شهدت أسواق المال العالمية تحركات متباينة اليوم الأربعاء، حيث انخفضت أسعار الذهب بشكل ملحوظ بينما استقرت أسعار النفط قرب أعلى مستوياتها في أسبوعين، مدفوعة بالاتفاق التاريخي بين الولايات المتحدة والصين على خفض مؤقت للرسوم الجمركية المتبادلة، الأمر الذي أسهم في تخفيف حدة التوتر التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم وأثر بشكل مباشر على أداء الأسواق العالمية.
وفي سياق تطورات أسعار النفط، سجلت العقود الآجلة لخام برنت انخفاضاً طفيفاً بقيمة 10 سنتات أو ما يعادل 0.15% لتستقر عند 66.53 دولار للبرميل، في حين تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار سبعة سنتات أو ما نسبته 0.11% ليصل إلى 63.60 دولار للبرميل، وذلك بعد أن شهد كلا الخامين القياسيين ارتفاعاً ملحوظاً تجاوز 2.5% في جلسة التداول السابقة، وهو ما يعكس حالة من الاستقرار النسبي في أسواق الطاقة العالمية بعد فترة من التذبذب الحاد الذي شهدته الأسواق خلال الأسابيع الماضية.
وجاء هذا التطور الإيجابي في أعقاب الاتفاق التاريخي الذي أعلن عنه أول أمس الاثنين بين واشنطن وبكين، والذي نص على تعليق الحرب التجارية بين البلدين لمدة لا تقل عن 90 يوماً، حيث خفضت الولايات المتحدة الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات الصينية من 145% إلى 30%، بينما قلصت الصين في المقابل الرسوم الجمركية على الواردات الأمريكية من 125% إلى 10% فقط، في خطوة تعكس رغبة الطرفين في تخفيف حدة التوتر التجاري وفتح صفحة جديدة من العلاقات الاقتصادية المتوازنة بينهما، وهو ما أثر بشكل إيجابي على مؤشر الدولار الأمريكي الذي انخفض بنسبة 0.67% أمس الثلاثاء، بعد أن أظهرت بيانات اقتصادية أن معدل التضخم في الولايات المتحدة جاء أقل من المتوقع، ما أدى إلى تراجع قيمة الدولار وانخفاض تكلفة النفط بالنسبة لحائزي العملات الأخرى، الأمر الذي عزز الطلب على الخام في الأسواق العالمية.
وفي المقابل، شهدت أسعار الذهب انخفاضاً ملحوظاً اليوم، إذ تراجع الإقبال على أصول الملاذ الآمن بشكل عام مع انحسار التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين، حيث انخفض سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.7% ليصل إلى 3226.11 دولار للأوقية (الأونصة)، كما تراجعت العقود الأمريكية الآجلة للذهب بنسبة 0.6% مسجلة 3229.50 دولار، وتأتي هذه التراجعات في وقت تترقب فيه الأسواق المالية مجموعة جديدة من بيانات التضخم للحصول على مؤشرات واضحة بشأن مسار السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي خلال الفترة المقبلة.
وتشير البيانات الاقتصادية الصادرة عن وزارة العمل الأمريكية إلى أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع بنسبة 0.2% فقط خلال شهر أبريل الماضي، وهو ما جاء دون توقعات الاقتصاديين الذين رجحوا ارتفاعه بنسبة 0.3% بعد التراجع الذي سجله في مارس الماضي بنسبة 0.1%، وفي هذا السياق، يترقب المتعاملون في الأسواق المالية بيانات مؤشر أسعار المنتجين المقرر صدورها غداً الخميس، والتي من شأنها أن تقدم مؤشرات أكثر وضوحاً حول المسار المستقبلي لأسعار الفائدة الأمريكية، حيث تتوقع الأسواق خفض أسعار الفائدة بمقدار 53 نقطة أساس خلال العام الجاري، بدءاً من سبتمبر المقبل، علماً بأن الذهب يعد تقليدياً وسيلة تحوط فعالة ضد التضخم، ويشهد انتعاشاً ملحوظاً عندما تكون أسعار الفائدة منخفضة.
أما بالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، فقد شهدت الفضة انخفاضاً في المعاملات الفورية بنسبة 0.8% لتصل إلى 32.61 دولار للأوقية، في حين استقر البلاتين عند مستوى 988.65 دولار، بينما تراجع البلاديوم بنسبة 0.9% ليصل إلى 948.60 دولار، مما يعكس تأثر أسواق المعادن النفيسة بشكل عام بالتطورات الاقتصادية العالمية وتحسن مؤشرات الثقة في الأسواق المالية مع انحسار التوتر التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم.