أعلنت شركة "طيران أديل"، الذراع الاقتصادي للخطوط الجوية السعودية، عن نيتها البدء في تشغيل رحلات جوية إلى سوريا اعتبارًا من شهر يوليو المقبل، في خطوة تعكس تحوّلات تدريجية في مشهد الطيران الإقليمي وتطورات الوضع السياسي في المنطقة، وجاء هذا الإعلان على لسان المدير التنفيذي للشركة، ستيفن جرينواي، في تصريحات أدلى بها خلال زيارته إلى العاصمة الفلبينية مانيلا، حيث كان بصدد الكشف عن صفقة جديدة لاستئجار طائرتين من شركة "سيبو باسيفيك" الفلبينية.
يمثل هذا القرار تطورًا ملحوظًا في السياسة التشغيلية للشركات الجوية السعودية، ويعد مؤشراً على إمكانية حدوث مزيد من الانفتاح نحو السوق السورية بعد سنوات من الانقطاع نتيجة للعقوبات المفروضة والحالة الأمنية غير المستقرة التي أعقبت اندلاع الأزمة في البلاد منذ عام 2011، ويأتي هذا التوجه في وقت بدأت فيه بعض شركات الطيران الأجنبية تدريجيًا استئناف رحلاتها إلى دمشق، مع التغيرات التي تطرأ على المشهد السياسي الإقليمي، وتخفيف بعض القيود المفروضة على سوريا.
وأوضح جرينواي أن الشركة حصلت مؤخرًا على الموافقات التنظيمية اللازمة من الجهات المختصة لتسيير رحلاتها إلى سوريا، مؤكدًا أن العمل جارٍ حاليًا على التحضيرات اللوجستية والتشغيلية، بهدف إطلاق هذه الخدمة في أقرب وقت ممكن، وتحديدًا بحلول يوليو، إن سارت الأمور وفق المخطط لها، وأشار إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار استراتيجية "طيران أديل" لتوسيع شبكتها الدولية والوصول إلى وجهات جديدة تتسم بأهمية ثقافية وتجارية للمسافرين من المملكة.
ويُتوقع أن تلقى الرحلات الجديدة إلى سوريا اهتمامًا من شرائح متعددة من المسافرين، لا سيما من أبناء الجالية السورية المقيمة في المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى العاملين في القطاعات الإنسانية والدبلوماسية والتجارية، كما قد تمثل فرصة جديدة للمسافرين السعوديين الراغبين في زيارة سوريا، سواء لأغراض شخصية أو ثقافية، في ظل ما يُعتقد أنه بداية لمرحلة جديدة من العلاقات العربية – السورية.
وفي هذا السياق، اعتبرت مصادر متخصصة في شؤون الطيران المدني أن دخول "طيران أديل" إلى السوق السورية يعكس ثقة متزايدة بعودة الأمن النسبي إلى بعض المناطق الحيوية في سوريا، وعلى رأسها العاصمة دمشق، ما يسمح بعودة تدريجية للحركة الجوية إليها، ورغم استمرار الحذر الدولي من بعض الملفات السياسية، إلا أن الانفتاح المحدود من قبل بعض الدول وشركات الطيران يُعدّ مؤشراً على رغبة في تطبيع تدريجي للعلاقات مع دمشق، ولو عبر البوابة الاقتصادية.
ولا تُعدّ "طيران أديل" أول شركة عربية أو أجنبية تعلن عن نية استئناف رحلاتها إلى سوريا، إلا أن انضمامها إلى هذه المجموعة المحدودة يعطي دفعة جديدة للجهود الرامية إلى إعادة إدماج سوريا في النظام الجوي الإقليمي، ومن المتوقع أن تواجه الشركة بعض التحديات التنظيمية والتقنية، لا سيما ما يتعلق بالبنية التحتية في مطار دمشق الدولي، فضلاً عن المعايير الدولية للسلامة.
وقد عبّر مراقبون عن اعتقادهم بأن هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام شركات طيران سعودية وخليجية أخرى لمراجعة سياساتها تجاه السوق السورية، خصوصًا إذا ما نجحت التجربة التشغيلية الأولى لـ"طيران أديل"، وأثبتت جدواها من النواحي التجارية والأمنية، وستكون نتائج هذه الخطوة محل رصد واهتمام من قبل صناع القرار في قطاع الطيران الخليجي.
ويشار إلى أن "طيران أديل" تشهد توسعًا ملحوظًا منذ تأسيسها عام 2017 كذراع اقتصادي مملوك بالكامل للخطوط الجوية السعودية، حيث تركز على تقديم رحلات منخفضة التكلفة داخل المملكة وخارجها، وتُعد خطوتها باتجاه سوريا استكمالاً لسلسلة من التوسعات الإقليمية التي تسعى الشركة من خلالها إلى تعزيز موقعها في سوق الطيران الاقتصادي سريع النمو في منطقة الشرق الأوسط.