المسجد النبوي الشريف.

بين روحانية المكان ودقة التقنية .. خريطة تفاعلية تُرشدك داخل المسجد النبوي!

كتب بواسطة: سوسن شرف |

في خطوة تقنية تُعد من أبرز المبادرات التي تهدف إلى تعزيز تجربة زوار المسجد النبوي، أعلنت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي عن إطلاق الخريطة التفاعلية الشاملة للمسجد النبوي وساحاته ومرافقه، وذلك في إطار جهودها المستمرة للارتقاء بجودة الخدمات المقدمة لقاصدي ثاني أقدس مسجد في الإسلام.

وتأتي هذه الخريطة الرقمية لتُشكل نقلة نوعية في مستوى التوجيه والإرشاد داخل المسجد النبوي، حيث تم تصميمها لتتيح للزائرين والمصلين التعرف بدقة على مواقع الخدمات والمرافق المهمة، مثل أماكن الصلاة والمصاعد ودورات المياه ومراكز الإفتاء والإرشاد، مما يعزز من انسيابية الحركة ويُسهّل أداء العبادات بكل يسر وطمأنينة.

إقرأ ايضاً:

"لا مكان للتعصب".. "تنظيم الإعلام" يعلن عن إجراءات حاسمة لضبط الإعلام الرياضيفرصة عالمية من قلب السعودية .. بنك الرياض يطرح شهادات ائتمان بالدولار

ويُنظر إلى هذه المبادرة على أنها إحدى الركائز الأساسية ضمن التحول الرقمي الذي تشهده خدمات الحرمين الشريفين، والذي تسعى من خلاله الهيئة إلى تسخير التقنية الحديثة لخدمة الزوار والمصلين، والارتقاء بتجربتهم الدينية والروحية إلى مستوى أكثر راحة وتنظيمًا وتفاعلاً.

وبحسب ما أعلنته الهيئة، فإن إطلاق الخريطة التفاعلية يأتي استجابة لتنامي الحاجة إلى أدوات ذكية تساعد على التوجيه داخل المسجد النبوي الذي يشهد كثافة بشرية كبيرة على مدار العام، وخصوصًا خلال موسمي الحج والعمرة وشهر رمضان، حيث يصعب أحيانًا الوصول بسهولة إلى المواقع والخدمات من دون مرشد واضح أو توجيه دقيق.

وتُعد الخريطة أداة فعّالة تم تطويرها وفق أحدث تقنيات نظم المعلومات الجغرافية، حيث تعتمد على واجهات بصرية سهلة الاستخدام ومعلومات دقيقة ومتجددة، بما يمكن الزائر من تحديد موقعه والتنقل إلى الوجهة المطلوبة داخل المسجد أو في الساحات المحيطة به من خلال جهازه الذكي.

وتُجسد هذه الخطوة جانبًا من استراتيجية الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي التي تسعى إلى تسخير الابتكار الرقمي لخدمة الزوار، بما يحقق أهداف رؤية المملكة 2030 في تحسين جودة الحياة وتعزيز البنية التحتية للخدمات الدينية.

كما يتكامل هذا المشروع مع بقية المبادرات الرقمية التي أُطلقت مؤخرًا، مثل التطبيقات الذكية للحجز الإلكتروني للزيارة، وخدمات الإرشاد التفاعلي، والبث المباشر للخطط التشغيلية للمسجد، مما يعكس تحولًا رقميًا واسع النطاق في منظومة إدارة الحرمين الشريفين.

وتحمل الخريطة الجديدة بُعدًا عمليًا مهمًا، إذ تُسهّل على كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة التنقل داخل المسجد والساحات بمرونة، من خلال توضيح مواقع المصاعد والممرات المخصصة، مما يجعل من زيارة المسجد تجربة أكثر إنسانية وراحة وشمولية.

وتعمل الهيئة بشكل متواصل على تحديث بيانات الخريطة، بما يشمل التغيرات الطارئة في مواقع الخدمات أو أي تعديلات إنشائية أو تنظيمية داخل المسجد النبوي، وهو ما يضمن دقة المحتوى وفعالية الأداء مع مرور الوقت، ويُعزز من الثقة باستخدامها بين الزوار.

وتأتي هذه المبادرة ضمن سلسلة من الجهود المبذولة لتحسين تجربة الزائر من جميع النواحي، ليس فقط من الجانب التوجيهي، بل أيضًا من النواحي الثقافية والدينية والإدارية، بما يشمل توفير محتوى توعوي وإرشادي بلغات متعددة يخاطب مختلف الثقافات والجاليات الإسلامية.

ويُتوقع أن تُسهم الخريطة في تقليل حالات فقدان الأشخاص داخل المسجد، خاصة في أوقات الذروة، إذ يمكن من خلالها تحديد نقطة الالتقاء أو العثور على المرافق المطلوبة من دون الحاجة إلى طلب المساعدة أو التجول العشوائي داخل المسجد أو ساحاته الواسعة.

كما تعكس هذه الخطوة مدى تطور التفكير المؤسسي لدى الجهات المسؤولة عن الحرمين الشريفين، والتي باتت تنظر إلى التقنية بوصفها أداة مركزية في تحسين الخدمات ورفع كفاءة التشغيل، بدلًا من الاكتفاء بالوسائل التقليدية التي قد لا تواكب حجم التحديات.

ومن خلال هذه الخريطة التفاعلية، يتمكن الزوار من الاطلاع على أبرز المعالم والمواقع داخل المسجد، مثل الروضة الشريفة، والمحراب النبوي، والبقيع، ومواقع بوابات الدخول والخروج، مما يمنح الزائر معرفة مسبقة تسهم في تنظيم خطته داخل المسجد قبل وصوله.

وتحظى هذه المبادرة بدعم فني وتقني من فرق متخصصة في التطوير الرقمي والهندسة الجغرافية، إلى جانب إشراف مباشر من الإدارات التشغيلية بالمسجد النبوي لضمان تطابق المعلومات مع الواقع، ولتوفير الدعم الفني اللازم عند الحاجة.

وتُبرز الخريطة التفاعلية أحد أوجه التطور الذي تشهده منظومة الخدمات المقدمة داخل الحرم النبوي، والتي باتت أكثر اعتمادًا على التقنية الحديثة والاستجابة الفورية، مما يجعل من المسجد النبوي نموذجًا يُحتذى في الإدارة الذكية للأماكن المقدسة حول العالم.

وتسعى الهيئة إلى تعميم مثل هذه الأدوات لاحقًا ضمن خدمات الحرم المكي، وتوسيع نطاق التكامل بين المنصات الرقمية المختلفة، بما يعزز من تجربة الزائر ويمنحه بيئة أكثر تفاعلاً وإيجابية في أداء الشعائر بكل يسر وسهولة.

وقد لاقت الخريطة منذ إطلاقها تفاعلًا واسعًا من قِبل الزوار والمصلين، الذين أشادوا بسهولة استخدامها ودقة محتواها، مما يعكس الأثر الإيجابي لمثل هذه المبادرات في تحسين جودة الخدمات وتعزيز رضا المستفيدين منها.

وتُعد هذه الخطوة مؤشرًا على حرص الهيئة على تحقيق نقلة نوعية في تجربة زيارة المسجد النبوي، من خلال دمج القيم الروحية بالحلول التقنية، مما يجعل من الزيارة رحلة إيمانية متكاملة ومريحة، تتماشى مع طموحات الحاضر وتطلعات المستقبل.