المركز الوطني للأرصاد.

وسط تحذيرات واسعة النطاق .. موجة حر خانقة وعواصف ترابية تضرب 8 مناطق في المملكة

كتب بواسطة: رضا سمكي |

تعيش عدة مناطق في المملكة اليوم حالة من عدم الاستقرار الجوي، وسط تحذيرات متقدمة من المركز الوطني للأرصاد، الذي نبه إلى موجة حر شديدة ورياح نشطة محملة بالأتربة والغبار، تؤثر بشكل مباشر على الرؤية الأفقية وسلامة التنقل، وتتفاوت تأثيراتها بين ارتفاع كبير في درجات الحرارة وانعدام شبه تام في مدى الرؤية في بعض المواقع.

وبحسب تقارير المركز الوطني، فإن الحالة الجوية بدأت منذ ساعات الصباح الأولى، وتتوزع آثارها على ثماني مناطق رئيسية، حيث ترافقها تنبيهات من اللون البرتقالي، مما يشير إلى درجة عالية من الخطورة تتطلب توخي الحذر من السكان والمسافرين، خاصة خلال فترات الذروة المناخية المتوقعة على مدار اليوم.

إقرأ ايضاً:

"طيران ناس" يفاجئ "العائلات المسافرة".. وداعاً "لتوتر المطارات".. وهذه هي التجربة الجديدةقرار مرتقب يشعل الجدل .. الاتحاد السعودي يدرس خطوة تاريخية في دوري روشن

وفي المنطقة الشرقية، تستمر الموجة الحارة في السيطرة على أجواء محافظات حفر الباطن، الخفجي، النعيرية، وقرية العليا، حيث سجلت درجات الحرارة مستويات مرتفعة تجاوزت 47 درجة مئوية، وسط أجواء خانقة تزامنت مع بداية تأثير الحالة منذ الساعة الحادية عشرة صباحًا وتستمر حتى الخامسة مساءً، مع توصيات رسمية بتجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس.

أما في منطقة مكة المكرمة، فقد شهدت محافظات الليث والشعيبة تنبيهات برتقالية بسبب الرياح النشطة المثيرة للأتربة، والتي تسببت في شبه انعدام للرؤية الأفقية لمسافات تتراوح بين كيلومتر إلى ثلاثة كيلومترات، في حين تأثرت مناطق أخرى مثل القنفذة، الخرمة، المويه، وتربة برياح مشابهة مصحوبة بعوالق ترابية أدت إلى تدنٍ كبير في الرؤية.

وفي منطقة المدينة المنورة، واجهت محافظات الرايس، خيبر، العيص، وينبع حالة من الرياح النشطة التي تراوحت سرعتها بين 40 إلى 49 كيلومترًا في الساعة، ما انعكس على حركة السير والنشاطات الخارجية، بينما عانت مناطق بدر والمهد من أجواء مغبرة بسبب الأتربة المثارة التي سادت منذ العاشرة صباحًا وحتى الثامنة مساءً.

وتأثرت العاصمة الرياض بحالة من الرياح المثيرة للغبار، شملت السليل ووادي الدواسر، حيث انخفضت الرؤية الأفقية إلى ما بين 3 إلى 5 كيلومترات، ما استدعى دعوات من الجهات المختصة إلى تجنب السفر على الطرق المفتوحة قدر الإمكان، خاصة خلال فترة النهار التي تشهد ذروة الرياح وتأثيراتها.

ومن جهتها، تأثرت منطقة نجران بحالة مركبة من العوالق الترابية والأتربة المثارة، وشملت التأثيرات محافظات شرورة، بدر الجنوب، نجران، ثار، حبونا، خباش، ويدمة، حيث أبلغت الجهات المختصة عن شبه انعدام للرؤية الأفقية، مع تأكيدات بأن التأثيرات ستستمر حتى ساعات المساء، وضرورة اتباع تعليمات السلامة.

وفي منطقة الباحة، امتدت الحالة الجوية لتشمل عددًا كبيرًا من المحافظات مثل بلجرشي، المندق، المخواة، العقيق، بني حسن، والحجرة، حيث تنشط الرياح وتثير الأتربة بشكل واسع، ما أدى إلى تدنٍ واضح في الرؤية إلى ما دون خمسة كيلومترات في كثير من المواقع، وترافق ذلك مع عوالق ترابية سادت في الأجواء معظم اليوم.

