ميقات ذي الحليفة

من المدينة إلى مكة.. رحلة الحجيج تبدأ من ميقات ذي الحليفة

كتب بواسطة: ليلى حمادة |

في مشهد يعكس عظمة الشعيرة وروح التنظيم والتكافل، انطلقت أولى دفعات الحجاج من المدينة المنورة نحو مكة المكرمة، عبر محطة ميقات ذي الحليفة، التي تُعد البوابة الأولى لرحلة الحجيج البرّية من طيبة الطيبة إلى المسجد الحرام، وهذا الميقات التاريخي، الذي يحتل مكانة مركزية في شعائر الحج، شهد توافد أعداد كبيرة من الحجاج من مختلف الجنسيات، وسط استعدادات تنظيمية محكمة وجهود ميدانية كثيفة تبذلها الجهات الحكومية المختلفة لتسهيل انطلاق ضيوف الرحمن نحو أداء الركن الخامس من أركان الإسلام.

وتحول ميقات ذي الحليفة إلى نقطة التقاء روحية وتنظيمية، حيث تبدأ رحلة الحجاج بإحرامهم ودخولهم في النسك من هذا المكان المبارك، وسط أجواء يسودها الخشوع والطمأنينة، وقد وثقت عدسة وكالة الأنباء السعودية (واس) مشاهد تُظهر الحافلات التي تنقل الحجاج وهي تصطفّ في ساحة الميقات، بينما ينزل الركّاب لأداء سنة الاغتسال وارتداء ملابس الإحرام، استعدادًا للدخول في الشعائر المباركة التي تنتظرهم في مكة المكرمة.

تقوم فرق ميدانية مدرّبة على مرافقة الحجاج داخل ساحات المسجد وخارجه، وتسهيل تحركاتهم بين الحافلات ومرافق المسجد، رجال ونساء يعملون بتناغم لضمان تنظيم الاصطفاف، وتوجيه الحجاج نحو الأماكن المخصصة للوضوء، والصلاة، والاغتسال، وتقديم الخدمات الخاصة لكبار السن وذوي الإعاقة، وقد خُصصت مناطق مظللة ومكيّفة لتوفير الراحة للحجاج، خاصة في أوقات الذروة، فضلًا عن توافر مياه الشرب المبردة، ومنافذ بيع لوازم الإحرام والأطعمة والمشروبات.

الميقات لم يكن فقط مكانًا للانتقال المكاني نحو مكة، بل شكل أيضًا محطةً غنية بالخدمات التوعوية، حيث تنتشر اللوحات الإرشادية والشاشات الرقمية التي توجّه الحجاج وتقدم لهم المعلومات اللازمة، بما في ذلك التنبيه إلى المرافق المتاحة، وتوجيه التائهين، وتنظيم تنقل الحافلات، وتعمل هذه المنظومة بتكامل تام مع الجهات الأمنية التي تشرف على الحركة المرورية، وتُسهِّل دخول وخروج المركبات في انسيابية عالية، تعكس حجم الاستعدادات المسبقة والإدارة الميدانية الدقيقة.

يشهد ميقات ذي الحليفة حاليًا أعمال تطوير شاملة تشمل توسعة المساحات المحيطة بالمسجد، وتحديث المرافق الخدمية، وتحسين البنية التحتية، ضمن خطط تهدف إلى رفع كفاءة استقبال الحجاج وتوفير أفضل الظروف الممكنة لهم في هذه المرحلة الانتقالية المهمة من رحلتهم، وهذه الأعمال تتكامل مع خطة الحج العامة التي تبدأ من المدينة المنورة، مرورًا بميقات ذي الحليفة، وحتى المشاعر المقدسة، بما يضمن تقديم تجربة روحانية سلسة، مدعومة بتنظيم عالي المستوى.

وتتواجد الكوادر الصحية والإسعافية على مدار الساعة في الموقع، حيث تقدم خدماتها للحجاج، خصوصًا من يعانون من أمراض مزمنة أو يتعرضون للإجهاد، كما تتوفر فرق تطوعية مدرّبة لدعم مختلف الفئات وتقديم المساعدة الفورية، هذه الجهود لا تأتي من فراغ، بل هي جزء من رؤية شاملة تسعى المملكة من خلالها إلى الارتقاء بمستوى خدمة ضيوف الرحمن في كل محطة من محطات الحج.

ويتزامن ذلك مع حركة استقبال الحجاج في المدينة المنورة عبر المنافذ الجوية والبرية، حيث تبدأ منظومة الخدمات فور وصولهم، لتشمل الإيواء، والتغذية، والرعاية الصحية، والنقل، والإرشاد الديني، قبل أن يُنقلوا إلى ميقات ذي الحليفة، في مشهد تنظيمي يعكس التزام المملكة العميق بتيسير شعائر الحج ورفع معاناة الحجاج في كل خطوة من رحلتهم.

ومع بدء تدفق الحافلات باتجاه مكة، تمثل محطة ميقات ذي الحليفة نموذجًا متكاملاً لما تبذله الجهات الرسمية من جهود دؤوبة، تهدف إلى تأمين سبل الراحة والطمأنينة للحجاج، وتقديم صورة مشرّفة عن قدرة المملكة على إدارة الحشود وتنظيم الشعائر الدينية الكبرى بكفاءة واقتدار، وهذه الجهود الميدانية تبرهن مجددًا على عناية الدولة الفائقة بضيوف الرحمن، من لحظة وصولهم وحتى أداء مناسكهم، والعودة إلى ديارهم بقلوب ملأى بالإيمان والسكينة.