في خضمّ اشتداد درجات الحرارة مع بداية فصل الصيف، أطلقت جمعية "أرفى" للتصلب المتعدد تحذيرًا من الآثار الصحية السلبية التي قد تطال المرضى المصابين بهذا الداء المزمن، مؤكدة أن موجات الحر تشكّل عبئًا إضافيًا على حياتهم اليومية وتفاقم أعراضهم بشكل ملحوظ.
رئيس مجلس إدارة الجمعية واستشاري طب الأعصاب، الدكتور أنس الدحيلان، أشار إلى أن المناخ الحار لا يُعتبر مجرد إزعاج موسمي بالنسبة لهؤلاء المرضى، بل يتسبب بتعطيل مباشر في كفاءة الإشارات العصبية، مما يُفضي إلى سلسلة من الأعراض المزعجة والمُنهكة.
إقرأ ايضاً:جامعة سعودية تتحدى الكبار عالميًا.. الأمير محمد بن فهد ضمن أفضل 100 في التايمز للتأثيرغوغل تطلق تحذيرًا أمنيًا صادمًا لمستخدمي Gmail.. إليك ما يجب فعله الآن
وبيّن الدحيلان أن من بين أبرز هذه الأعراض التي تزداد حدة مع ارتفاع الحرارة: ضعف العضلات، واضطراب التوازن، وتشوش الرؤية، فضلًا عن الشعور العام بالإرهاق الشديد، وهو ما يحدّ من قدرة المريض على أداء مهامه اليومية.
وأوضح أن هذه الحالة تُعرف علميًا باسم "ظاهرة أوتهوف"، وهي تفاقم مؤقت للأعراض العصبية نتيجة التعرّض لدرجات حرارة مرتفعة، وهو أمر شائع بين مرضى التصلب المتعدد ويستدعي انتباهًا خاصًا من المحيطين بهم.
ومع تصاعد هذه التحديات المناخية، دعت الجمعية الجهات الحكومية والخاصة إلى التدخل وتقديم تسهيلات واضحة للمرضى، خصوصًا في بيئات العمل، من خلال تعديل ساعات العمل أو السماح بالعمل عن بعد وتوفير أماكن مكيّفة تتناسب مع احتياجاتهم.
وأكّدت الجمعية أن تجاهل هذه المطالب لا يعكس فقط ضعفًا في الاهتمام الصحي، بل يسلط الضوء على غياب الوعي المجتمعي بحقوق فئة تحتاج إلى عناية مضاعفة خلال أشهر الصيف.
وأضافت الجمعية أن توفير بيئة عمل مرنة ومريحة لا يندرج فقط ضمن متطلبات الرفاهية، بل يمثل ضرورة إنسانية وأخلاقية تجاه فئة تعاني بصمت من آثار المرض وتكافح يوميًا للحفاظ على استقرارها.
وأشارت الجمعية إلى أن هذه التسهيلات ليست امتيازات بقدر ما هي حقوق مشروعة تعزز الدمج الاجتماعي وترفع من كفاءة المرضى المهنية والنفسية، ما ينعكس إيجابًا على الأداء العام في المؤسسات.
كما شددت على ضرورة إطلاق حملات توعوية تتناول خصوصية مرض التصلب المتعدد، وتوضّح للمجتمع كيف يمكن للأجواء المحيطة، خصوصًا في فصل الصيف، أن تكون عائقًا حقيقيًا أمام تحسن حالة المرضى أو استقرارها.
في السياق ذاته، دعت الجمعية إلى تضمين هذه الاعتبارات ضمن لوائح الموارد البشرية في الجهات الرسمية، مع التشديد على أهمية الاستباق في تهيئة أماكن العمل تجنبًا لأي انتكاسات صحية محتملة.
وأكد الدحيلان أن الحلول لا تتطلب ميزانيات ضخمة بقدر ما تتطلب فهماً دقيقًا لخصوصية المرض ورغبة صادقة في دعم من يحتاج إلى احتواء فعلي وليس مجرّد تعاطف عابر.
وتابع أن المناخ العام للمجتمع، سواء في أماكن العمل أو في المجال العام، يجب أن يتطور ليشمل مفاهيم العدالة الصحية والمساواة في الفرص، لاسيما للفئات التي تواجه تحديات صحية دائمة.
وأوضح أن التصلب المتعدد ليس مرضًا طارئًا، بل هو حالة مزمنة تستدعي تكييفًا طويل الأمد، ولهذا فإن السياسات الصحية والاجتماعية لا بد أن تكون مرنة وقادرة على استيعاب هذه المتغيرات المستمرة.
واختتم الدحيلان تصريحه بأن المسؤولية في هذا الجانب لا تقع على عاتق جهة واحدة، بل تتوزع بين الأسرة، والمؤسسات، والحكومة، والمجتمع ككل، مؤكدًا أن الرقي الإنساني يقاس بمدى قدرة المجتمع على احتضان أفراده جميعًا، لا سيما من يواجهون التحديات الصعبة.