في يوم اتسم بلهيب الصيف الحارق، واصلت درجات الحرارة ارتفاعها في معظم مناطق المملكة اليوم الاثنين، حيث أصدر المركز الوطني للأرصاد تنبيهًا متقدمًا من موجة حارة تضرب أجزاءً من المنطقة الشرقية، بينما سجلت مدن أخرى في المنطقتين الوسطى والغربية درجات حرارة قياسية.
وقد تصدرت مدينة الدمام قائمة المدن الرئيسية الأعلى حرارة، بتسجيلها ستًا وأربعين درجة مئوية، وهي نفس الدرجة التي تم تسجيلها في كل من الخرج ووادي الدواسر، مما يوضح أن موجة الحر لم تقتصر على منطقة واحدة، بل امتدت لتشمل مساحات شاسعة من البلاد.
إقرأ ايضاً:
"وزارة الداخلية": عبر "أبشر توظيف".. هكذا تعرف نتيجة قبولك في كلية الملك فهد الأمنية"الذهب الأسود يواصل الصعود".. ارتفاع طفيف للنفط في بداية جلسة الاثنينوأوضح المركز في تقريره اليومي، أن التأثير الأشد لهذه الموجة الحارة سيتركز على أجزاء من المنطقة الشرقية، وتحديدًا في الخفجي والنعيرية وحفر الباطن وقرية العليا، حيث من المتوقع أن تصل درجات الحرارة هناك إلى مستويات تتراوح بين سبع وأربعين وثمان وأربعين درجة مئوية.
إن هذا التنبيه، الذي يستمر تأثيره حتى الساعة الخامسة من مساء اليوم، يستدعي أعلى درجات الحيطة والحذر من سكان هذه المناطق، ويدعوهم إلى تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس بشكل كامل خلال فترة الذروة، والتي تمتد من الحادية عشرة صباحًا وحتى الخامسة مساءً.
ولم تكن العاصمة الرياض بمنأى عن هذه الأجواء شديدة الحرارة، حيث سجلت خمسًا وأربعين درجة مئوية، في يوم صيفي مرهق يتطلب الإكثار من شرب السوائل والمياه، والبحث عن الأماكن الباردة والمكيفة قدر الإمكان.
وفي المدينتين المقدستين، وصلت درجات الحرارة إلى مستويات مرتفعة أيضًا، حيث سجلت مكة المكرمة أربعًا وأربعين درجة، بينما سجلت المدينة المنورة ثلاثًا وأربعين درجة، مما يضيف تحديًا إضافيًا لقاصديهما من الزوار والمعتمرين في هذا الوقت من العام.
وعلى ساحل البحر الأحمر، سجلت مدينة جدة اثنتين وأربعين درجة مئوية، وهي درجة حرارة مرتفعة تزداد وطأتها مع ارتفاع نسب الرطوبة التي تتميز بها المناطق الساحلية، مما يزيد من الشعور بالإرهاق الحراري.
وفي تناقض مناخي فريد ومثير للدهشة، كانت المرتفعات الجنوبية الغربية تعيش في عالم آخر، حيث سجلت مدينة الباحة تسعًا وعشرين درجة مئوية، بينما سجلت أبها إحدى وثلاثين درجة، لتمثل هاتان المدينتان واحة من الاعتدال والبرودة، وملاذًا للباحثين عن الهروب من لهيب الصيف.
إن هذا الفارق الكبير في درجات الحرارة بين شرق المملكة وجنوبها الغربي، يعكس التنوع الجغرافي والمناخي الهائل الذي تتمتع به المملكة، ويبرز جمال المصايف السعودية التي تعد وجهة مثالية للسياحة الداخلية خلال فصل الصيف.
وتأتي هذه الموجة الحارة كجزء من دورة المناخ الطبيعية في شهر يوليو، الذي يعد الشهر الأكثر حرارة في العام على منطقة شبه الجزيرة العربية، حيث تكون الشمس في أعلى نقطة لها، وتطول ساعات النهار، مما يساهم في اكتساب الأرض لدرجات حرارة عالية جدًا.
وتؤكد الجهات الصحية بشكل مستمر في مثل هذه الأوقات، على ضرورة إيلاء عناية خاصة لكبار السن والأطفال، ومرضى الأمراض المزمنة، والعمال الذين تقتضي طبيعة عملهم البقاء في الخارج، حيث إنهم الفئة الأكثر عرضة لمخاطر الإجهاد الحراري وضربات الشمس.
ويواصل المركز الوطني للأرصاد دوره الحيوي في مراقبة الأجواء وإصدار التنبيهات اللازمة، والتي تساهم بشكل كبير في رفع مستوى الوعي المجتمعي، وتمكين الأفراد والجهات من اتخاذ الاستعدادات اللازمة للتعامل مع الظروف الجوية القاسية.
في المحصلة النهائية، وبينما يكتوي جزء كبير من الوطن بحرارة الصيف الشديدة، هناك جزء آخر ينعم بالبرودة والاعتدال، في لوحة طبيعية فريدة، تتطلب من الجميع التكيف مع ظروف منطقته، واتباع إرشادات السلامة، لتمر هذه الموجة الحارة بسلام.