في مشهدٍ جديدٍ يُضاف إلى سلسلة المواجهات المتصاعدة بين قطبين من أبرز الشخصيات تأثيرًا في الولايات المتحدة، وجّه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تحذيرًا شديد اللهجة للملياردير إيلون ماسك، ملوّحًا بـ"عواقب وخيمة جداً" إذا ما قرر الأخير دعم الحزب الديمقراطي أو تمويل حملاته الانتخابية، التحذير الذي نقله موقع NBC News، بدا أكثر وضوحًا وحدّة من أي تصريح سابق، ما يشير إلى تصدع كبير وربما نهائي في العلاقة التي كانت تجمع بين الرجلين.
ترامب، الذي يخوض معركة انتخابية شرسة تمهيدًا لانتخابات 2024، بدا قاطعًا حين سُئل عن طبيعة علاقته بماسك، حيث قال: "أفترض أنها انتهت، نعم"، هذا التصريح الصريح أعاد إلى الأذهان سلسلة من التوترات السابقة التي وُصفت في بعض الأوساط بأنها محاولات لجر ماسك إلى مربع الولاء السياسي الواضح، بعدما ظل لسنوات يتنقل بين ضفتي الجمهوريين والديمقراطيين دون انحياز صارم.
إقرأ ايضاً:نيابة عن خادم الحرمين.. نائب أمير مكة يُسلم كسوة الكعبة لسدنتهاكريستيانو رونالدو يكشف سر الترجمة الذي جمعه بميسي في الكواليس
الخلاف انفجر علنًا حين هاجم ماسك مشروع القانون الاقتصادي الذي يدعمه ترامب، والذي يتضمن خفضًا للضرائب مصحوبًا بإنفاق موسّع، واصفًا إياه بـ"الشر المقيت" معتبرًا أن من شأنه زيادة الدين القومي الذي بلغ بحسب بيانات رسمية 36،2 تريليون دولار، وكان لهذا الوصف وقع الصدمة لدى ترامب، الذي عبّر عن "خيبة أمل شديدة"، قائلًا إن علاقته بإيلون كانت جيدة ولا يعلم إن كان بإمكانها الاستمرار على هذا النحو.
ولم يتأخر الرد كثيرًا، إذ شهدت المنصات الاجتماعية تبادلًا عنيفًا للاتهامات، حيث لجأ ترامب إلى منصته "تروث سوشيال" لإطلاق هجوم حاد على ماسك، الذي لم يتردد في الرد عبر "إكس" (تويتر سابقًا) بمنشورات ساخرة وجريئة، من أبرزها قوله: "لولاي لخسر ترامب الانتخابات"، في إشارة إلى تأثيره الكبير على الرأي العام من خلال منصته الرقمية.
وفي تطور أكثر إثارة، فتح ماسك ملفًا شديد الحساسية حين ألمح في منشور إلى احتمال ارتباط اسم ترامب بفضيحة جيفري إبستين، المتهم السابق بارتكاب جرائم جنسية واستغلال قاصرين، وكتب ماسك: "آن الأوان للمفاجأة الكبرى… اسم دونالد ترامب موجود في ملفات إبستين، وهذا هو سبب عدم نشرها"، ورغم أن ماسك لم يقدم أدلة تدعم ادعاءه، إلا أن التصريح أثار زوبعة من التفاعل، نظرًا لحساسية ملف إبستين الذي توفي في 2019 بظروف لا تزال غامضة حتى اليوم.
من جهته، حاول ترامب نزع فتيل تصعيد قانوني محتمل، فنفى وجود أي نية لفتح تحقيقات أو ملاحقات ضد ماسك، مؤكدًا أنه لم يناقش الأمر مع أي جهة قضائية أو رسمية، وهو تصريح اعتبره البعض محاولة لتهدئة الأجواء أمام الرأي العام، بينما رأى فيه آخرون علامة على تراجع استراتيجي.
الخلاف بين ترامب وماسك لا يبدو كسحابة صيف عابرة، بل يعكس الانقسام العميق في المشهد السياسي الأمريكي، حيث يفرض المال والتكنولوجيا والإعلام تأثيرًا غير مسبوق على الحملات الانتخابية وصناعة القرار، كما يُسلّط هذا التوتر الضوء على مدى هشاشة التحالفات حتى بين من تجمعهم المصالح الاقتصادية أو التصورات السياسية المتقاربة.
وفي ظل ترقب الساحة الأمريكية لمواقف المليارديرات المؤثرين، يبقى السؤال مفتوحًا: هل سيُترجم هذا الصراع إلى تحول فعلي في خريطة الدعم المالي والتقني للمرشحين، أم أنها مجرد جولة جديدة في معركة لا تنتهي بين الشخصيات القوية التي تجاوزت حدود المال إلى لعب أدوار سياسية محورية.