في يوم تاريخي لسوق العملات المشفرة، حطمت عملة بيتكوين جميع أرقامها القياسية السابقة، لتصعد اليوم الجمعة إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، مدفوعة بزخم هائل من محركين رئيسيين، هما الطلب المؤسسي المتزايد، والسياسات الداعمة التي تتبناها الإدارة الأمريكية.
وقد اخترقت أكبر عملة مشفرة في العالم حاجزًا نفسيًا جديدًا، لتصل إلى ذروة بلغت 116,781.10 دولارًا في التعاملات الآسيوية، قبل أن تستقر عند مستويات قريبة من هذا الرقم، محققة بذلك مكاسب تتجاوز 24% منذ بداية العام فقط، ومؤكدة على عودتها القوية كأصل استثماري جاذب.
إقرأ ايضاً:
اشتراطات صحية جديدة.. السعودية تحظر استخدام البيض الطازج في تحضير المايونيز لحماية المستهلكمدينة جازان الصناعية تعلن.. التسجيل مفتوح الآن في ورش مهنية معتمدة داخل أكاديمية جازانويأتي هذا الصعود الصاروخي تتويجًا لعام كامل من التطورات الإيجابية، التي بدأت مع موافقة هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية على إطلاق صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة (ETFs) لعملة بيتكوين، وهي الخطوة التي فتحت الباب على مصراعيه أمام المؤسسات الاستثمارية الكبرى لدخول السوق.
لقد شكلت هذه الصناديق، التي تديرها عمالقة وول ستريت مثل "بلاك روك" و"فيديليتي"، الجسر الذي كانت تحتاجه الأموال المؤسسية للعبور إلى عالم العملات المشفرة بشكل منظم وقانوني، مما أدى إلى تدفقات نقدية مليارية على مدار الأشهر الماضية، وعزز من شرعية بيتكوين كفئة أصول جديدة.
ولم يعد الطلب على بيتكوين مقتصرًا على المستثمرين الأفراد والمضاربين، بل أصبح جزءًا أساسيًا من المحافظ الاستثمارية لصناديق التقاعد، وشركات إدارة الأصول، والبنوك الكبرى، التي باتت تنظر إلى العملة المشفرة كوسيلة للتحوط من التضخم، وأداة لتنويع الاستثمارات.
أما المحرك الثاني لهذا الصعود التاريخي، فيتمثل في التحول الكبير في المشهد السياسي بواشنطن، حيث تبنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سياسات وصفت بأنها الأكثر دعمًا للعملات المشفرة في تاريخ الولايات المتحدة، مما أزال حالة عدم اليقين التنظيمي التي كانت تخيم على القطاع.
فمن خلال سلسلة من القرارات التنفيذية، والتصريحات الداعمة، وتعيين شخصيات مؤيدة للابتكار في المناصب الرقابية الرئيسية، أرسلت الإدارة الأمريكية رسالة واضحة مفادها أنها تعتبر صناعة الأصول الرقمية قطاعًا استراتيجيًا، تسعى لتنميته وجعله مركزًا للابتكار العالمي، بدلاً من محاربته.
وقد ساهم هذا الدعم السياسي في تشجيع المزيد من الشركات على الاستثمار في هذا المجال، ووفر بيئة تنظيمية واضحة، كانت مطلبًا رئيسيًا للقطاع على مدى سنوات، مما أطلق العنان لموجة جديدة من الثقة والنمو.
إن هذا التلاقي بين قوة رأس المال المؤسسي، والدعم السياسي من أقوى دولة في العالم، قد خلق ما وصفه المحللون بـ "العاصفة المثالية" التي دفعت بأسعار بيتكوين إلى هذه المستويات غير المسبوقة، في مشهد يعكس نضجًا كبيرًا للسوق.
ويشير الخبراء إلى أن العوامل الأساسية للسوق قد تغيرت بشكل جذري، فبعد أن كانت الأسعار تعتمد بشكل كبير على معنويات المستثمرين الأفراد، أصبحت الآن مدعومة بأسس مؤسسية قوية، وقبول سياسي واسع، مما يجعلها أكثر استقرارًا وصلابة في مواجهة التقلبات.
كما أن هذا الارتفاع الكبير يثير مجددًا ظاهرة "الخوف من فوات الفرصة" (FOMO) بين المستثمرين الأفراد، الذين يسارعون لدخول السوق لتحقيق مكاسب سريعة، مما يضيف المزيد من الزخم إلى موجة الصعود الحالية.
ويترقب المحللون الآن ما إذا كانت بيتكوين ستتمكن من الحفاظ على هذه المستويات، والانطلاق نحو حواجز نفسية جديدة، أم أنها ستشهد بعض التصحيحات السعرية لجني الأرباح، وهو أمر طبيعي وصحي بعد تحقيق مثل هذه القفزات الكبيرة.
في المحصلة النهائية، لم يعد يوم الجمعة هذا مجرد يوم عادي في تاريخ بيتكوين، بل هو يوم يمثل نقطة تحول، أكدت فيه العملة المشفرة أنها لم تعد أصلًا هامشيًا، بل أصبحت لاعبًا رئيسيًا على الساحة المالية العالمية، مدعومًا من وول ستريت، ومرحبًا به في واشنطن.