في دفعة جديدة تؤكد تصاعد أهمية القطاع السياحي في المملكة، أعلنت وزارة السياحة عن تجاوز عدد السياح حاجز الـ100 مليون للعام الثاني على التوالي، وذلك خلال عام 2024، في إنجاز يُضاف إلى سلسلة النجاحات المتراكمة ضمن رؤية السعودية 2030.
التقرير الإحصائي السنوي الذي أصدرته الوزارة كشف عن أرقام قياسية جديدة، تعكس مدى النمو المتسارع في القطاع، وتوضح كيف استطاعت المملكة أن تحجز لنفسها موقعًا رائدًا على خارطة السياحة العالمية في وقت قياسي.
إقرأ ايضاً:ترقب في السعودية.. هل يُكمل الأخضر مهمة التأهل أم يودع الكأس الذهبية مبكراً؟ليس مجرد اسم.. النيابة السعودية تكشف التعريف الشامل للبيانات الشخصية المحمية قانونياً!
وزير السياحة أحمد بن عقيل الخطيب وصف هذه النتائج بأنها ثمرة توجيهات القيادة ودعمها المتواصل، مؤكدًا أن الأرقام ليست مجرد إحصاءات، بل دلالة حية على تحوّل السياحة إلى ركيزة اقتصادية متينة في بناء المستقبل السعودي.
وبحسب التقرير، بلغ إجمالي عدد السياح، سواء من داخل المملكة أو الوافدين من الخارج، حوالي 116 مليون سائح خلال عام 2024، وهو رقم يتجاوز ما تم تسجيله في عام 2023 بنسبة نمو وصلت إلى 6%.
الإنفاق السياحي هو الآخر لم يتأخر عن الركب، إذ سجل قفزة ملحوظة، حيث بلغ إجمالي ما أُنفق على السياحة المحلية والدولية نحو 284 مليار ريال، بنسبة نمو بلغت 11%، ما يعكس الثقة المتزايدة بالسوق السياحي السعودي.
الجانب الدولي من السياحة سجل بدوره رقمًا تاريخيًا، إذ بلغ عدد السياح القادمين من الخارج نحو 30 مليون سائح، بنسبة نمو 8% مقارنة بالعام السابق، وهو رقم يرسّخ مكانة المملكة كمقصد عالمي جديد.
هذا التدفق الكبير رافقه ارتفاع كبير في الإنفاق، حيث وصل ما أنفقه السياح الوافدون إلى 168,5 مليار ريال، وهو ما يمثل نمواً بنسبة 19%، مما يدل على أن المملكة لم تعد مجرد محطة للزيارة، بل وجهة حقيقية للاستكشاف والإقامة.
أما السياحة المحلية، فواصلت أداءها القوي بدعم من الحملات الوطنية والمبادرات المستدامة، حيث بلغ عدد السياح المحليين 86,2 مليون سائح خلال 2024، بنسبة نمو بلغت 5% مقارنة بعام 2023.
وتُقدّر وزارة السياحة حجم الإنفاق المحلي بنحو 115,3 مليار ريال، ما يعني أن المواطن والمقيم باتا جزءًا فاعلًا من معادلة النهوض بالسياحة، وهو ما يتماشى مع التوجهات الحكومية لتعزيز السياحة الداخلية.
هذه الأرقام لم تأتِ من فراغ، بل تعكس جهوداً ممنهجة تقودها الوزارة بالتعاون مع القطاع الخاص، من تطوير للبنية التحتية، إلى التوسع في المشاريع الترفيهية والفندقية، وتسهيل الإجراءات للزوار من مختلف أنحاء العالم.
ويشير مراقبون إلى أن المملكة باتت تُقرأ كحالة دراسية عالمية في كيفية تحويل قطاع ناشئ إلى محرك تنموي شامل، يدفع بعجلة الاقتصاد، ويوفر فرصاً واعدة للتوظيف والاستثمار.
تدعونا هذه الأرقام إلى إعادة التفكير في طبيعة الوجهة السياحية السعودية، التي لم تعد مقصورة على العمرة والحج فقط، بل باتت تمتد إلى الجبال والشواطئ والصحارى والمتاحف والمهرجانات الثقافية.
وفي ظل هذا النمو المطرد، دعت وزارة السياحة المستثمرين والمهتمين للاطلاع على تفاصيل التقرير الإحصائي السنوي، مؤكدة أنه يحتوي على بيانات دقيقة تتيح قراءة معمقة للمشهد السياحي وفرصه المقبلة.
المملكة لا تسابق الزمن فقط، بل تعيد تعريف مفهوم السياحة في المنطقة، من خلال نموذج سعودي خالص، يجمع بين الأصالة والحداثة، ويستثمر في الإنسان والمكان على حد سواء.