في ظل التغيرات المناخية المتسارعة التي تشهدها منطقة الخليج العربي، تواصل المملكة العربية السعودية تسجيل حالات من الاضطراب الجوي المتفاوت في حدته، حيث تشير التقارير الصادرة عن الهيئة العامة للأرصاد الجوية إلى استمرار تأثير الرياح النشطة المثيرة للأتربة والغبار على نطاق جغرافي واسع يشمل مناطق الشرقية، والرياض، ونجران، مع توقعات بامتداد التأثير نحو مناطق المدينة المنورة ومكة المكرمة.
السمات الأساسية لهذه الحالة الجوية تتركز في شدة الرياح، وتكوّن العواصف الرملية التي أدت إلى انخفاض حاد في مدى الرؤية الأفقية، وصلت في بعض المناطق إلى شبه انعدام، لا سيما على الطريق الساحلي الواصل إلى منطقة جازان.
إقرأ ايضاً:تحذير صادم: مزيلات التعرق تحت المجهر.. هل نخفي العرق ونفتح باب السرطان؟جامعة طيبة تفجّر مفاجأة أكاديمية وتمنح نخبة الموهوبين بطاقة عبور استثنائية إلى المستقبل!
هذا النوع من الظروف الجوية يصنف علميًا تحت ما يُعرف بـ "العواصف الغبارية الإقليمية"، والتي تنتج غالبًا عن فروقات ضغطية واسعة النطاق تصاحبها أنظمة جوية منخفضة تؤدي إلى تحرك سريع للكتل الهوائية الجافة.
إضافة إلى ذلك، تشهد مرتفعات منطقتي جازان وعسير تزايدًا في فرص هطول أمطار رعدية، مصحوبة بزخات برد ورياح نشطة، الأمر الذي يزيد من احتمال جريان السيول في المناطق المنخفضة، خاصة في ظل الطبيعة الجغرافية لتلك المناطق التي تتميز بوعورة تضاريسها.
هذه الظاهرة تتكرر خلال هذه الفترة من العام نتيجة التقاطع الموسمي بين الرياح الحارة القادمة من الشمال الشرقي، والتي تصطدم بالرياح الرطبة الصاعدة من بحر العرب، مما يؤدي إلى تشكّل السحب الركامية.
الجهات المختصة، وعلى رأسها الدفاع المدني وهيئة الأرصاد، أطلقت تحذيرات واسعة النطاق ورفعت مستوى الجاهزية في مراكز الطوارئ، داعية السكان إلى عدم التنقل إلا للضرورة، وتفادي الأماكن المكشوفة وأماكن تجمع السيول، كما أكدت وزارة الصحة استعدادها التام عبر مراكز الطوارئ الطبية، مشيرة إلى أن موجات الغبار تمثل خطرًا كبيرًا على مرضى الجهاز التنفسي.
في السياق ذاته، أثرت هذه الأحوال الجوية على بعض العمليات الحيوية، من بينها اضطراب جزئي في حركة الملاحة الجوية، وتأثر بعض الموانئ البحرية برياح جانبية قوية، ما قد ينعكس على جداول الشحن والنقل البحري، وتشير التوقعات إلى أن هذه الموجة ستستمر خلال اليومين القادمين، ما لم تطرأ تغيرات مفاجئة في مسارات التيارات الجوية العلوية.
من الناحية البيئية، تُعد هذه العواصف مؤشرًا على اضطراب نمط التوازن المناخي الإقليمي، ما يدفع الخبراء إلى الدعوة لمزيد من دراسات الرصد المناخي وتطوير أنظمة الاستجابة السريعة للكوارث الطبيعية، كما أن تعاقب الظواهر الجوية المتطرفة خلال فترات قصيرة أصبح دافعًا لتحديث أنظمة البنية التحتية في بعض المناطق، خصوصًا تلك المعرضة للسيول.
إجمالًا، تبقى هذه الظروف تحديًا مفتوحًا أمام الأجهزة المختصة والمجتمع المدني، حيث يتطلب الأمر تنسيقًا عاليًا بين الجهات الحكومية والمواطنين لضمان التعامل الآمن مع هذه التغيرات، التي قد تتكرر بوتيرة أعلى خلال العقود القادمة، نتيجة التغير المناخي العالمي.