انطلقت في سوريا مبادرة وطنية جديدة تحمل اسم "برق نت"، أطلقتها وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات، في خطوة تهدف إلى تغيير واقع الإنترنت في البلاد جذريًا.
المشروع الذي طال انتظاره، يأتي كمحاولة جادّة لسد فجوة البنية التحتية الرقمية وتقديم خدمة إنترنت فائقة السرعة تستجيب لحاجات الحياة اليومية ومتطلبات الاقتصاد الرقمي.
إقرأ ايضاً:فرصتك للدراسة في السعودية.. جامعة نجران تفتح باب المنح لغير السعوديين!ماجد الجمعان يكسر الصمت بعد الإقالة.. ويتوعد النصر بالملاحقة القضائية!
يرتكز "برق نت" على تقنية FTTP، أي توصيل الألياف الضوئية مباشرة إلى المنازل والمكاتب، ويهدف إلى توفير اتصال سريع ومستقر يعتمد على الشبكة الوطنية "سيلك لينك" التي ما تزال قيد الإنشاء.
ومن خلال هذا الربط المباشر، سيتمكن المواطن من الاستفادة من خدمات التعليم عن بعد، والعمل عبر الإنترنت، ومجالات الترفيه والتجارة الإلكترونية بجودة تضاهي المعايير العالمية.
المرحلة الأولى من المشروع ستنطلق خلال أسابيع، على أن تغطي في عامها الأول غالبية المناطق الحضرية، فيما تهدف الخطة الأوسع إلى إيصال الخدمة إلى 85% من المنازل والمؤسسات خلال عامين فقط.
أما المناطق النائية والمهدمة، فسيتم تغطيتها باستخدام تقنية FWA اللاسلكية لضمان وصول الخدمة بشكل متوازن.
المشروع الذي وصف بأنه نقطة تحوّل، لن يكون تنفيذًا حكوميًا خالصًا، بل يعتمد على نموذج شراكة بين القطاعين العام والخاص، مع فتح المجال للشركات المحلية والعالمية المتخصصة لتقديم حلولها، بشرط الالتزام بمعايير عالمية صارمة في المعدات والبنية
التحتية. كما أُعلن أن الشركات الوطنية ستحصل على فرص في تنفيذ أعمال التمديد، في خطوة ستُسهم في خلق فرص عمل وتدوير العجلة الاقتصادية المحلية.
تقنيًا، يعتمد "برق نت" على نموذج VULA الذي يتيح فصل البنية التحتية عن الخدمات، وهو ما يفتح الباب أمام مزودي الإنترنت لتقديم عروض متقدمة للمستخدمين، في ظل منافسة مفتوحة على تقديم الأفضل من حيث الجودة والتكلفة.
ويهدف هذا التوجه إلى كسر احتكار الخدمة وتحفيز الابتكار، بما يخدم المستخدم النهائي ويعزز الثقة في السوق.
وزير الاتصالات عبد السلام هيكل، وصف المشروع بأنه تأسيس حقيقي لإنترنت "بسرعة البرق" يتلاءم مع حاجات السوريين، سواء في الدراسة أو العمل أو الترفيه، مؤكدًا أن المشروع لن يكون مجرد تحسين لخدمة الإنترنت، بل نقلة نوعية في البنية التحتية الرقمية ستفتح المجال أمام مشاريع ذكية واستثمارات رقمية على مستوى عالٍ.
وفي سياق متصل، دعت الوزارة الشركات الراغبة في الدخول ضمن الشراكة إلى تقديم عروضها قبل منتصف يوليو المقبل، مشيرة إلى إمكانية الاطلاع على التفاصيل التقنية من خلال موقعها الإلكتروني أو عبر البريد المخصص للمراسلات، وهو ما يشير إلى جدية الوزارة في استقطاب أفضل العروض والبدء الفوري بالتنفيذ.
"برق نت" ليس مجرد مشروع تقني، بل رهان استراتيجي على أن تكون الرقمنة أحد محركات الاقتصاد السوري خلال السنوات القادمة، من خلال إشراك القطاع الخاص، وخلق بيئة تنافسية، واستهداف كل فئات المجتمع بخدمات متطورة.
ولعل نجاح هذا المشروع سيكون مؤشراً فارقًا على قدرة البلاد على اللحاق بركب الاقتصاد الرقمي في زمن تتسابق فيه الأمم على التطوير والتحوّل التكنولوجي.