في مشهد يعكس التزام المملكة العربية السعودية بالتحول البيئي وتعزيز الاستدامة، يواصل المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر جهوده في تنفيذ مشاريع طموحة للتشجير في المنطقة الشرقية، التي تُعد من أكثر المناطق تنوعًا من حيث البيئة والموقع الجغرافي، وتشكل هذه الجهود جزءًا محوريًا من مبادرة "السعودية الخضراء"، التي تهدف إلى تحقيق تحول بيئي شامل يسهم في تحسين جودة الحياة ومكافحة التغير المناخي.
وقد أسفرت هذه الجهود حتى الآن عن زراعة أكثر من 31،2 مليون شجرة في المنطقة الشرقية، بالتعاون مع أكثر من 51 جهة من القطاعين الحكومي والخاص، إضافة إلى منظمات غير ربحية، وتُعد هذه الشراكات نموذجًا للتكامل المؤسسي والمجتمعي في تحقيق الأهداف البيئية، وتعكس رغبة مشتركة بين القطاعات المختلفة للحد من التصحر وتعزيز الغطاء النباتي في المملكة.
إقرأ ايضاً:بسعر لا يقاوم.. احصل على أصغر قرص تخزين آمن في العالم بـ 78 دولاراً لفترة محدودة!أقوى من حاسوبك المحمول! هواوي تستعد لإطلاق أول هاتف في تاريخها بذاكرة 20 غيغابايت.. وداعاً للبطء!
ينفّذ المركز رؤيته البيئية من خلال خطة بعيدة المدى تمتد إلى عام 2100، وتقوم على تنفيذ 40 مبادرة موزعة على أربعة نطاقات رئيسية للتشجير: البيئي، الزراعي، الحضري، والمواصلات، وتستهدف الخطة زراعة ما يصل إلى 1،5 مليار شجرة في المملكة، إلى جانب إعادة تأهيل أكثر من 7،9 ملايين هكتار من الأراضي المتدهورة، وتخصيص 121 ألف هكتار من الأراضي القابلة للتشجير، منها 75 ألف هكتار مرتبطة بمحطات المعالجة و71 ألفًا ضمن برامج الاستدامة.
وتعمل هذه المبادرات وفق أسس علمية دقيقة، حيث يستند المركز في تخطيطه إلى دراسات ميدانية ومسوحات بيئية تحدد الأماكن الأنسب للتشجير، وفقًا للأنظمة البيئية والمناخية والتوزيع الجغرافي، ومن خلال هذا النهج، يتم اختيار الأنواع النباتية المحلية التي تتلاءم مع طبيعة المنطقة، ما يعزز من فرص نجاح النمو الطبيعي للأشجار، ويقلل من الحاجة إلى تدخلات خارجية أو استنزاف للموارد.
وتُبرز المؤشرات البيئية الحديثة تحسنًا ملحوظًا في كثافة الغطاء النباتي في الشرقية، مما ينعكس بشكل مباشر على خفض درجات الحرارة وتحسين جودة الهواء وتقليل العواصف الترابية، كما تسهم هذه النجاحات في تقوية البنية التحتية البيئية للمنطقة، وتحقيق التوازن البيئي من خلال إعادة تأهيل المناطق المتدهورة وحماية الغابات والمتنزهات الوطنية من التعديات.
وبجانب التشجير، يولي المركز اهتمامًا كبيرًا للرقابة البيئية ومنع الممارسات الضارة بالغطاء النباتي، مثل الاحتطاب الجائر والتعدي على المناطق الطبيعية، وذلك من خلال تفعيل أنظمة الرقابة الحديثة وتوظيف التقنيات الجغرافية ونظم المعلومات، فضلاً عن تعزيز التوعية المجتمعية بأهمية الحفاظ على البيئة والمشاركة في عمليات التشجير، كما يتضمن الإطار التنفيذي للمركز إشراك المجتمعات المحلية في زراعة الأشجار والعناية بها، ما يخلق شعورًا بالمسؤولية البيئية لدى السكان.
وتتمثل إحدى ركائز نجاح هذه المبادرات في استخدام الموارد المائية المتجددة في عمليات التشجير، بما يتماشى مع التحديات المناخية التي تواجهها المملكة، كما يتم التركيز على مفهوم "الحلول الطبيعية للمناخ"، من خلال تكثيف زراعة الأشجار لامتصاص ثاني أكسيد الكربون، مما يدعم جهود المملكة في تقليل الانبعاثات الكربونية، والتصدي لآثار التغير المناخي على المستويين الإقليمي والعالمي.
ويُعَد مركز الغطاء النباتي أحد الأذرع التنفيذية المهمة لتحقيق مستهدفات مبادرة السعودية الخضراء، حيث لا يقتصر دوره على الزراعة فقط، بل يشمل أيضًا حماية المواقع الطبيعية، وإعادة تأهيل الغابات، والإشراف على المراعي، وحوكمة أنشطة الرعي، كما يمثل ركيزة بيئية أساسية تسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية من خلال خلق فرص جديدة في قطاعات الزراعة والبيئة والسياحة البيئية، بما يواكب تطلعات رؤية السعودية 2030 لتحسين جودة الحياة وضمان مستقبل أكثر استدامة للأجيال القادمة.