تصعيد إسرائيلي جديد في غزة

إلى متى سيستمر التصعيد الإسرائيلي في غزة دون رادع؟

كتب بواسطة: حسن بكري |

يشهد قطاع غزة منذ منتصف مارس/آذار الجاري تصعيدًا عسكريًا إسرائيليًا مكثفًا، إذ كثّف جيش الاحتلال عملياته البرية والجوية والبحرية على امتداد القطاع، ما أسفر عن آلاف الضحايا ودمار شامل للمرافق المدنية. ووفقًا لإحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية، تجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين منذ بدء الحرب 52.6 ألف قتيل، معظمهم من النساء والأطفال، كما أصيب عشرات الآلاف بجراح. وتتواصل كذلك عمليات الإجلاء القسري من شمال وجنوب غزة إلى مناطق أقل تصعيدًا، في ظل تحذيرات أممية من أن أي نقل قسري للسكان يشكل “تهجيرًا عنصريًا” يفاقم معاناة المدنيين.  

في ميدان المعركة، استهدف القصف الإسرائيلي مناطق مأهولة بكثافة سكانية. فقد استشهد 17 شخصًا يوم الأربعاء الماضي جراء غارة بطائرة مسيرة على مطعمين شعبيين في شارع الوحدة بغزة، بينما قتل 13 مدنيًا آخر في غارة استهدفت مدرسة الأونروا الكرامة شرقي المدينة. ووثقت المستشفيات الفلسطينية مقتل 9 مواطنين وإصابة آخرين بقصف مماثل استهدف بلدة بيت لاهيا شمال القطاع. وخلال الساعات الماضية، واصلت الطائرات الحربية الإسرائيلية قصفها مناطق متفرقة؛ إذ أعلن مستشفى فلسطيني استشهاد 3 أشخاص في غارة على مخيم النصيرات المركزي. كما أفاد بيان لوزارة الصحة بأن حوالي 23 فلسطينيًا قتلوا في غارات ليلية لاحقة، بينهم أفراد من أسرة كاملة قضوا في خيمة سكنية وسط غزة وأربعة عمال قتلوا في قصف لمستودع تابع لوكالة غوث الأونروا شمال القطاع.  

إلى ذلك، تجددت الاشتباكات في رفح جنوب القطاع، حيث ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن انفجارًا ضخمًا أدى إلى مقتل وإصابة جنود من لواء غولاني أثناء محاولتهم إبطال مفعول عبوة ناسفة في المدينة. وأكدت كتائب القسام (الجناح العسكري لحماس) عبر بيان لها أنها فجّرت عبوة استهدفت دورية عسكرية إسرائيلية شرقي رفح، ما أسفر -بحسب البيان- عن سقوط قتلى إسرائيليين ووجود جثث مفصّمة للجنود في موقع الانفجار.  

وعلى الصعيد السياسي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن المرحلة المقبلة من العملية العسكرية ستُعنى بهزيمة حماس و"نقل سكان غزة" جنوبًا . وصادق مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي مؤخرًا على خطة توسع الحملة، تقضي بتعبئة عشرات آلاف من قوات الاحتياط وسيطرة كاملة للجيش على توصيل الغذاء والوقود إلى القطاع. وبدوره أكد رئيس الأركان إيال زامير أن هدف الجيش هو "إعادة أسرانا" وتحقيق هزيمة حماس، بينما دافع قادة إسرائيليون عن الحصار واتهَّموا حماس بـ"مصادرة" المساعدات الغذائية وإعادة بيعها، وهو ما نفته الحركة تمامًا.  

على الطرف المقابل، أدانت الفصائل الفلسطينية بشدة هذه الخطط. فقالت حماس إن استخدام إسرائيل للمساعدات كأداة تفاوضية هو "ابتزاز سياسي" محمّلةً قوات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن "الكارثة الإنسانية" في غزة. وأكد قيادي بحركة حماس أن الشعب الفلسطيني "لا خيار له سوى تحقيق صفقة شاملة" تتضمن هدنة و"انسحابا كاملا" للإسرائيليين من القطاع، محذرا من أن أي محاولة لفرض تنازلات عبر مزيد من القتل ستفشل.  

بدورها، أبدت الأوساط الدولية قلقها المتصاعد من التطورات. حيث حذر خبراء أمميون من ضرورة التحرك العاجل لوقف ما وصفوه بـ"إبادة" الفلسطينيين في غزة. ووصف المتحدث باسم الأمم المتحدة خطة إسرائيلية محتملة للإسراع بتوسيع الحملة بأنها ستؤدي إلى سقوط مزيد من الضحايا المدنيين، مؤكدًا أن غزة "جزء أصيل" من الدولة الفلسطينية المستقبلية. وفي الاتحاد الأوروبي، جددت بروكسل دعوتها إسرائيل إلى رفع الحصار فورا والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون شروط، محذرةً من أن آليات توزيع جديدة تخضع لسلطة أجهزة عسكرية تتعارض مع المبادئ الإنسانية.