في خطوة تهدف إلى تعزيز الرقابة على الممارسات الصحية، شهدت مدينة الرياض عملية ضبط مشتركة نفذها المركز الوطني للطب البديل والتكميلي بالتعاون مع البحث الجنائي، أسفرت عن إيقاف معالج ومعالجة شعبيين يمارسان أنشطة مخالفة خارج نطاق الأنظمة والضوابط الصحية الرسمية.
العملية، التي وُصفت بالنوعية، جاءت بعد رصد دقيق وتحقيقات ميدانية متواصلة، حيث تبين أن الموقوفَين يقدمان خدمات علاجية دون ترخيص رسمي، معتمدين على أساليب تقليدية تفتقر إلى الأسس العلمية والرقابة الطبية، ما يشكل تهديداً مباشراً لصحة وسلامة المستفيدين.
إقرأ ايضاً:ترقب في السعودية.. هل يُكمل الأخضر مهمة التأهل أم يودع الكأس الذهبية مبكراً؟ليس مجرد اسم.. النيابة السعودية تكشف التعريف الشامل للبيانات الشخصية المحمية قانونياً!
وأكد المدير العام التنفيذي للمركز الوطني للطب البديل والتكميلي، الدكتور عبدالرحمن بن حمود الصحبي، أن عمليات الرصد مستمرة ولن تتوقف عند هذه الحالة، مشيراً إلى أن هناك جهات تعمل في الظل وتستغل حاجة الناس للعلاج، دون مراعاة للقوانين أو لأبسط مقومات السلامة المهنية.
وأوضح الصحبي أن هذه الممارسات العشوائية، وإن بدت في ظاهرها تقليدية أو موروثة، قد تحمل مخاطر كبيرة تصل إلى حد الإضرار بأرواح المرضى، خاصة عندما يُستخدم فيها مواد مجهولة المصدر أو تُمارس من قبل أشخاص غير مؤهلين علميًا أو سريريًا.
كما شدد على أهمية دور المواطن في الإبلاغ عن مثل هذه الممارسات، موضحاً أن تكامل الجهود بين الجهات الرقابية والمجتمع هو السبيل الأمثل لحماية الصحة العامة والتصدي لأصحاب الادعاءات الباطلة الذين يستغلون ضعف بعض الحالات الصحية.
وفي السياق ذاته، ثمّن الصحبي التعاون المثمر مع البحث الجنائي في شرطة منطقة الرياض، والذي وصفه بالأساسي في إنجاح العملية، مؤكدًا أن التنسيق بين القطاعات الحكومية يبرهن على جدية الدولة في حماية المواطن من كل أشكال الخداع تحت غطاء "الطب الشعبي".
ووجّه شكره إلى الأستاذ يوسف الشميمري، مدير إدارة الالتزام في المركز، تقديراً لدوره في تتبع ورصد المخالفات، والمساهمة الفعالة في كشف هذه الحالة وتوثيقها تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المتورطين.
وأفاد أن المركز يعمل وفق منظومة متكاملة لا تكتفي برصد التجاوزات، بل تسعى إلى التوعية والتثقيف، وإرشاد المجتمع نحو خيارات صحية آمنة معترف بها ومبنية على أطر علمية معتمدة، بعيدة عن الشعوذة أو الدجل أو الاجتهادات الفردية.
الضبط الذي تم الإعلان عنه، يعيد فتح ملف شائك طالما أثار الجدل في المجتمع، خاصة مع انتشار العيادات غير النظامية أو المنازل التي تُمارس فيها هذه الأنشطة بعيدًا عن أعين الرقابة، مستغلين جهل بعض المرضى أو يأسهم من الطب التقليدي.
ورغم الجهود المتواصلة، لا تزال هناك فجوة بين وعي المستفيدين وخطورة اللجوء إلى معالجين غير معتمدين، وهو ما يتطلب حملات توعية أشمل وأقوى، تتجاوز التحذير إلى خلق ثقافة صحية واعية تراهن على الوقاية والتشخيص السليم.
ويشير خبراء إلى أن بعض هذه الممارسات قد تبدو للوهلة الأولى غير ضارة، لكنها في كثير من الأحيان تُؤدي إلى تأخير العلاج الصحيح أو التسبب في تفاقم الحالة المرضية، ما يجعلها من أخطر أشكال الخطر الصامت على الصحة العامة.
ولفت المركز الوطني إلى أن المخالفين سيواجهون العقوبات المنصوص عليها نظامًا، سواء في ما يخص مزاولة المهنة دون ترخيص، أو الإضرار بالغير، أو الإعلان المضلل عن قدرات علاجية وهمية، وهي مخالفات يُنظر إليها بجدية بالغة ضمن القانون الصحي السعوديز.
ويأتي هذا التحرك في وقت تعمل فيه الجهات المعنية على ضبط سوق الطب البديل والتكميلي، الذي وإن كان معترفًا به، إلا أن ممارسته تخضع لاشتراطات صارمة تهدف إلى حماية المريض وتحديد أهلية المعالج والتقنيات المستخدمة.
إن الموازنة بين الحفاظ على الإرث الشعبي في العلاج وضمان الأمان الصحي، تفرض على الجهات التنظيمية مواصلة العمل بحزم، وعلى المجتمع أن يثق فقط بالمصادر المعتمدة، ليكون الجميع شريكًا فاعلًا في مكافحة هذه الظاهرة.