أطلقت شركة ميتا المالكة لتطبيق فيسبوك اختباراً جديداً لميزة تقنية أثارت جدلاً واسعاً في أوساط المستخدمين والمتخصصين في الخصوصية الرقمية حيث تعتمد هذه الميزة على رفع الصور ومقاطع الفيديو الخاصة بالمستخدمين إلى خوادم سحابية حتى وإن لم يتم نشرها فعلياً على المنصة.
ويظهر التنبيه عند محاولة رفع قصة عبر التطبيق حيث تطلب الواجهة من المستخدم تفعيل ما يُعرف باسم "المعالجة السحابية" وهو خيار يمنح فيسبوك صلاحية كاملة للوصول إلى معرض الصور في الهاتف وتحميل الوسائط بشكل تلقائي ومستمر.
إقرأ ايضاً:
بعد انتهاء إعارته: الغموض يحيط بمستقبل العقيدي والفتح يبحثتراجع مفاجئ يهز السوق.. المؤشر السعودي يتراجع إلى 11277 نقطة!وتشير التقارير التقنية إلى أن المواد التي يتم رفعها عبر هذه الخاصية تخضع لتحليل دقيق باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تفكك البيانات المرفقة مثل التوقيت والموقع وملامح الوجه لتوليد اقتراحات تلقائية تتعلق بالمناسبات الشخصية.
وتروج الشركة للميزة باعتبارها وسيلة ذكية لتقديم تجربة استخدام أكثر تخصيصاً للمناسبات الاجتماعية مثل أعياد الميلاد والتخرج وغيرها لكنها في المقابل لم تقدم تفاصيل واضحة بشأن كيفية استخدام تلك البيانات في نماذج الذكاء الاصطناعي.
وتقول ميتا إن الميزة اختيارية ويمكن للمستخدم إيقافها في أي وقت كما تَعِد بحذف جميع الوسائط التي يتم رفعها إلى خوادمها خلال ثلاثين يوماً من تعطيل الخيار ولكنها لم تنفِ أو تؤكد استخدام هذه البيانات في تدريب أنظمتها المستقبلية.
ويخشى مراقبون أن يؤدي هذا الغموض إلى استغلال بيانات المستخدمين دون علمهم الفعلي خاصة في ظل تصاعد القلق العالمي من استخدام المواد الشخصية في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي التي تُبنى على كمّ هائل من المعلومات والصور.
وتطرح هذه الخطوة تساؤلات جديدة حول حدود الخصوصية الرقمية في المنصات الاجتماعية ومدى قدرة المستخدمين على التحكم الفعلي في المحتوى الشخصي الذي يتجاوز النشر الطوعي ليشمل المعالجة في الخلفية دون وعي مباشر.
ويرى مختصون في أمن المعلومات أن منح التطبيق صلاحية الوصول الشامل إلى محتويات الهاتف يشكل مخاطرة واضحة حتى وإن كان الغرض المعلن هو تحسين تجربة المستخدم إذ إن مثل هذه الأذونات يمكن إساءة استخدامها بسهولة.
ولا تزال ميتا تواجه انتقادات واسعة منذ سنوات بسبب سجلها الحافل بقضايا الخصوصية وتسريب البيانات ما يجعل أي تحديث يتضمن جمعاً إضافياً للبيانات محل شك وتساؤل حتى من قبل المدافعين عن التكنولوجيا.
وبينما تروج الشركة لتقنيات المعالجة السحابية على أنها نقلة نوعية في تخصيص المحتوى فإن ذلك لا يُخفي حجم القلق الذي تسببه آليات التخزين والتحليل التي قد تخرج عن سيطرة المستخدم بعد تفعيلها لمرة واحدة.
ويؤكد باحثون أن عدم وضوح ما إذا كانت الصور المحفوظة تُستخدم فعلاً في تدريب النماذج الذكية يجعل من هذه الميزة سيفاً ذا حدين فهي قد تُحسن التجربة من جهة لكنها تنطوي على اختراق لخصوصية الأفراد من جهة أخرى.
ويرى آخرون أن تفعيل هذه الميزة قد لا يكون خياراً حقيقياً في ظل الأسلوب الذي تظهر به النافذة المنبثقة والذي قد يضغط المستخدم على قبوله من دون قراءة التفاصيل الدقيقة أو فهم العواقب التقنية.
ويطالب عدد من الجهات الرقابية بتدخل فوري من السلطات التنظيمية لمراجعة بنود الاستخدام المتعلقة بهذه الميزة والتأكد من عدم تجاوزها للمعايير القانونية الخاصة بحماية البيانات الشخصية في البيئات الرقمية.
ويبدو أن الاختبار الجديد الذي بدأته ميتا سيفتح الباب مجدداً أمام موجة من النقاشات الحادة حول أخلاقيات تطوير الذكاء الاصطناعي والحدود الفاصلة بين التخصيص المشروع وبين التطفل الرقمي غير المبرر على الحياة الخاصة للمستخدم.