أثار إعلان الجيش الباكستاني حول عقد اجتماع طارئ لهيئة القيادة الوطنية حالة من الجدل داخل الأوساط السياسية والإعلامية في البلاد، وذلك بعد أن نفى وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف وجود أي موعد محدد لهذا الاجتماع، الهيئة التي تُعد أعلى سلطة لاتخاذ القرارات الأمنية في باكستان، تشمل قيادات مدنية وعسكرية، وتُعنى خصوصاً بالملفات الاستراتيجية، وعلى رأسها الملف النووي.
الجيش الباكستاني أعلن في بيان رسمي أن رئيس الوزراء شهباز شريف وجّه دعوة لعقد هذا الاجتماع في ظل تصاعد التوتر مع الهند، خاصة بعد تعرض ثلاث قواعد جوية باكستانية لهجمات صاروخية هندية، وفقاً لما أعلنه المتحدث العسكري.
الهجمات استهدفت مواقع عسكرية حساسة من بينها قاعدة قريبة من العاصمة إسلام آباد، تقع في محيط مقر قيادة الجيش، ما دفع السلطات الأمنية والعسكرية إلى رفع درجة التأهب القصوى، ورغم أهمية الحدث وخطورته، فاجأ وزير الدفاع خواجة آصف المتابعين بنفيه التام لما ورد في بيان الجيش، مؤكداً في مقابلة تلفزيونية أن الهيئة لم تُستدعَ للاجتماع، وأنه لم يتم تحديد أي موعد لها حتى اللحظة.
هذا التصريح الذي جاء من أحد أبرز المسؤولين المدنيين في البلاد، عكس حالة من التباين الواضح في المواقف داخل المؤسسة الحاكمة، ما أثار تساؤلات حول التنسيق بين الجهات المدنية والعسكرية في باكستان، خاصة في وقت بالغ الحساسية من الناحية الأمنية والاستراتيجية.
في سياق متصل عبّر وزير التخطيط الباكستاني أحسن إقبال شودري عن موقف بلاده من التصعيد المتبادل مع الهند، مشيراً إلى أن باكستان "تكره أن ترى تجاوزاً للعتبة النووية"، في إشارة إلى رفض إسلام آباد اللجوء إلى السلاح النووي في أي نزاع إقليمي. وأضاف أن الأمل لا يزال قائماً في إمكانية خفض التوتر والعودة إلى طاولة الحوار والدبلوماسية، داعياً الهند إلى تجنب التصعيد والانخراط في مسار سياسي يحافظ على الاستقرار في جنوب آسيا.
الموقف الرسمي المتضارب داخل باكستان أثار ردود فعل واسعة خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسم الشارع الباكستاني بين من يرى أن نفي وزير الدفاع يعكس حرص الحكومة على تهدئة الأوضاع، وبين من يخشى أن يكون هناك غياب حقيقي للتنسيق بين القيادات المدنية والعسكرية، وهو ما قد يضع البلاد في موقف أكثر ضعفاً أمام التصعيد الهندي.
الهجمات الصاروخية التي لم يصدر بشأنها تأكيد رسمي من الجانب الهندي، تأتي بعد أيام من تصاعد التوتر على خلفية هجوم شهدته مدينة باهالغام في الجزء الخاضع لسيطرة الهند من إقليم كشمير، والذي أدى إلى ردود فعل غاضبة من الجانب الهندي، متهمة باكستان بدعم جماعات مسلحة تنشط في المنطقة.
مع استمرار حالة الشد والجذب تترقب الأوساط الإقليمية والدولية ما إذا كانت باكستان ستتخذ خطوات أكثر حسماً، أم أنها ستبقي الباب مفتوحاً أمام المساعي الدبلوماسية في محاولة لتفادي انزلاق الأوضاع نحو مواجهة مباشرة.