بوابة الحدود بين الهند وباكستان.

اتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان بوساطة أمريكية وسعودية وتركية: هل تمهّد الهدنة لسلام دائم؟

كتب بواسطة: حكيم حميد |

في تطور لافت ومفاجئ، أعلنت كل من الهند وباكستان التوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار، بعد أسابيع من التصعيد العسكري غير المسبوق على جانبي الحدود المشتركة، وجاء هذا الاتفاق ثمرة جهود دبلوماسية مكثفة قادتها الولايات المتحدة، وشاركت فيها المملكة العربية السعودية وتركيا، في محاولة لاحتواء واحدة من أخطر الأزمات بين الجارتين النوويتين منذ عقود.

والهدنة التي تم الإعلان عنها مساء السبت، وضعت حدًا لسلسلة من الاشتباكات العنيفة التي أسفرت عن مقتل وجرح العشرات من المدنيين والعسكريين على الجانبين، وجاء الاتفاق بعد جهود وساطة ماراثونية، قادتها واشنطن بدعم مباشر من الرياض وأنقرة، للضغط على الطرفين للجلوس إلى طاولة التفاوض، ووزير الخارجية الباكستاني، إسحاق دار، أكد في تصريحات لقناة "جيو نيوز" أن الوساطات الثلاثية ساهمت في تليين مواقف الطرفين، وفتح قنوات اتصال فعالة مهدت للاتفاق.

والتحرك الأمريكي كان الأبرز، حيث كشف وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عن تواصله المباشر، إلى جانب نائب الرئيس جيه دي فانس، مع كبار القادة في باكستان والهند خلال الـ48 ساعة التي سبقت الإعلان عن الاتفاق، وشملت المحادثات كلاً من رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ورئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف، إلى جانب وزيري الخارجية ورئيس أركان الجيش في البلدين، وأوضح روبيو أن هذه الجهود لم تركز فقط على وقف إطلاق النار، بل امتدت إلى الاتفاق على بدء محادثات شاملة في موقع محايد لمناقشة القضايا العالقة.

والإعلان الرسمي جاء عبر منصة "تروث سوشيال" من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي هنأ البلدين بـ"حسن التصرف والذكاء العظيم"، على حد وصفه، وسرعان ما أكد سكرتير الشؤون الخارجية الهندي، فيكرام ميسري، أن الاتفاق يشمل "وقف جميع عمليات إطلاق النار والعمليات العسكرية برًا وجوًا وبحرًا"، مع إصدار أوامر فورية للقوات المسلحة بتنفيذ الاتفاق، ومن المقرر عقد اجتماع جديد للقادة العسكريين في 12 مايو لمتابعة التنفيذ وضمان الاستقرار.

والاتفاق جاء بعد سلسلة من الضربات العسكرية المتبادلة التي بلغت ذروتها في الأيام الأخيرة، حيث شنت الهند غارات جوية استهدفت قواعد باكستانية رداً على هجمات صاروخية قالت إن إسلام آباد أطلقتها على منشآت عسكرية ومدنية في ولاية البنجاب، ومن جهتها، أعلنت باكستان أنها استخدمت صواريخ "فاتح" متوسطة المدى للرد، مستهدفة منشآت عسكرية هندية، بينما أكدت اعتراض غالبية الصواريخ المعادية دون خسائر في سلاحها الجوي.

وفي كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، أفاد شهود عيان بوقوع انفجارات ضخمة، فيما وصف مسؤول شرطي سابق الوضع بأنه "أقرب إلى حرب شاملة"، وفي المقابل، بثت وسائل الإعلام الباكستانية مشاهد لمواطنين يبحثون تحت أنقاض منازلهم عن ناجين، فيما عبّر آخرون عن ارتياحهم للهدنة واعتبروها "عيدًا" بعد أيام من الرعب، وقال المواطن الهندي عمر عبد الله، أبرز المسؤولين في كشمير، إن "الهدنة لو وقعت قبل أيام، لكان بالإمكان تجنّب الكثير من الخسائر في الأرواح".

ورغم أهمية الاتفاق من الناحية الأمنية والإنسانية، يبقى السؤال المطروح: هل تمثل الهدنة بداية لسلام دائم؟ أم أنها مجرد توقف مؤقت قبل موجة جديدة من التوترات؟

الاتفاق على عقد محادثات شاملة قد يكون مؤشرًا إيجابيًا، إلا أن الصراع التاريخي العميق بين الدولتين -وخاصة حول إقليم كشمير- يتطلب معالجة جذرية وجريئة تتجاوز وقف إطلاق النار.

ويُنظر إلى الاتفاق على أنه خطوة جريئة نحو نزع فتيل صراع خطير قد ينذر بكارثة نووية، ويمنح شعوب المنطقة فرصة لالتقاط الأنفاس، لكنه يبقى اختبارًا لإرادة الطرفين في تسوية خلافاتهما بالحوار، بعيدًا عن فوهات البنادق.