الصين

الصين تفتح أبوابها لمواطني الخليج دون تأشيرة حتى 2026

كتب بواسطة: رانية كريم |

قررت بكين توسيع سياسة الإعفاء من التأشيرة لتشمل جميع مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، في خطوة جديدة تعكس عمق العلاقات الاستراتيجية المتنامية بين الصين والمنطقة الخليجية، ووفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الصينية "شينخوا"، فإن القرار سيبدأ تطبيقه اعتباراً من التاسع من يونيو المقبل ويستمر حتى نفس التاريخ من عام 2026، مما يمنح مواطني السعودية، الكويت، البحرين، وسلطنة عمان إمكانية الدخول إلى الأراضي الصينية دون الحاجة إلى تأشيرة مسبقة، لينضموا بذلك إلى كل من الإمارات وقطر، اللتين سبق أن أبرمتا مع الصين اتفاقيات إعفاء متبادل من التأشيرة منذ عام 2018.

هذا الإعلان يأتي بالتزامن مع انعقاد أول قمة خليجية – صينية، على هامش لقاء يجمع قادة دول مجلس التعاون الخليجي مع نظرائهم في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والصين، ما يعكس مستوى جديداً من التقارب السياسي والدبلوماسي، ويُبرز تطلع الجانبين إلى توسيع شراكاتهم متعددة الأبعاد، خاصة في ظل التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم، وتُعد هذه الخطوة امتداداً لجهود الصين في تعزيز التواصل الإنساني والثقافي مع المنطقة، فضلاً عن تسهيل التبادل التجاري والسياحي والتعليمي.

وتُشير بكين من خلال هذا الإجراء إلى رغبتها في إزالة الحواجز التي قد تعيق تدفق رجال الأعمال والسياح والطلاب بين الجانبين، خصوصاً مع تنامي العلاقات التجارية التي جعلت من الصين الشريك التجاري الأول لدول الخليج، كما يُتوقع أن يسهم هذا الإعفاء في تحفيز حركة الاستثمار الخليجي في السوق الصينية، وبالمقابل تسهيل دخول الشركات الصينية إلى الأسواق الخليجية، لا سيما في مجالات التقنية والطاقة والبنية التحتية.

وفي تصريحات رسمية، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، أن هذه التغطية الشاملة للإعفاء من التأشيرة مع كل دول مجلس التعاون تمثل مرحلة متقدمة في مسار العلاقات الثنائية، ووصفت القرار بأنه تجسيد عملي لمبدأ "الصداقة والتعاون والمنفعة المتبادلة" الذي تتبناه السياسة الخارجية الصينية تجاه الدول العربية والخليجية، وأضافت أن بكين تتطلع إلى تسهيل التفاعل البشري، كعنصر رئيسي لتعزيز الفهم المتبادل ودعم الشراكة الشاملة بين الشعوب.

ولا تنفصل هذه السياسة عن أهداف الصين الأوسع في تعزيز حضورها في منطقة غرب آسيا، ضمن مشروع "الحزام والطريق"، الذي تسعى من خلاله إلى ربط اقتصادات العالم عبر شبكة متكاملة من البنى التحتية والممرات التجارية، وتُعد دول الخليج أحد المفاتيح الرئيسة لهذا المشروع، بحكم موقعها الجغرافي وقدراتها الاقتصادية، ما يجعل من تسهيل الحركة بين الجانبين ضرورة استراتيجية.

وتكتسب القمة الخليجية – الصينية أهمية خاصة كونها منصة لتعزيز التنسيق في ملفات اقتصادية وسياسية بالغة الأهمية، مثل الرسوم الجمركية المتبادلة، التي فرضتها الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، ومساعي التحول الرقمي التي تتطلب شراكات في مجال الابتكار والتقنيات الحديثة، كما يناقش القادة سبل مواجهة التحديات المناخية، وذلك من خلال تحفيز الاستثمارات في مجالات الطاقة النظيفة، مما ينسجم مع التوجهات الخليجية الجديدة لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

ومن المتوقع أن يُترجم قرار الإعفاء إلى زيادة ملحوظة في أعداد السياح الخليجيين إلى الصين، وخصوصاً في ظل اهتمام عدد متزايد من السعوديين والإماراتيين بالتجربة الثقافية الآسيوية، وزيادة عدد الطلبة الخليجيين الملتحقين بالجامعات الصينية، كما ستُتاح فرص جديدة لرواد الأعمال الخليجيين لاستكشاف شراكات مباشرة في مدن صينية كبرى مثل شنغهاي وشينزن وبكين، التي تحتضن قطاعات تقنية وصناعية متقدمة.

في الوقت نفسه، يُنتظر أن تستفيد القطاعات السياحية والتجارية الصينية من تدفق الزوار الخليجيين، لما يتمتعون به من قوة شرائية واستعداد للإنفاق في مجالات متنوعة، بما في ذلك التسوق والرعاية الصحية والتعليم، ومع دخول الاتفاق حيّز التنفيذ، ستكون السنوات المقبلة شاهدة على تكثيف غير مسبوق للتفاعل بين الشعبين الصيني والخليجي، ما قد يمهد لمستوى جديد من التعاون الاستراتيجي العابر للقطاعات.