موجة حر تضرب شرق السعودية

موجة حر تضرب شرق السعودية.. والأحساء تسجل 49.3 درجة

كتب بواسطة: حكيم حميد |

شهدت المملكة العربية السعودية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية موجة حر غير مسبوقة وضعتها في صدارة مشهد الطقس العالمي، بعدما احتلت مدينتان سعوديتان مراتب متقدمة ضمن قائمة أكثر المدن سخونة في العالم، فقد سجلت مدينة الأحساء، الواقعة في المنطقة الشرقية، درجة حرارة بلغت 49.3 مئوية، لتتبوأ بذلك المرتبة الثانية عالميًّا والأولى محليًّا، في مؤشر جديد على اشتداد حدة الظروف المناخية الصيفية في المنطقة هذا العام، وتلتها مدينة الدمام، التي سجلت 48.2 درجة مئوية، لتحل سابعًا على مستوى العالم، في تطور يعكس تصاعدًا ملحوظًا في درجات الحرارة شرق البلاد.

يأتي ذلك وسط تحذيرات متواصلة من المركز الوطني للأرصاد في السعودية، الذي دعا إلى توخي الحيطة والحذر نظرًا لاستمرار الموجة الحارة، ووجّه عبر منصته الرسمية على "إكس" تنبيهات شديدة اللهجة للسكان في المنطقة الشرقية، مطالبًا بعدم التعرض المباشر لأشعة الشمس، خاصة في فترات الذروة الممتدة من الظهيرة وحتى العصر، والتي تشهد فيها درجات الحرارة ذروتها القصوى، كما أوصى بضرورة اتباع الإرشادات الوقائية لتفادي التعرض لضربات الشمس أو الإنهاك الحراري، لا سيما لفئة العمال الميدانيين وكبار السن.
إقرأ ايضاً:ولي العهد السعودي يرحب باتفاق وقف إطلاق النار ويشدد على الحوار الدبلوماسي3 أندية عربية تودع كأس العالم للأندية مبكرًا في النسخة الموسعة بأميركا

اللافت أن قائمة المدن الأعلى حرارة لم تقتصر على السعودية وحدها، بل ضمت ست مدن عربية أخرى، تنوعت جغرافيًا بين الخليج وشمال إفريقيا وبلاد الشام، مما يطرح تساؤلات علمية وبيئية حول تصاعد الظواهر المناخية المتطرفة في العالم العربي، ووفق بيانات موقع "أوجيمت" المتخصص في رصد درجات الحرارة القصوى والدنيا حول العالم، جاءت من بين المدن الست كل من مدينة في الإمارات، وأخرى في الكويت، بالإضافة إلى مدينة جزائرية، وعراقية، وعُمانية، ما يشير إلى اتساع نطاق الموجة الحارة في المنطقة العربية بأسرها.

وتُعد هذه الظاهرة امتدادًا لما يعرف علميًا بالتغيرات المناخية التي باتت تضرب مناطق واسعة من العالم، خصوصًا المناطق الصحراوية وشبه الجافة مثل الجزيرة العربية وشمال إفريقيا، إذ تسجل هذه المناطق، عامًا بعد عام، درجات حرارة قياسية، مما يعزز المخاوف من التأثيرات بعيدة المدى لهذه التغيرات، سواء على البنية التحتية، أو الصحة العامة، أو الزراعة والاقتصاد، ويجعل من الضروري وضع سياسات مناخية واستراتيجية متكاملة لمواجهة تحديات المستقبل.

ومع هذا التصاعد الملحوظ في درجات الحرارة، تبرز الحاجة الملحة إلى تفعيل الخطط الوطنية الخاصة بالتعامل مع الكوارث المناخية، لا سيما تلك التي تستهدف حماية الفئات الهشة، كالأطفال والمسنين والمرضى، بالإضافة إلى توفير بيئات عمل آمنة للعمال في القطاعات المكشوفة، ويُعد التبريد الصناعي، والإمداد المائي الكافي، والتهوية الجيدة، عناصر أساسية ينبغي تعزيزها في المنشآت العامة والخاصة خلال فترات موجات الحر القاسية.

ومن جانب آخر، تبرز أهمية دور وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية في نشر الوعي بين المواطنين والمقيمين حول سبل الوقاية والتعامل الصحيح مع موجات الحرارة، بدءًا من اختيار أوقات الخروج والعودة، مرورًا بارتداء الملابس المناسبة، وانتهاءً بتحديد الأنشطة المسموح بها خلال فترات الذروة، كما ينبغي تعزيز المحتوى الإرشادي بلغات متعددة لتغطية التنوع السكاني في المملكة والخليج.

ولا يُستبعد أن تتكرر مثل هذه الظواهر الحادة أو تشتد خلال الأسابيع القادمة، بحسب تقديرات مراكز الأرصاد الإقليمية والدولية، خاصة مع اقتراب فصل الصيف ووصول درجات الحرارة إلى مستويات قياسية مبكرة، وتشير هذه المعطيات إلى ضرورة المتابعة المستمرة لنشرات الأرصاد، وتحديث أنظمة التنبؤ المبكر، التي تُعد خط الدفاع الأول في التكيف مع آثار الطقس الحاد، والحد من خسائره على المستويين البشري والمادي.

في النهاية، يبقى تسجيل مدن سعودية ضمن الأعلى حرارة في العالم إنذارًا واضحًا لا يمكن تجاهله، يدعو إلى اتخاذ خطوات عاجلة تتجاوز حدود التحذيرات اليومية، لتصل إلى مستوى التخطيط الإستراتيجي الشامل لمواجهة التحديات المناخية المتزايدة، التي باتت تتطلب تعاونًا محليًا وإقليميًا وعالميًا حقيقيًا، قبل أن يتحول هذا التغير في درجات الحرارة من ظاهرة موسمية إلى واقع دائم يصعب احتواؤه.