بدأت إدارات التعليم في مختلف مناطق ومحافظات المملكة العربية السعودية في إشعار منسوبيها من المعلمين والمعلمات المشمولين بصرف فروقات تحويل الرواتب من التقويم الهجري إلى الميلادي، وأكدت هذه الإدارات في رسائل رسمية أن العمل جارٍ حاليًا على استكمال إجراءات الصرف خلال شهر يوليو الجاري، وهو ما يعكس تحركًا فعليًا طال انتظاره من قبل المعلمين الذين تأثرت رواتبهم جراء التحوّل.
وتعود تفاصيل هذه الفروقات إلى قرار سابق يقضي بتحويل صرف الرواتب من التاريخ الهجري إلى التاريخ الميلادي، والذي بدأ تطبيقه فعليًا في 19 ربيع الآخر 1439هـ، أي ما يوافق السادس من يناير 2018، حيث نص التوجيه السامي حينها على أن يتم توحيد مواعيد صرف رواتب موظفي الدولة لتكون في اليوم السابع والعشرين من كل شهر ميلادي، ضمن خطوات الإصلاح الإداري والتنظيم المالي.
إقرأ ايضاً:
الأرصاد تنبه.. الدمام تسجل 45 درجة والأرصاد تحذر من موجة غبار تضرب الشرقيةالأرصاد تنبه الأهالي.. أمطار وصواعق ورياح نشطة تضرب 6 محافظات في نجران حتى المساءوبحسب مصادر مطلعة، فإن الفئات التي شملها القرار الحالي تتضمن المعينين في وزارة التعليم خلال أعوام 1439هـ و1440هـ و1441هـ، وهي سنوات سبقت أو تزامنت مع تطبيق قرار التحويل، مما أدى إلى تأثر مستحقات بعض الموظفين، سواء بتفاوت مواعيد الاستحقاق أو احتساب فروقات لم تُسدد في حينها.
وقد ورد في إشعارات رسمية صادرة عن إدارات التعليم نص مباشر للموظفين المعنيين، جاء فيه: «عزيزي الموظفـ/ـة: نشعركم بأنه جارٍ العمل على صرف فرق تحويل الراتب من الهجري للميلادي للمعينين عام 1441/1440/1439»، وهو ما شكل بارقة أمل للعديد من المعلمين الذين انتظروا هذا التعويض المالي منذ أعوام.
ويُعد هذا التحرك استجابة مباشرة للتوجيه الذي أصدره وزير التعليم يوسف البنيان مؤخرًا، والذي شدد فيه على ضرورة الإسراع بصرف فروقات الرواتب لجميع المستحقين من منسوبي الوزارة، بعد مراجعة دقيقة للبيانات وتدقيق آليات الاستحقاق، على أن يتم الانتهاء من إجراءات الصرف خلال مدة لا تتجاوز 30 يوم عمل.
وكانت بعض الصحف قد نشرت هذا التوجيه الوزاري، مما أثار حينها اهتمامًا واسعًا في الأوساط التعليمية، لا سيما في ظل تزايد المطالبات بمعالجة الفروقات المالية المترتبة على التحوّل الزمني للرواتب، والتي ظلت معلّقة لعدة سنوات دون حسم.
ويمثل هذا التوجيه خطوة مهمة في معالجة إرث إداري سابق، حيث واجه بعض الموظفين فروقات في الرواتب تتراوح بين فروقات الأيام أو الأشهر، نتيجة تغير تاريخ الصرف من تقويم هجري إلى ميلادي، وهو ما ترتب عليه تباينات في الحسابات الخاصة بالمستحقات الشهرية للموظفين الجدد تحديدًا.
ويُتوقع أن تساهم هذه الخطوة في تعزيز الثقة بين الموظف والمؤسسة التعليمية، لاسيما وأن شريحة كبيرة من المعلمين والمعلمات كانوا يشعرون بالتجاهل أو النسيان في هذا الملف، خصوصًا أن بعضهم قدم عدة شكاوى ومطالبات خلال السنوات الماضية دون استجابة ملموسة.
