في خطوة مهمة نحو تعزيز الشفافية العقارية وتنظيم الملكيات، أعلنت الهيئة العامة للعقار عن انطلاق المرحلة الجديدة من أعمال التسجيل العيني للعقار في ثلاث من أهم مناطق المملكة، وهي مكة المكرمة، المدينة المنورة، والمنطقة الشرقية، حيث تشمل الحملة أكثر من مئة ألف قطعة عقارية موزعة على عشرات الأحياء.
ونشرت جريدة "أم القرى" الرسمية قرارات الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للعقار، والتي تضمنت تفاصيل دقيقة بشأن الجدول الزمني، وعدد القطع المستهدفة، والمواقع الجغرافية المعنية، وذلك في إطار مساعي الهيئة لتطوير القطاع العقاري وتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 في ترسيخ بيئة عقارية موثوقة.
إقرأ ايضاً:قرارات ملكية تعيد تشكيل خارطة التنمية في حائل وتزج برجال الأعمال في قلب القرارحساب المواطن يُفاجئ المستفيدين بإعلان نتائج دورة يوليو.. تحقق فوراً من أهليتك واستعد للدعم الجديد!
وقد بدأت الهيئة بإعلان بدء التسجيل العيني لـ 50,259 قطعة عقارية موزعة على 21 حيًا في منطقة مكة المكرمة، اعتبارًا من 13 يوليو 2025م، الموافق 18 محرم 1447هـ، على أن تستمر فترة التسجيل حتى 16 أكتوبر 2025م، الموافق 24 ربيع الثاني 1447هـ، مما يعكس اتساع نطاق المبادرة ومدى أهميتها.
أما في المدينة المنورة، فقد تم تحديد ذات الفترة الزمنية لانطلاق التسجيل العيني، حيث سيتم تسجيل 40,496 قطعة عقارية موزعة على 21 حيًا أيضًا، ما يعكس التوزيع المتوازن والنهج المرحلي الذي تتبعه الهيئة لتغطية كافة مناطق المملكة.
وفيما يخص المنطقة الشرقية، كشفت الهيئة عن تسجيل 17,535 قطعة عقارية تغطي 41 حيًا، منها 35 حيًا في محافظة بقيق، و6 أحياء في محافظة الأحساء، مما يعكس شمولية المشروع وتنوع المواقع الجغرافية التي يغطيها ضمن المنطقة الواحدة.
ويأتي هذا الإعلان ليؤكد حرص الهيئة العامة للعقار على تسريع وتيرة تطبيق نظام التسجيل العيني للعقار، الذي يُعد من أهم الأنظمة العقارية في المملكة، حيث يهدف إلى توثيق الملكيات بطريقة موحدة وآمنة، تمنح أصحاب العقارات الطمأنينة القانونية وتحفظ حقوقهم.
ويُعد التسجيل العيني نظامًا يعتمد على تسجيل العقار بصفته كيانًا قائمًا بمواصفاته وحدوده وموقعه، مما يُلغي أي تعارض أو تداخل في الملكيات، وهو ما يسهم بشكل مباشر في خفض النزاعات العقارية وتحقيق الاستقرار في السوق العقاري.
ويتيح النظام للمواطنين الاطلاع على بيانات العقار بشكل دقيق وموثق، كما يتيح التحقق من سلامة الملكية قبل إجراء أي تصرفات بيع أو شراء أو رهن، مما يعزز الثقة بين الأطراف المتعاملة في السوق العقاري.
وقد بدأت الهيئة العامة للعقار بتنفيذ هذا النظام بشكل تدريجي منذ سنوات، وشهدت المناطق التي طُبق فيها انخفاضًا ملحوظًا في عدد القضايا العقارية، وارتفاعًا في جودة البيانات العقارية المتوفرة للجهات الحكومية والمستثمرين.
وتسعى الهيئة، من خلال هذه الخطوة، إلى تعزيز الشراكة مع الجهات الحكومية ذات العلاقة مثل وزارة العدل ووزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، لضمان التنسيق الكامل والدقة في تنفيذ إجراءات التسجيل، وضمان تحديث السجلات العقارية باستمرار.
ويُتوقع أن يسهم التوسع في تنفيذ التسجيل العيني للعقار في جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، نظرًا لما يوفره من أمان قانوني وشفافية في التعاملات، خصوصًا في المناطق الحيوية التي تشهد نموًا عمرانيًا واقتصاديًا متسارعًا.
وتأتي هذه المرحلة امتدادًا لمراحل سابقة تم تنفيذها بنجاح في مناطق أخرى بالمملكة، حيث أكدت الهيئة في تقاريرها السابقة أن نسب الإنجاز تسير وفق المخطط، وأنها مستمرة في تقييم وتحسين الإجراءات بما يتماشى مع تطورات السوق.
وتجدر الإشارة إلى أن التسجيل العيني يسهم أيضًا في تسهيل إجراءات التخطيط العمراني، وتقديم الخدمات البلدية بكفاءة أعلى، كما يسهل على الجهات الممولة تحديد القيمة السوقية الدقيقة للعقار واتخاذ قرارات تمويلية مدروسة.
ويُمثل هذا النظام أداة حيوية في دعم الرقمنة الحكومية، حيث يتم تسجيل البيانات وحفظها إلكترونيًا في نظم حديثة تتيح الوصول السريع للمعلومات، مما يقلل من الاعتماد على الوثائق الورقية ويعزز من كفاءة العمل المؤسسي.
ويعكس هذا التوجه التزام المملكة بتحديث بنيتها التحتية الرقمية والتشريعية بما يخدم مصالح المواطنين ويحفز الاقتصاد الوطني، خصوصًا في ظل التحول الكبير الذي تشهده القطاعات المختلفة نحو الحوكمة الرقمية.
كما تؤكد الهيئة أن التسجيل العيني ليس مجرد إجراء توثيقي، بل هو جزء من مشروع متكامل يستهدف بناء سوق عقارية ناضجة تتمتع بالشفافية والعدالة، وتوفر بيئة موثوقة لحفظ الحقوق وتداول الملكيات بسلاسة.
وفي ظل الإقبال المتزايد على تملك العقار، خاصة في المناطق ذات النمو السريع، تبرز أهمية هذه الخطوة في تنظيم العلاقة بين الملاك والمطورين والمستثمرين، وضمان وجود مرجعية موحدة يمكن الرجوع إليها في حال النزاعات أو الاستفسارات.
وتواصل الهيئة حملاتها التوعوية لتعريف المواطنين والمقيمين بمزايا التسجيل العيني وخطواته، حيث تُشدد على أهمية التفاعل مع الفرق الميدانية وتقديم الوثائق المطلوبة خلال الفترة الزمنية المعلنة، لضمان استكمال التسجيل في الموعد المحدد.
وبهذا الإعلان، تكون الهيئة العامة للعقار قد قطعت خطوة إضافية على طريق بناء قطاع عقاري منظم وشفاف، يعزز ثقة المستثمرين ويخدم مصالح الأفراد، ويضع المملكة في مقدمة الدول التي تنفذ أنظمة تسجيل متقدمة وعصرية.