إنجاز جديد يضاف إلى سلسلة النجاحات التي تحققها المملكة العربية السعودية في مجالات التقنية الحديثة، تصدرت المملكة دول العالم في تمكين المرأة في قطاع الذكاء الاصطناعي، وفقًا لما جاء في مؤشر ستانفورد للذكاء الاصطناعي لعام 2025، الذي يعد أحد أكثر المراجع الدولية موثوقية في تتبع تطورات الذكاء الاصطناعي عالميًا، ويعكس هذا التصنيف حجم التحولات الجذرية التي تقودها المملكة في إطار رؤيتها الطموحة 2030، والتي تستهدف إعادة تشكيل دور المرأة السعودية في المشهد التقني العالمي.
هذا التقدم اللافت في تمكين المرأة يعكس سياسات حازمة ومبادرات جريئة، ترجمتها برامج تدريبية وتأهيلية مكثفة أتاحت الفرصة أمام الآلاف من النساء السعوديات للانخراط في مجالات الذكاء الاصطناعي، والمشاركة الفاعلة في صياغة مستقبل التقنية، فقد باتت الكوادر النسائية تحظى اليوم بفرص متكافئة تُمكنها من إثبات كفاءتها في أحد أسرع القطاعات نموًا في العالم.
إقرأ ايضاً:جامعة سعودية تتحدى الكبار عالميًا.. الأمير محمد بن فهد ضمن أفضل 100 في التايمز للتأثيرغوغل تطلق تحذيرًا أمنيًا صادمًا لمستخدمي Gmail.. إليك ما يجب فعله الآن
وبالإضافة إلى المرتبة الأولى عالميًا في تمكين المرأة، حلت المملكة في المرتبة الثالثة عالميًا في معدل نمو وظائف الذكاء الاصطناعي لعام 2024، والرابعة في عدد النماذج الرائدة في هذا المجال، مما يدل على توسع مستمر وسريع في البنية التحتية الرقمية والتقنية، هذه الأرقام تشير إلى نضج بيئة الذكاء الاصطناعي محليًا، وإلى وجود أرضية صلبة تجذب الشركات والكفاءات من مختلف أنحاء العالم.
وفي مؤشر استقطاب الكفاءات، سجلت السعودية المرتبة الثامنة عالميًا، وهو إنجاز يعكس مدى الجاذبية التي تتمتع بها المملكة كمركز حيوي للابتكار الرقمي، ويؤكد نجاحها في توفير بيئة عمل محفزة تواكب المعايير الدولية، فالمملكة لم تكتف فقط ببناء قدراتها الداخلية، بل باتت محطة اهتمام للخبرات العالمية الباحثة عن بيئة مستقرة ومليئة بالفرص.
الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» كانت اللاعب الرئيس خلف هذه الإنجازات، إذ قادت جهودًا ممنهجة لبناء منظومة ذكاء اصطناعي شاملة ومستدامة، وتتمثل استراتيجيتها في تمكين القدرات الوطنية، وتحفيز القطاع الخاص، وتنمية البنية التحتية، إلى جانب بناء علاقات دولية تعزز من مكانة المملكة على الخارطة العالمية.
ومن المبادرات البارزة التي قدمتها «سدايا» لتعزيز تمكين المرأة، يبرز برنامج «Elevate» بالشراكة مع Google Cloud، والذي استهدف تدريب أكثر من 25 ألف امرأة في مجالات التقنية والذكاء الاصطناعي، هذا البرنامج أسهم في إعداد نخبة من الكفاءات النسائية المؤهلة للعمل في أرفع المراكز التقنية محليًا ودوليًا، ما عزز الحضور النسائي في هذه الساحة الحيوية.
كما نفذت «سدايا» سلسلة من المعسكرات والبرامج التدريبية التي صُممت خصيصًا لتأهيل المرأة السعودية للريادة في الذكاء الاصطناعي، إلى جانب ذلك، ركزت على المبادرات الموجهة للطلاب والناشئة مثل البرنامج الوطني «أذكى U» والأولمبياد الوطني للذكاء الاصطناعي «أذكى»، اللذين يهدفان إلى بناء قاعدة شبابية قادرة على قيادة المستقبل التقني للمملكة.
الجهود السعودية في هذا المجال لم تقتصر على المستوى المحلي فقط، بل امتدت إلى المحافل الدولية من خلال تنظيم أولمبياد الذكاء الاصطناعي العالمي، وإنشاء أكاديمية NVIDIA بالتعاون مع شركاء دوليين، بالإضافة إلى إطلاق المركز الدولي لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي (ICAIRE) في الرياض بالشراكة مع اليونسكو، في خطوة تؤكد على التزام المملكة بتطوير هذا القطاع بما يتوافق مع المبادئ الأخلاقية العالمية.
وفي إطار التقدم التقني، استطاعت المملكة أن تبرز عالمياً من خلال تطوير النموذج اللغوي التوليدي «علام» الذي تم إدراجه على منصة «Hugging Face» العالمية، وجرى تقديمه أيضًا في منصة watsonx التابعة لشركة IBM العالمية، ويُعد هذا النموذج من أفضل الابتكارات باللغة العربية، ما يضع المملكة في مصاف الدول الرائدة في تطوير الذكاء الاصطناعي المتوافق مع الهوية والثقافة العربية.
تسير «سدايا» بخطى واثقة في رسم مستقبل الذكاء الاصطناعي داخل المملكة، مستندة إلى رؤية شمولية ترتكز على تحديث مستمر للسياسات التقنية، وابتكار حلول جديدة تتناسب مع تحديات المستقبل، والهدف الأسمى يبقى تعزيز مكانة المملكة كمرجع وطني وعالمي في كل ما يخص الذكاء الاصطناعي.
المملكة الآن تتحرك بثقة نحو تمكين أكبر للمجتمع في التعامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي، سواء عبر التدريب أو عبر الاستخدام الفعلي لتلك التقنيات في المؤسسات والمجالات المختلفة، بما يعزز من فاعلية الأداء الحكومي، ويواكب التحولات العالمية في الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة.
ولا شك أن هذا التقدم يشكل بداية لمرحلة جديدة يكون فيها المواطن والمواطنة جزءًا أساسيًا من مستقبل التكنولوجيا في المملكة، فالوصول إلى المرتبة الأولى في تمكين المرأة ليس نهاية الطريق، بل هو بداية لمزيد من التقدم والريادة في المجالات كافة.
بهذا الإنجاز، تعلن المملكة عن نفسها كقوة فاعلة في إعادة تشكيل خارطة الذكاء الاصطناعي عالميًا، ليس فقط من خلال إنتاج التقنيات، بل عبر خلق بيئة شاملة تنمو فيها الكفاءات، وتُدعم فيها المساواة، ويُحتفى فيها بالإنجازات النوعية التي تصنع الفرق في حاضر البشرية ومستقبلها.