وتعرضت منطقة عسير بدورها لرياح نشطة محملة بالغبار، أثرت على بيشة، طريب، القحمة، المجاردة، وبارق، حيث تدنت الرؤية إلى ما دون ثلاثة كيلومترات، ما تسبب في تعطيل بعض النشاطات اليومية، خاصة في المناطق المكشوفة، وسط متابعة حثيثة من الجهات المعنية التي أوصت السكان باتخاذ تدابير الحيطة اللازمة.

أما جازان، فقد شملتها حالة جوية مركبة، حيث اجتمعت الرياح النشطة مع الأتربة المثارة لتصنع أجواء مغبرة في معظم أنحائها، لاسيما في الدرب، بيش، وجازان، حيث رفعت الأرصاد مستوى التنبيه إلى اللون البرتقالي، تزامنًا مع تسجيل شبه انعدام في مدى الرؤية وتسجيل سرعة رياح بلغت 49 كم/ساعة في جزيرة فرسان.

ويأتي هذا التغير الحاد في الطقس ضمن سلسلة من التقلبات الجوية التي تشهدها المملكة خلال فصل الصيف، والتي غالبًا ما تصاحبها موجات من الغبار والعواصف الرملية، وهي ظواهر طبيعية تتكرر بشكل موسمي، لكنها هذا العام بدت أكثر حدة واتساعًا، ما يتطلب مزيدًا من الحذر في التعامل معها.

وحذّر خبراء الأرصاد من أن استمرار مثل هذه الحالات الجوية قد يؤثر على صحة الفئات الحساسة مثل مرضى الربو وكبار السن والأطفال، داعين إلى ضرورة البقاء في الأماكن المغلقة خلال أوقات الذروة، واستعمال الكمامات عند الخروج، وتجنب النشاط البدني في الهواء الطلق عند ارتفاع الأتربة.

ويُشير المتخصصون إلى أن الرياح النشطة المثيرة للغبار تؤثر بشكل كبير على حركة المرور، وتتسبب في حوادث سير متعددة نتيجة انعدام الرؤية المفاجئ في بعض الطرق السريعة، مما يجعل من التزام السائقين بالتعليمات المرورية أمرًا بالغ الأهمية للحد من الحوادث.

كما تتأثر الرحلات الجوية والأنشطة الملاحية في بعض المناطق الساحلية بسبب تدني مستوى الرؤية الأفقية، حيث يتم اتخاذ إجراءات احترازية من قبل الجهات المعنية لضمان سلامة الطيران والنقل البحري، وهو ما يتطلب تنسيقًا مستمرًا بين المركز الوطني للأرصاد والجهات التنفيذية.

وتُشكل مثل هذه الأحوال المناخية تحديًا إضافيًا للجهات البلدية والصحية، حيث يتم التعامل مع آثار الغبار وتقديم الرعاية الطارئة للحالات المصابة بمضاعفات تنفسية، فضلًا عن متابعة أعمال الرش والتنظيف لمكافحة تراكم الأتربة في الطرق والمرافق الحيوية.

وتعمل مراكز الدفاع المدني على رفع الجاهزية الميدانية للتعامل مع البلاغات المرتبطة بالطقس، من خلال تجهيز فرق التدخل السريع والتنسيق مع الجهات المرورية، بهدف السيطرة على أي حوادث قد تنجم عن الانخفاض المفاجئ في مستوى الرؤية الأفقية.

ويُذكر أن هذه الحالة الجوية تأتي امتدادًا لسلسلة من الظواهر المشابهة التي ضربت المملكة في السنوات الماضية خلال شهور الصيف، إلا أن المؤشرات المناخية هذا العام توضح أن شدتها قد تكون غير مسبوقة على بعض المناطق، ما يستدعي رصدًا دقيقًا ومتابعة لحظية لمستجدات الأجواء.

ويواصل المركز الوطني للأرصاد إصدار تحديثات متلاحقة على مدار الساعة، داعيًا جميع المواطنين والمقيمين إلى متابعة النشرات الرسمية والابتعاد عن مصادر المعلومات غير الموثوقة، والالتزام بالإرشادات الوقائية لتفادي تأثيرات هذه الموجة الحادة.