في خطوة بيئية نوعية تعكس التزام المملكة بالحفاظ على التنوع الحيوي، حقق نادي الصقور السعودي إنجازًا غير مسبوق من خلال برنامجه الوطني "هدد"، الذي أثمر عن زيادة ملحوظة في أعداد صقور "الوكري" المهددة بالانقراض.
فقد ارتفع عدد هذه الصقور إلى 14 صقرًا بعد أن كانت لا تتجاوز زوجين فقط في وقت سابق، مما يُعدّ إنجازًا كبيرًا يُسلّط الضوء على الجهود المستدامة للحفاظ على هذا الكائن الفريد ضمن بيئته الطبيعية.
إقرأ ايضاً:" كانسيلو وبرشلونة"..هل ينوي الرحيل عن الأهلي بعد نهاية المونديال؟! كشف الحقيقة!تطور جديد في موقف الهلال من ضم أوسيمين ... فماذا حدث؟!
ويُعتبر صقر "الوكري" من أندر السلالات المتواجدة في المملكة، وأكثرها عرضة لخطر الاندثار، نظرًا للتغيرات البيئية الجذرية، والممارسات التي أضرت بتوازن النظم البيئية خلال السنوات الماضية.
وفي هذا السياق، أكد المتحدث الرسمي باسم نادي الصقور السعودي، وليد الطويل، أن النادي تبنّى خطة علمية متكاملة تضمنت رعاية دقيقة، وإعادة توطين مدروسة، وبرامج إطلاق دورية للصقور في بيئاتها الأصلية.
وأشار الطويل إلى أن هذا الإنجاز لا يقتصر على كونه عملية إحياء لفصيلة مهددة فقط، بل يحمل بعدًا وطنيًا وثقافيًا يُجسد أحد الأوجه المضيئة لرؤية السعودية 2030، والتي تضع ضمن أهدافها الكبرى حماية البيئة وتعزيز استدامة الموارد الطبيعية.
كما أن النادي يعمل على دمج هذه الأهداف مع مبادئ الصقارة التقليدية، بوصفها تراثًا عريقًا متجذرًا في الثقافة السعودية.
ويُعدّ برنامج "هدد" أحد أبرز مبادرات نادي الصقور السعودي، إذ يُعنى برصد وتتبع الصقور، وتحديد أماكن تكاثرها، وتوفير الدعم البيئي والطبي لها، فضلًا عن توعية الصقارين بأهمية الإفراج عن الصقور المهددة بدلاً من استخدامها في الصيد أو الاتجار، مما أسهم بشكل مباشر في تقليل الضغط على الأنواع النادرة.
كما يسعى النادي إلى تحويل نجاحه المحلي إلى نموذج إقليمي وعالمي في حماية الكائنات البرية المعرضة للانقراض، من خلال توسيع نطاق التعاون مع مؤسسات بحثية ومراكز مختصة بحماية الحياة الفطرية.
ويرى القائمون على المشروع أن إشراك المجتمع المحلي في هذه الجهود يعزز من فرص استمراريتها، ويحولها إلى ثقافة عامة يتشاركها المواطنون والمقيمون على حد سواء.
ويحرص نادي الصقور السعودي على تنظيم فعاليات سنوية، من أبرزها مزاد الصقور ومهرجان الصقور، التي تستقطب آلاف الزوار وتُسلّط الضوء على أهمية الصقور في التراث العربي، كما تُتيح فرصًا للتثقيف البيئي من خلال معارض، وورش عمل، ومنصات تفاعلية تُبرز دور الصقور في التوازن البيئي.
ويواصل النادي جهوده لإحياء ما يُعرف بـ"المواكر الطبيعية"، وهي مواقع تاريخية كانت تُعدُّ موائل طبيعية للصقور في مناطق معينة من المملكة، ويتم ذلك من خلال دراسة النمط الجغرافي والهيدرولوجي لتلك المناطق، وإعادة تأهيلها لتكون ملائمة لاستقبال وتكاثر الصقور، ما يمنح المشروع بعدًا مستدامًا طويل الأمد.
ولا يُعد هذا الإنجاز نهاية الطريق، بل خطوة أولى ضمن مسيرة ممتدة نحو تعزيز الوعي البيئي، وإعادة رسم خريطة الحياة الفطرية في المملكة، فزيادة أعداد صقور الوكري ليست مجرد رقم يُضاف إلى إحصاءات الحفظ البيئي، بل هي شهادة حيّة على إمكانية إعادة التوازن إلى الطبيعة حين تتكامل الجهود العلمية والرؤية الوطنية والعمل المجتمعي.