الاقتصاد العالمي

موجة من القلق تجتاح أسواق الطاقة.. ما هو الخطر الذي يهدد إمدادات النفط العالمية ويدفع الأسعار للجنون؟

كتب بواسطة: حسن بكري |

ارتفعت أسعار النفط خلال تعاملات اليوم في الأسواق الآسيوية، مواصلة بذلك مسارها التصاعدي الذي بدأته في الجلسة السابقة، والتي شهدت قفزة حادة تجاوزت الأربعة في المئة، هذا الارتفاع اللافت يأتي في وقت تتزايد فيه المخاوف بشأن إمكانية تعطل الإمدادات العالمية، في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية وموجات الطقس القاسي في بعض المناطق المنتجة.

بحسب بيانات الأسواق، قفزت العقود الآجلة لخام برنت بواقع 26 سنتًا، بنسبة بلغت 0،3% ليستقر سعر البرميل عند 76،71 دولارًا بحلول الساعة 04:40 بتوقيت غرينتش، ويعد هذا السعر أعلى مستوى بلغه خام برنت خلال الأسبوع الجاري، ما يعكس حالة من القلق المتصاعد لدى المستثمرين بشأن توازن العرض والطلب.
إقرأ ايضاً:نداء عاجل.. جمعية صحية تطالب بتغيير ساعات العمل فوراً لهذه الفئة التي تعاني بصمتالمجلس الصحي السعودي يكشف السر: هكذا تتسلل أمراض القلب بصمت.. والحل بين يديك

وفي المقابل، ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 35 سنتًا أي بنسبة 0،5%، ليصل سعر البرميل إلى 75،19 دولارًا، ويأتي هذا الارتفاع بعد أداء متقلب خلال الأسابيع الماضية، إلا أن مخاوف تعطل الإمدادات ساهمت في إعادة الزخم إلى الأسواق.

الارتفاع في الأسعار جاء بعد موجة من البيانات الاقتصادية التي عززت التوقعات بحدوث نقص محتمل في المعروض خلال الفترة المقبلة، كما لعبت التوترات في بعض مناطق الإنتاج الرئيسية دورًا في رفع درجة الحذر لدى المتداولين، خاصة في ظل توقعات بأن تتجه بعض الدول المصدرة إلى تقليص مستويات إنتاجها في ظل الظروف الراهنة.

ويرى مراقبون أن الأسواق لا تزال تتفاعل مع عوامل كثيرة ومعقدة، من بينها التغيرات المناخية التي تؤثر على عمليات الحفر والنقل، إضافة إلى التحديات السياسية في مناطق مثل الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية، حيث تلوح في الأفق احتمالات تصعيد قد ينعكس مباشرة على صادرات النفط.

كما أن استمرار سحب المخزونات التجارية في الولايات المتحدة، والذي ظهر جليًا في التقارير الأخيرة، قد يكون مؤشرًا على تزايد الطلب الفعلي أو على توجه الشركات لتعويض النقص المتوقع في المستقبل القريب، مما يزيد من الضغوط على الأسعار العالمية.

من جهة أخرى، فإن مؤشرات الاقتصاد العالمي، وعلى رأسها النشاط الصناعي في الصين والولايات المتحدة، تؤثر بدورها في أسعار النفط، إذ تُعدّ هذه الدول من بين أكبر المستهلكين للطاقة، ومع أي تحسن في هذه المؤشرات، تتزايد التوقعات بارتفاع الطلب العالمي.

وفي هذا السياق، أبدى عدد من المحللين تفاؤلًا حذرًا بشأن المسار المستقبلي للأسعار، مشيرين إلى أن السوق تمرّ بفترة حساسة تتأرجح فيها بين إشارات التعافي الاقتصادي العالمي ومخاطر التباطؤ الناتج عن ارتفاع تكاليف الطاقة.

ويُتوقع أن تظل الأسعار مرهونة بردود أفعال الدول المنتجة الكبرى، خصوصًا أعضاء "أوبك+"، الذين قد يتحركون باتجاه تعديل مستويات الإنتاج بهدف الحفاظ على استقرار السوق أو الاستفادة من موجة الارتفاع الحالية.

في الوقت ذاته، يراقب المستثمرون باهتمام تحركات البنوك المركزية العالمية، وعلى رأسها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، حيث إن أي تغييرات في أسعار الفائدة قد تؤثر على توقعات النمو وبالتالي على الطلب على النفط.

وتجدر الإشارة إلى أن حالة التذبذب في أسواق الطاقة باتت من السمات الملازمة للفترة الحالية، مع تعدد العوامل المؤثرة وصعوبة التنبؤ الدقيق بمسار الأحداث، ما يدفع المتعاملين إلى تبني استراتيجيات أكثر تحفظًا.

ومع هذه الارتفاعات، تتجه أنظار الأسواق نحو تقارير المخزون الأمريكية القادمة وتصريحات المسؤولين في الدول المنتجة، إذ أن أي تغير مفاجئ في هذه المعطيات قد يعيد رسم خريطة الأسعار بشكل جذري.

من جانبه، أكدت مصادر في قطاع النفط أن بعض الشركات بدأت في تعديل خططها التشغيلية على المدى القصير تحسبًا لاستمرار التقلبات، مع التركيز على تعزيز كفاءة الإنتاج وتقليل الاعتماد على سلاسل توريد معرضة للمخاطر.

وفي ضوء هذه المعطيات، يبقى المشهد النفطي في حالة ترقب، حيث إن كل حركة في الأسواق أو تطور سياسي أو اقتصادي في منطقة منتجة يمكن أن يغير قواعد اللعبة بسرعة كبيرة، ما يتطلب من المستثمرين أعلى درجات الجاهزية واليقظة.