كما تعكس هذه الإجراءات توجه وزارة التعليم نحو تسوية الملفات العالقة، وتعزيز مبدأ العدالة المالية، إذ تهدف إلى التأكيد على أن أي تغيير تنظيمي في منظومة الرواتب يجب أن يكون مصحوبًا بتسويات عادلة لكل من قد يتأثر بذلك، سواء سابقًا أو لاحقًا.
وتأتي هذه الخطوة بالتزامن مع عدة إصلاحات إدارية ومالية تشهدها المملكة، في ظل رؤية 2030 التي تُعلي من قيمة الشفافية والكفاءة، حيث تسعى الجهات الحكومية إلى تحسين بيئة العمل وتحقيق أعلى درجات الإنصاف للموظف الحكومي، بما ينعكس إيجابًا على جودة الأداء العام.
ويُتوقع أن يشمل الصرف المرتقب جميع المعلمين والمعلمات المعينين في السنوات المذكورة دون الحاجة لتقديم طلب رسمي أو مراجعة شخصية، حيث تعتمد الإدارات على قاعدة البيانات المركزية لاستكمال الإجراءات آليًا، وهو ما يُعد تسهيلًا كبيرًا في آلية الوصول إلى الاستحقاقات.
ولم توضح وزارة التعليم حتى الآن المبالغ التي سيتقاضاها كل موظف، إذ تختلف الفروقات حسب تاريخ التعيين وعدد الأيام أو الأشهر المتأثرة، إلا أن المؤشرات الأولية تشير إلى أن بعض المبالغ قد تتجاوز عدة آلاف من الريالات في بعض الحالات، حسب تقديرات غير رسمية.
وتُعد هذه الفروقات جزءًا من سلسلة طويلة من القضايا المالية التي ظهرت خلال السنوات الماضية نتيجة التحولات في نظام الرواتب، وقد طالت قطاعات أخرى بخلاف التعليم، إلا أن وزارة التعليم كانت في مقدمة الجهات التي واجهت هذه التحديات بسبب عدد موظفيها الكبير وتنوع التعيينات فيها.
وينتظر من وزارة التعليم أن تُعلن بشكل رسمي عن الانتهاء الكامل من عمليات الصرف، خصوصًا مع اقتراب نهاية شهر يوليو، وهو الموعد الذي وعدت به الوزارة كمحدّد زمني لإنهاء الملف، مما يضع المسؤولية على الجهات المعنية بسرعة الإنجاز.
كما يأمل المعلمون أن تكون هذه الخطوة مقدمة لمعالجة أي فروقات أخرى قد تظهر مستقبلاً، سواء كانت متعلقة بالبدلات أو الترقيات أو تحسين المستويات الوظيفية، وهو ما يُسهم في رفع رضا منسوبي التعليم وتعزيز استقرارهم الوظيفي.
ويتابع الشارع التعليمي هذا الملف بكثير من الاهتمام، في ظل شح المعلومات الرسمية وتداول واسع لتفاصيل غير مؤكدة على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يجعل التوضيح الرسمي ضرورة لتبديد أي لبس وتأكيد الحقوق بوضوح وشفافية.
ويؤكد مراقبون أن معالجة فروقات التحويل الهجري إلى الميلادي ليست فقط مسألة مالية، بل هي تعبير عن التزام الدولة بمبدأ عدم الإضرار المالي بالموظف بسبب تغيرات تنظيمية، وهو ما يعزز من عدالة الإجراءات ويمنح الثقة في النظام الإداري للدولة.
وفي ظل هذه التطورات، تترقب شريحة واسعة من المعلمين والمعلمات صرف هذه الفروقات، وسط تفاؤل حذر بطي صفحة امتدت لسنوات من الانتظار، مع آمال بأن تكون هذه الخطوة بداية لمعالجات أشمل وأسرع لأي قضايا مماثلة في المستقبل.