فرضت التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط مشهدًا جديدًا للصراع الإسرائيلي الإيراني، بعد أن نفذت إسرائيل هجمات واسعة النطاق استهدفت مواقع حيوية داخل العمق الإيراني، لتعلن بذلك تغيّرًا جذريًا في قواعد الاشتباك التقليدية بين الطرفين. العمليات التي نفذتها تل أبيب تجاوزت الأهداف العسكرية الكلاسيكية، حيث طالت قيادات بارزة في الحرس الثوري داخل مناطق سكنية، إلى جانب منشآت نووية استراتيجية، أبرزها منشأة نطنز الواقعة تحت الأرض بمحافظة أصفهان، والتي تُعد من أهم مراكز تخصيب اليورانيوم في البلاد.
وتؤكد مصادر مطلعة أن العملية العسكرية الإسرائيلية بدأت بمشاركة أكثر من 200 طائرة حربية، شنت خلالها نحو 300 غارة جوية استهدفت عشر مدن إيرانية مختلفة، وأسفرت عن إصابة ما لا يقل عن 95 شخصًا. من بين المواقع المستهدفة، مقر "الشهيد شيكار" التابع للقوات الجوية الإيرانية، إلى جانب مواقع أخرى أظهرت حجم الاختراق الاستخباراتي المسبق الذي مهد للهجوم. هذا التصعيد غير المسبوق بدّد أي آمال في العودة إلى طاولة التفاوض أو التهدئة في الأفق القريب.
إقرأ ايضاً:بـ 18 ساعة من الخدمة يوميًا.. طريقك إلى مسجد قباء أصبح أسهل من أي وقت!الليلة للحسم.. الأخضر الأولمبي يطارد المجد أمام فرنسا في نهائي تولون!
وفي المقابل، ردت إيران بسيل من الصواريخ الباليستية التي استهدفت العمق الإسرائيلي، وأثارت حالة من الذعر في تل أبيب والقدس وبئر السبع ومدن أخرى، حيث قدرت مصادر رسمية أن نحو 500 صاروخ أُطلق على المواقع الإسرائيلية، ما أدى إلى تهجير عشرات الأسر وتدمير عشرات المباني، وأجبر آلاف المدنيين على اللجوء إلى الملاجئ. ومع اتساع رقعة الخطر، تكررت إنذارات الجيش الإسرائيلي بشكل أربك السكان وأثار المخاوف من هجمات متواصلة.
التوجيهات العسكرية التي صدرت عن الجيش الإسرائيلي كانت متضاربة، إذ طُلب من المدنيين البقاء قرب الملاجئ والخروج منها في نفس الوقت، مع التأكيد على ضرورة اللجوء إليها خلال 10 دقائق من صدور أي إنذار، ما يعكس حالة الارتباك الناتجة عن حجم الهجوم ودرجة الاستعداد غير الكافية للتعامل مع وابل الصواريخ الإيرانية. كما دوت صفارات الإنذار في مناطق واسعة مثل الجليل والجولان، وأفادت تقارير بإسقاط صواريخ فوق تل أبيب وبئر السبع.
ويرى مراقبون أن قواعد الاشتباك الجديدة قد تُجبر إيران على إعادة تقييم قدراتها الدفاعية والجوية، والتي تعاني من التآكل بسبب سنوات الحصار والعقوبات، إضافة إلى الحاجة الملحة لمراجعة منظومتها الاستخباراتية التي بدا أنها تعرضت لاختراق واسع. ومع تحوّل الصراع من حرب بالوكالة إلى مواجهة مباشرة، يزداد قلق القوى الإقليمية والدولية من احتمال توسع رقعة الحرب وخروجها عن السيطرة، وسط دعوات مكثفة لضبط النفس وإيجاد حلول دبلوماسية تمنع اندلاع حرب شاملة في المنطقة.