الشيخ الدكتور سعد الخثلان.

تصريح جديد للشيخ الخثلان يثير تفاعلًا حول ضوابط لباس المرأة

كتب بواسطة: ليلى حمادة |

أعاد تصريح جديد للشيخ الدكتور سعد الخثلان، رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية وعضو هيئة كبار العلماء سابقًا، الجدل حول قضية الحجاب ولباس المرأة في المجتمع، وذلك بعد أن أوضح رأيه الفقهي في مسألة ارتداء المرأة البنطال تحت العباءة، مبينًا الضابط الشرعي الذي يجب مراعاته في هذا السياق، وهو ما لقي صدى واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي.

وفي مقطع فيديو تم تداوله خلال الساعات الماضية، قال الشيخ الخثلان إن على المرأة المسلمة أن تلتزم بلباس لا يبرز مفاتنها ولا يثير الفتنة، مؤكدًا أن ما كان ساترًا محتشمًا فهو الذي ينبغي أن ترتديه المرأة، مضيفًا أن هذا هو الضابط العام الذي يحكم لباس المسلمة سواء كان تحت العباءة أو خارجها.

إقرأ ايضاً:

منافسات عالمية وتجارب استثنائية .. الرياض ترحب بالعالم مع انطلاق كأس العالم للرياضات الإلكترونية"بعد ثيو هيرنانديز".. اهتمام سعودي كبير بثنائي جديد من ميلان

وأشار إلى أن ارتداء البنطال تحت العباءة لا يعد محظورًا بحد ذاته، إذا ما كان ساترًا وغير ملفت، إلا أن الحكم يختلف بحسب طبيعة البنطال، فبعض الأنواع قد تكون ضيقة بشكل يحدد الجسد، أو قد توصف بأنها لباس شهرة، مما يدخلها في دائرة الكراهة أو التحريم بحسب الحال والمقصد.

ولفت الخثلان إلى أن الفتنة قد لا تكون باللباس وحده، بل بكيفية ارتدائه وملاءمته للستر والحشمة، مؤكدًا أن الإسلام لا يمنع المرأة من ارتداء ما تشاء ضمن الضوابط، بل يشجع على اللباس الذي يصون كرامتها ويحفظ عفتها، وهو ما نصت عليه الشريعة في أكثر من موضع.

كما وجّه الشيخ رسالة صريحة لمن يربط بين الأخلاق فقط دون اعتبار للالتزام الديني، مؤكدًا أن القول بأن العبرة بالأخلاق دون الحجاب قول غير صحيح، فالأخلاق لا تنفع إن لم يكن هناك تمسك بالدين، بحسب تعبيره، مشيرًا إلى أن المظهر الخارجي يعد انعكاسًا لقيم داخلية يجب أن تكون متناسقة ومتسقة.

وأضاف أن الحجاب لا يمثل فقط قطعة قماش تغطي الجسد، بل هو تعبير عن هوية المرأة المسلمة وامتثالها لأمر الله تعالى، مبينًا أن اللباس في الإسلام لا ينفصل عن منظومة القيم والأخلاق والاعتقاد، بل يشكل جزءًا من تعاليم الشريعة التي تنظم حياة الإنسان في أدق تفاصيلها.

وأكد الشيخ أن هناك محاولات من بعض الأصوات للتقليل من أهمية الحجاب وربطه بالعادات أكثر من الدين، مشددًا على أن هذا الطرح مخالف للنصوص الشرعية التي تواترت في الكتاب والسنة على وجوب ستر المرأة لجسدها، بعيدًا عن المبالغة أو التهاون، مشيرًا إلى أن الفهم الوسطي هو ما تحتاجه المجتمعات الإسلامية اليوم.

ورغم أن حديث الخثلان جاء في سياق إجابة شرعية، إلا أنه أثار جدلًا واسعًا بين مؤيدين اعتبروا التصريح توضيحًا مهمًا يعكس الفقه المعتدل، ومعارضين رأوا فيه تشديدًا غير مبرر على خيارات النساء في اللباس، خصوصًا في ظل التغيرات الاجتماعية التي تشهدها المنطقة في السنوات الأخيرة.

وفي تعليقات عبر مواقع التواصل، طالب البعض بتوسيع دائرة النقاش حول الموضوع، وربطه بسياق اجتماعي وثقافي أوسع، بينما رأى آخرون أن العودة للضوابط الدينية في مسائل الحجاب أمر ضروري للحفاظ على هوية المجتمع، مؤكدين أن الحداثة لا تعني التنازل عن الثوابت الشرعية.

وتأتي تصريحات الشيخ الخثلان في وقت يشهد فيه النقاش حول الحجاب تطورات متسارعة، لا سيما في ظل تنوع الآراء بين العلماء والدعاة حول بعض التفاصيل المتعلقة بلباس المرأة، ما يجعل من كل تصريح أو توضيح مادة قابلة للنقاش والتحليل عبر منصات الإعلام والتواصل.

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها الشيخ الخثلان عن مسائل اللباس والحجاب، فقد سبق له في مناسبات متعددة أن أوضح موقف الشريعة من هذه القضايا، داعيًا إلى الاعتدال والابتعاد عن الغلو في كل الاتجاهات، مع الالتزام بروح النصوص دون التهاون في الأوامر الواضحة.

ويُعد الشيخ الخثلان من أبرز العلماء في المملكة الذين لهم حضور إعلامي ومجتمعي، حيث عرف بأسلوبه الهادئ في الطرح، وحرصه على توصيل الأحكام الشرعية بلغة ميسرة تراعي فقه الواقع، ما جعله مرجعًا موثوقًا لدى شريحة واسعة من المتابعين.

ورغم ذلك، يبقى الجدل حول اللباس في المجتمعات الإسلامية قائمًا، نتيجة تداخل الثقافات والانفتاح الإعلامي، وهو ما يفرض على المؤسسات الدينية والاجتماعية مضاعفة الجهد لتقديم خطاب شرعي واضح، يجمع بين الأصالة والمعاصرة، دون أن يفقد توازنه أمام ضغط التيارات المختلفة.

ويتوقع أن تستمر التفاعلات حول هذا التصريح خلال الأيام المقبلة، خاصة مع تصاعد النقاشات الموسمية التي تتجدد في فترات معينة، مثل بداية العام الدراسي أو المناسبات الدينية والاجتماعية، التي تشهد عادة ارتفاعًا في اهتمام الجمهور بموضوعات الهوية والالتزام.

وفي ختام حديثه، شدد الشيخ على أهمية توعية الفتيات بضوابط اللباس الشرعي دون تنفير أو تعنيف، داعيًا إلى الحوار الهادئ والنصح بالحكمة والموعظة الحسنة، وهو ما يتطلب تضافر الجهود بين الأسرة، والمدرسة، والإعلام، في سبيل بناء وعي متوازن لدى الأجيال القادمة.