجانب التثقيفي، بل تتضمن أيضًا دعوة إلى تبني ممارسات صحية يومية، من خلال توضيح المدة الزمنية المطلوبة لحرق السعرات الحرارية مما قد يشجع الأفراد على زيادة النشاط البدني وتبني أسلوب حياة أكثر حيوية.
وتعكس هذه الخطوة نهجًا استباقيًا للمملكة في مواجهة الأمراض المزمنة المرتبطة بالعادات الغذائية، مثل السمنة والسكري وارتفاع الضغط، وذلك بتسليح المستهلك بالمعلومة التي تمكّنه من ضبط خياراته بشكل عملي ودقيق في مختلف جوانب حياته اليومية.
تأتي هذه التحديثات في وقت تشهد فيه المملكة تحولات واسعة في مجالات الصحة العامة والتغذية، وهو ما يعكس توجهًا استراتيجيًا متكاملًا نحو مجتمع صحي قائم على المعرفة تسهم فيه المؤسسات والهيئات والقطاعات الخاصة بتناغم تحت مظلة رؤية 2030.
وفي ظل هذا التوجه، من المرجح أن تصبح تجربة الطعام خارج المنزل في السعودية أكثر تنظيمًا ووعيًا، حيث سيكون لكل اختيار غذائي دلالة واضحة ومعلومة حاسمة، تحوّل عملية تناول الوجبة من مجرد عادة إلى قرار محسوب له أثر مباشر على الصحة العامة.