جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية

ابتكار سعودي يغيّر قواعد الزراعة زيادة المحاصيل 200% وبدون طاقة!

كتب بواسطة: ليلى حمادة |

أعلن فريق علمي من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) عن تحقيق اختراق تقني في مجال الزراعة المستدامة، من خلال تطوير نظام تبريد هجيني مبتكر ساهم في رفع إنتاجية المحاصيل الزراعية بنسبة وصلت إلى 200% داخل مستنبتات صغيرة في بيئات حارة وجافة كالموجودة في المملكة العربية السعودية.

ويعتمد هذا الابتكار على استخدام تركيبة فريدة تجمع بين غطاء بلاستيكي نانوي عالي الأداء ونشارة عضوية قابلة للتحلل، ما يُسهم في خفض درجات الحرارة داخل المستنبتات الزراعية دون الحاجة إلى أي مصدر طاقة كهربائي، وهو ما يمثّل تحولًا نوعيًا في آليات الزراعة في المناطق القاحلة.

الابتكار الجديد الذي نُشرت تفاصيله مؤخرًا في الدورية العلمية "نيكسس" (Nexus)، يأتي في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى حلول زراعية قادرة على مواجهة تحديات المناخ والندرة المائية، لا سيما في مناطق كالشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وقد أظهرت التجارب التي أجراها فريق البحث أن هذه التقنية المزدوجة نجحت في خفض درجات الحرارة داخل المستنبتات بما يصل إلى 25 درجة مئوية مقارنة بالبيئة المحيطة، ما وفّر مناخًا أكثر ملاءمة لنمو النباتات وتحقيق عوائد إنتاجية أعلى بكثير من المعدلات المعتادة.

وأشار البروفيسور تشياو تشيانغ غان، أستاذ في جامعة كاوست وأحد المطورين الرئيسيين للغطاء النانوي، إلى أن معظم الأنظمة التقليدية لتبريد البيوت المحمية تعتمد على استهلاك كميات كبيرة من الطاقة، ما يزيد من التكاليف والانبعاثات الكربونية.

أما التقنية الجديدة، فتُعد صديقة للبيئة وتعتمد على تصميم ذكي يسمح بمرور الضوء المرئي المفيد للنباتات ويمنع في الوقت ذاته الأشعة تحت الحمراء التي ترفع حرارة المستنبت دون أن تساهم في نمو النبات.

ويستند هذا الغطاء إلى مادة البولي إيثيلين الشفافة المدعّمة بجسيمات نانوية تمتص الأشعة الضارة، مع الحفاظ على الحد الأقصى من الضوء اللازم لعملية التمثيل الضوئي.

إلى جانب الغطاء المتقدم، قام فريق البحث أيضًا بتطوير نوع جديد من النشارة الأرضية المصنوعة من مواد عضوية قابلة للتحلل، صُممت لتعكس الأشعة الشمسية وتقليل سخونة التربة، مع ضمان تفككها الطبيعي على مدى الوقت دون ترك مخلّفات بلاستيكية.

وقد أكد الباحث يانبي تيان المصمم الرئيسي لهذه النشارة، أن النشارة البلاستيكية التجارية تُخلّف سنويًا نحو 1.5 مليون طن من النفايات حول العالم، يُعاد تدوير أقل من 40% منها، فيما تترك كميات مقلقة من الجسيمات الدقيقة في التربة التي قد تنتقل لاحقًا إلى السلسلة الغذائية، مما يثير مخاطر بيئية وصحية متزايدة.

تم اختبار النظام المزدوج بزراعة الملفوف الصيني في مستنبتات تجريبية صغيرة ضمن أراضي المملكة، وجاءت النتائج لتؤكد فاعلية التقنية بشكل لافت مقارنة بالأنظمة التقليدية، سواء من حيث خفض الحرارة أو من حيث زيادة الإنتاج.

وبناءً على هذه النتائج الواعدة، يعتزم الفريق البحثي في كاوست توسيع نطاق التجارب لتشمل مستنبتات أكبر ومحاصيل زراعية متنوعة، في خطوة تعكس التزام الجامعة بتعزيز الابتكار الزراعي وتحقيق الاستدامة البيئية في المملكة والمنطقة عمومًا.

ويُعد هذا الإنجاز إضافة جديدة لسجل كاوست الحافل في مجالات البحث العلمي والتقنيات التطبيقية، ويؤكد مرة أخرى قدرة العقول السعودية على تطوير حلول مستقبلية تسهم في معالجة بعض من أكبر التحديات التي تواجه البشرية، وفي مقدمتها الأمن الغذائي وتغيّر المناخ.