طور باحثون في جامعة سيتشينوف الطبية الروسية تطبيقًا مبتكرًا يعتمد على تقنية الواقع الافتراضي، بهدف دعم علاج المرضى الذين يعانون من الاكتئاب، واضطرابات القلق، والاضطرابات النفسية الجسدية، في خطوة تمثل نقلة نوعية في مجال العلاج النفسي باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة.
ويعتمد هذا التطبيق على دمج التمارين النفسية السلوكية مع مؤثرات بصرية وسمعية داخل بيئة افتراضية، تتيح للمريض التفاعل بصورة أعمق وأكثر فاعلية مقارنة بالأساليب التقليدية.
إقرأ ايضاً:
مدينة جازان الصناعية تعلن.. التسجيل مفتوح الآن في ورش مهنية معتمدة داخل أكاديمية جازان"لغة المستقبل في فصولنا".. السعودية تدرج الذكاء الاصطناعي في مناهج التعليم العامويقوم المريض أثناء الجلسة العلاجية بارتداء نظارات الواقع الافتراضي، ليجد نفسه داخل مشهد مريح نفسيًا، مثل مناظر طبيعية خلابة أو غرف علاجية ذات طابع هادئ، وخلال تواجده في هذه البيئة الافتراضية، تظهر أمامه شخصية بشرية افتراضية.
تؤدي دور المعالج النفسي، وتقدم له توجيهات علاجية بأسلوب بصري تفاعلي، لا يقتصر على مجرد الإرشاد الصوتي، بل يتضمن كذلك تمثيلًا مرئيًا لكيفية تنفيذ التمارين السلوكية أو العضلية المطلوبة.
ويؤكد دميتري بيتيلين، الأستاذ المساعد في قسم الطب النفسي والاضطرابات النفسية الجسدية بجامعة سيتشينوف، أن هذه التقنية لا تهدف فقط إلى جعل العلاج أكثر جاذبية من الناحية التفاعلية، بل تسهم أيضًا في رفع معدلات الاستجابة العلاجية لدى المرضى، خاصة أولئك الذين يواجهون صعوبة في التركيز أو التفاعل مع الجلسات التقليدية.
وأضاف بيتيلين أن من أبرز جوانب فاعلية هذا التطبيق هو اعتماده على إيضاح كيفية أداء تمارين التنفس العميق أو استرخاء العضلات التدريجي، حيث يمكن للمريض أن يرى أمامه – بشكل افتراضي – العضلات التي ينبغي شدها أو إرخاؤها، ما يساعده على فهم آلية التمرين وتطبيقه بدقة.
وأشار الباحثون إلى أن المنهجية الأولى التي تم اعتمادها في هذا التطبيق خضعت لتجربة سريرية مبدئية، وقد أظهرت نتائج مشجعة، تمثلت في تحسّن واضح لدى المرضى من حيث مستوى التوتر والانزعاج، بالإضافة إلى تقبّلهم لهذا النوع من العلاج التكنولوجي، ويعمل فريق البحث حاليًا على توسيع نطاق البرنامج، ليشمل سيناريوهات علاجية إضافية تستهدف طيفًا أوسع من الاضطرابات النفسية والسلوكية.
ويأتي هذا الابتكار في ظل التوجه العالمي المتزايد نحو دمج تقنيات الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي في الحقول الطبية، لا سيما في مجالات العلاج السلوكي والنفسي، حيث يُنظر إلى هذه التقنيات كأدوات داعمة تسهم في تحسين نتائج العلاج وخفض الاعتماد على الأدوية، إلى جانب تقليل الفجوة بين المريض والمعالج.
وتُعد هذه المبادرة الروسية نموذجًا لنجاح التكامل بين التكنولوجيا الحديثة وعلوم الطب النفسي، مما يمهد الطريق أمام مستقبل يُبنى على العلاج التفاعلي المُعزز رقمياً.