حذّرت دراسات طبية حديثة من عادة شائعة يمارسها كثيرون دون وعي بعواقبها، وهي تناول الطعام بسرعة، حيث بيّنت الأبحاث أن هذه السلوكيات الغذائية قد تكون مفتاحًا خفيًا لظهور أمراض خطيرة يصعب علاجها على المدى الطويل.
وأشارت النتائج إلى أن من يتناولون وجباتهم بسرعة يكونون أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والسكري من النوع الثاني، إلى جانب اضطرابات الجهاز الهضمي والسمنة، وهي مجموعة أمراض تُعرف طبيًا باسم "القاتل الصامت".
إقرأ ايضاً:
اللاعب "حسم قراره".. "أوسيمين" يبلغ نابولي بوجهته القادمة ويضغط لإتمام الصفقة"وجبة فطور يومية وصحية" لكل طالب.. "مجلس الشورى السعودي" يطالب "التعليم" بتطبيق هذا القرار الهاميعتقد كثيرون أن سرعة الأكل أمر طبيعي بسبب ضغوط الحياة اليومية أو ضيق الوقت، لكن الخبراء يؤكدون أن هذه العادة تحرم الجسم من إشارات الشبع الطبيعية التي يرسلها الدماغ، مما يؤدي إلى الإفراط في الأكل دون الشعور.
وذكرت الدراسات أن المعدة تحتاج إلى نحو 20 دقيقة لإرسال إشارات الامتلاء إلى المخ، وأن الأكل بسرعة يمنع هذا التواصل الحيوي، ما يتسبب في تناول كميات كبيرة من الطعام دون وعي حقيقي بالجوع أو الحاجة الغذائية.
وحذرت الأبحاث من أن هذه العادة تُحدث خللًا في عملية التمثيل الغذائي، وتؤثر سلبًا على قدرة الجسم على حرق الدهون، ما يؤدي تدريجيًا إلى تراكم الوزن وحدوث مقاومة للأنسولين، وهو ما يفتح الباب أمام مرض السكري.
كما أن البلع السريع دون مضغ كافٍ يسبب عسرًا في الهضم، وغازات وانتفاخات مزعجة، إضافة إلى احتمالات الإصابة بارتجاع المريء والتهابات المعدة، وهي مشاكل صحية يمكن تفاديها فقط بتعديل بسيط في وتيرة الأكل.
وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين يتناولون طعامهم ببطء، ويمنحون أجسامهم وقتًا كافيًا للاستجابة، يحققون توازنًا أفضل في الوزن، ويشعرون بالرضا الغذائي بشكل أسرع، مما يقلل من احتمالات الإفراط والتخمة.
وحث الباحثون على تدريب النفس على بطء الأكل من خلال تقنيات بسيطة مثل وضع الملعقة بين اللقيمات، أو مضغ الطعام ببطء، أو حتى ممارسة الأكل الواعي، وهي طرق أثبتت فعاليتها في إعادة التوازن السلوكي أثناء تناول الطعام.
وشددت الدراسات على أهمية بيئة الأكل في التأثير على سلوك الشخص، في الجلوس بهدوء دون تشتيت، والابتعاد عن الشاشات والإجهاد أثناء الأكل، كلها عوامل تساعد على تنظيم الوجبة وتبطئ عملية الأكل بشكل تلقائي.
وخلص الباحثون إلى أن هذه العادة السيئة مرتبطة أيضًا بمستوى التوتر النفسي، فالأشخاص القلقون أو المتوترون يميلون للأكل بسرعة كوسيلة لا شعورية للتفريغ، وهو ما يعمّق المشكلة الصحية ويضيف إليها أبعادًا نفسية.
وأكد المختصون أن الأمر لا يتعلق بكميات الطعام فقط، بل بطريقة تناوله، ما يجعل بطء الأكل سلوكًا وقائيًا فعالًا يستحق أن يتحول إلى عادة يومية، خاصة في ظل تزايد الأمراض المزمنة المرتبطة بنمط الحياة الحديث.
وشدد الأطباء على أن التوعية بسلوكيات الأكل يجب أن تبدأ منذ الصغر، وتعليم الأطفال تناول الطعام بهدوء ومن دون استعجال، هو استثمار صحي طويل الأمد، يمكن أن يجنبهم كثيرًا من المخاطر لاحقًا.
ويرى المختصون أن الحل لا يحتاج إلى تدخلات دوائية أو برامج مكلفة، بل هو في يد كل شخص يقرر أن يمنح وجبته القليل من الوقت والتركيز، لتكون سببًا في صحته لا مصدرًا لمعاناته.
ويأمل الباحثون أن تسهم هذه الدراسات في دفع الناس لإعادة النظر في عاداتهم الغذائية اليومية، وأن تكون خطوة نحو حياة صحية أكثر ووقاية فعلية من أمراض تتسلل بهدوء إلى أجسامهم بسبب عادة تبدو بسيطة.