الطلاق المبكر يثير قلق السعوديين

من وعود الحب إلى الطلاق المبكر.. أين ينهار الزواج السعودي؟

كتب بواسطة: احمد قحطان |

تشهد السعودية تزايدًا لافتًا في حالات الطلاق المبكر، حيث باتت بعض الزيجات لا تصمد أكثر من شهر أو اثنين، رغم ما يسبقها من وعود بالحب وتكاليف مالية ضخمة تبدأ بالمهر ولا تنتهي بحفلات الزفاف وشهر العسل، ما يطرح تساؤلات عميقة حول مدى نضج العلاقات قبل الزواج، وقدرة الطرفين على التعايش وتجاوز صدمة الواقع اليومي بعد انتهاء "الفترة الوردية".

ووفقًا لأحدث الإحصائيات الرسمية الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء، فقد سجلت المملكة نحو 57,595 صك طلاق خلال عام 2020، بنسبة زيادة وصلت إلى 12.7% مقارنة بالعام الذي سبقه، في حين كشفت البيانات أن أكثر من 65% من هذه الحالات وقعت خلال السنة الأولى من الزواج، ما يعكس خللًا واضحًا في التفاهم المبكر أو اختيار الشريك المناسب.

إقرأ ايضاً:

بعد خروج الهلال.. فلاح القحطاني يطالب النصر بالانسحاب من السوبر السعودينحو سفر مؤسسي أذكى.. الخطوط السعودية تعزز خدمات ما بعد الوصول

وتبرز قصص شخصية عديدة لضحايا الطلاق السريع، حيث يروي الشاب فهد العتيبي، البالغ من العمر 29 عامًا، تجربته التي لم تستمر أكثر من 45 يومًا، قائلاً إن الخلافات بدأت بعد أسبوع من الزفاف، مؤكداً أن التفاهم كان مفقودًا تمامًا رغم الاستعدادات الضخمة التي سبقت الزواج. فيما تعترف ريم القحطاني، 25 عامًا، بأنها وقعت ضحية "خداع الحب"، بعد أن اكتشفت أن زوجها لا يملك مهارات الحوار ولا يستوعب مفهوم المسؤولية داخل المنزل، ما أدى لانفصالهما بعد أقل من 40 يومًا.

أما أحمد الريثي، فيروي قصة "شهر العسل الفاشل"، موضحًا أن الزوجين لم يكونا مستعدين نفسيًا للحياة المشتركة، حيث كان كل طرف يحمل تصورًا مختلفًا عن الزواج، فانتهت العلاقة دون أي نقطة التقاء، بعد أن اصطدمت الرومانسية بالواقع القاسي، على حد وصفه.

وتعليقًا على هذه الظاهرة المتكررة، أكد الأخصائي الاجتماعي أحمد النجار أن ارتفاع حالات الطلاق المبكر يعكس أزمة في النظرة إلى الحياة الزوجية، حيث يغيب الوعي الحقيقي والاستعداد النفسي لدى كثير من المقبلين على الزواج، فضلًا عن مثالية مفرطة تظهر خلال الخطوبة، وتنهار فور الاصطدام بتفاصيل الواقع اليومي. وأضاف أن هناك أسبابًا متكررة تقف خلف هذا الانفصال المبكر، أبرزها التكاليف المالية الباهظة، وسوء الاختيار المبني على معرفة سطحية، إلى جانب تدخلات أسرية مفرطة، وافتقار الطرفين إلى مهارات التواصل وحل المشكلات.

وأشار النجار إلى أن الزواج ليس مناسبة اجتماعية مؤقتة تنتهي بانقضاء مراسم الاحتفال، بل هو مشروع حياة يتطلب وعيًا واستعدادًا نفسيًا ومجتمعيًا، مؤكدًا على أهمية تعزيز برامج التأهيل للمقبلين على الزواج، وبناء منظومة دعم إرشادي تحصّن الأسر الجديدة من الانهيار المبكر.